أكد محمد علي النسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان في حوار لـ «العرب»، أن تعامل قطر مع أزمة الحصار «نموذجي»، بعيداً عن أي «تسييس» لملف حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن حضور المفوضية لمؤتمر حرية التعبير هو انحياز للديمقراطية وليس لدولة قطر، وأن المؤتمر بعيد عن أي «تسييس»، بدليل غياب أي حضور رسمي قطري في افتتاح المؤتمر. وأكّد النسور رفض المفوضية لمطالب دول الحصار بإغلاق قناة الجزيرة، مشدّداً على أن المواطن العربي الوحيد من يملك قرار مقاطعة قناة إخبارية وليس أية جهة أخرى، ولا ينبغي لأي خلاف في الرأي أو خلاف سياسي أن يمتد إلى الإعلام، محذّراً في الوقت ذاته من أن منطقة الخليج تشهد خطاب كراهية، واستهدافاً للأقليات، وحديثاً طائفياً بشكل غير مسبوق، يستهدف النسيج الاجتماعي لشعوب الخليج.. وتفاصيل أخرى تطالعونها في نص الحوار التالي. ما أهمية انعقاد المؤتمر في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة، بحضور أزيد من 200 مشارك؟ نحن في المفوضية السامية لحقوق الإنسان دوماً ندافع عن حرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان بصفة عامة، وأهمية هذا المؤتمر أنه يأتي في ظل ظروف الأزمة الخليجية الراهنة، والمطالبة بإغلاق شبكة قنوات الجزيرة، ومن حيث المبدأ نحن في المفوضية السامية نعتبر دوماً أن حرية الرأي والإعلام والتعبير حرية مقدسة، وأن الخلاف في الرأي، أو أي خلاف سياسي، لا ينبغي أن يمتد إلى الإعلام، سواء تعلق الأمر بشبكة الجزيرة أو غيرها ما تعليقكم على مبررات دول الحصار لإغلاق الجزيرة، بحجة أنها قناة محرضة على العنف؟ لست بصدد الحديث عن الأسباب السياسية، لكن المبدأ هو ما يهمنا، أن تطالب بإغلاق وسيلة إعلامية بغض النظر عن الرسالة الإعلامية التي تبثّها أي مؤسسة، فالأصل أن تطالب بنقاش الرسالة الإعلامية للمؤسسة وليس إغلاقها، وللعلم، العام الماضي كنّا في خلاف مع قناة الجزيرة حول تغطية المفوضية لانتهاكات حقوق الإنسان، لأن قناة الجزيرة الإخبارية اعتبرت أن تقاريرنا غير موضوعية، وعلى الرغم من ذلك، حينما تعلّق الأمر بمطالب لإغلاق قناة الجزيرة، وقفنا مع القناة. وما أريد قوله هنا: إننا قد نختلف مع مؤسسة إعلامية، ونحاورها، لكن لا يمكن أن نطالب بإغلاقها، لأن هذا الأمر خطير. كيف كان رد فعل دول الحصار على رفضكم لإغلاق الجزيرة؟ كانت هناك ردود فعل تنصبّ على أساس أن خطاب الجزيرة يدعم العنف، ونحن احترمنا رأي دول الرأي الأخرى، لكن موقفنا مبدئي. وما تعليقكم على التحريض الذي قامت به وسائل إعلام تابعة لدول الحصار ضد قطر، وما رافقه من قذف وشتائم ومساس بالأعراض؟ هذا الموضوع بيد المختصين الإعلاميين للحديث عن مستوى التحريض، وما نقوله نحن في المفوضية إن المنطقة تشهد خطاب كراهية، واستهدافاً للأقليات، وحديثاً طائفياً كبيراً، بشكل غير مسبوق، وينبغي على المؤسسات الإعلامية أن تمارس رقابة ذاتية على محتوى الرسائل الإعلامية، وتراعي ظروف المنطقة، وظروف النزاعات فيها. وهل تعتقد أن وسائل الإعلام تلك تملك قرارها، أم أنها موجهة لتعليمات سياسية فوقية؟ نحن نخاطب الضمير الإعلامي، والمهنية الصحافية للمؤسسات الإعلامية، وفي كل دولة ومنطقة وإقليم توجد وثيقة لأخلاقيات المهنة، وبالنتيجة: ينبغي التأكيد أن المواطن العربي هو من يملك قرار مقاطعة قناة إخبارية إن اعتبر أنها غير مهنية، وليس أي جهة أخرى كيف ترى المفوضية الانتهاكات لحقوق الإنسان جراء الحصار المفروض على قطر، وما تسبّب فيه من تشتّت أسري؟ نأمل أن تنتهي الأزمة، لأن استمرارها ليس في صالح أحد، ونحن على يقين أن هناك بوادر حل قريباً، ولكن دول الخليج يجب أن تفكر على المدى البعيد، لأن بينها نسيج اجتماعي مترابط، وما حدث يضرب هذا النسيج. ينبغي أن يعي الجميع أن شعوب الخليج باقية، ولا بد من التفكير ببعد استراتيجي في حلول للحفاظ على النسيج الاجتماعي بين شعوب المنطقة. رغم النداءات الدولية، لا يبدو هناك تجاوباً من دول الحصار، فما الآليات الدولية التي تملكها المفوضية لوضع حد للانتهاكات الحاصلة؟ نحن في المفوضية السامية لدينا آليات دولية، مثل المقررين الخاصين، والهيئات التقاعدية لحقوق الإنسان، وهذه الدول قامت بدورها في إيصال الشكاوى للدول المعنية، ونحن نتابع معها، والحقيقة، فإن الدول المعنية أبدت بعض التجاوب مع الشكاوى، وزودتنا بنقاط اتصال، ونحن في حوار متواصل معها. لكن على أرض الواقع لا يبدو هناك تراجع من دول الحصار رغم كل الإدانات الدولية؟ بغض النظر عن الأسباب السياسية، هناك مناسبات دولية عديدة تناقش التزامات الدول بحقوق الإنسان، ولو استمر الأمر على ما هو عليه، بالتأكيد سيتم مناقشة الأزمة في المحافل الدولية، ولن يتوقف الأمر هنا، فهناك التزامات تعاقدية للدول، والتزامات بموجب ميثاق حقوق الإنسان، وليس من صالح أحد الاستمرار في الوضع الحالي. هل سيتم مناقشة الشكاوى ضد الحصار في اجتماع لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة؟ ليست لديّ معلومات، ولا أتوقع مناقشة القضية على مستوى مجلس حقوق الإنسان، لكن لو استمرت الأزمة فستتم مناقشة القضية في محافل دولية كما أسلفت. دول الحصار استبقت مؤتمر اليوم، باتهام المنظمات والنقابات والمشاركين بالانحياز إلى قطر، فما ردكم؟ هذا ليس انحيازاً لدولة قطر، بل انحياز لحقوق الإنسان، ونحن طالبنا دولة قطر أن توسع هامش الديمقراطية في قطر، وبالتالي حضورنا هو انحياز لحقوق الإنسان والديمقراطية. وكيف وجدتم تجاوب المسؤولين القطريين مع مطالبكم وملاحظاتكم؟ هناك تقدير كبير على المستوى الرسمي، وعلى أعلى المستويات، وأنا شخصياً التقيت سعادة وكيل وزارة الخارجية القطرية، والدكتور علي المري، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والسيدة مريم العطية، الأمين العام للجبنة الوطنية لحقوق الإنسان؛ وهناك تقدير كبير لمواقف المؤسسات الدولية الحقوقية، بما في ذلك المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ونحن نأمل أن يشكل دافعاً قوياً للإسراع نحو المزيد من التصديق على الاتفاقيات الدولية، لمعالجة ملف العمال الأجانب، وإنشاء النقابات المهنية، بما في ذلك تأسيس نقابة وطنية للصحافيين، وأعتقد أن التوقيت مناسب جداً على المستوى الوطني في قطر لتحقيق ذلك، والواقع أننا تلقينا ردوداً إيجابيا جداً من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وأكدوا لنا أن الموضوع قيد الدراسة والمتابعة مع الحكومة لأجل التصديق على المزيد من الاتفاقيات في مجال حقوق الإنسان، ونحن في المفوضية السامية لحقوق الإنسان نرحب بذلك. *وكيف ترون تعامل قطر مع المفوضية السامية؟ هو تعامل نموذجي في الحقيقة، وأنا أشيد بوزارة الخارجية القطرية وباللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. قطر تعاملت مع الأزمة بعيداً عن تسييس الملف الحقوقي، وبالتركيز على القضايا الحقوقية، كما أن انعقاد هذا المؤتمر اليوم بالدوحة دليل على ذلك، فلا يوجد أي حضور رسمي قطري في الافتتاح، وهذا يوجّه رسالة مفادها أن هذا المؤتمر هو فعلاً مؤتمر حقوقي بحت. ما تعليقكم على الاتهامات التي توجه للجمعيات الإنسانية القطرية بدعم الإرهاب؟ نحن في المفوضية، بصفتنا هيئة أممية، ملتزمون بقرارات الأمم المتحدة حول مكافحة الإرهاب، وأي قوائم لا تصدر عن الأمم المتحدة نحن غير ملتزمين بها.;
مشاركة :