اشادت العديد من الصحف العربية والاجنبية المعروفة على نطاق واسع بموقف صحيفة "الشروق" التونسية الجريء والوفي لميثاق الصحافة واخلاقيات المهنة بعد رفضها اجراء حوار موجه ومنحاز ومناصر لسياسة الدوحة مع السفير القطري في تونس. والشروق صحيفة تونسية يومية تصدر باللغة العربية ومؤسسها الاعلامي صلاح الدين العامري، وتعتبر وفقا لاحصائيات الجريدة الاولى والاكثر انتشارا في تونس. جاء في عملية سبر للآراء قام بها "مركز الشرق الاوسط للريادة ومؤسسة "الكا" للاستشارات بالتعاون مع المعهد الجمهوري الدولي" وشملت عينة من 1251 تونسيا ان جريدة الشروق هي الاولى في تونس... وان 22٪ من التونسيين يعتمدون عليها كمصدر للاخبار. ووصفت وسائل اعلام عربية رفض الصحيفة اليومية ابتزاز سفير قطر لها بالشجاع والشرس. وتواجه الدوحة اتهامات قوية بأنها دولة راعية للإرهاب. وقطعت السعودية والبحرين والامارات ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر لتورط الدوحة بتقديم الدعم لمنظمات متطرفة. وفضحت صحيفة الشروق التونسية في عددها الصادر الثلاثاء 18 جويلية، محاولة السفير القطري في تونس ابتزازها وفرض مواقفه الشخصية، ومن ورائها مواقف بلاده، على خلفية الأزمة الخليجية، على الصحيفة وقرائها، والتهديد بفسخ عقود إشهارية قطرية كبرى، إذا أصرت على موقفها. وقالت الرئيس المدير العام لجريدة الشروق سعيدة العامري ان هذا التدخل لالغاء الاشهار هو بمثابة ضغط وابتزاز ومحاولة لتغيير موقف الجريدة. وفي مقال خاص، نشرته الصحيفة التونسية باسم هيئة تحريرها والعاملين فيها، قالت الشروق، إن السفير القطري في تونس سعد ناصر الحميدي، عرض على الصحيفة إجراء حوار صحافي مطول معه لاستعراض تطورات الأزمة الخليجية، وموقف بلاده منها، ورؤيتها للحل. ووفقا لما جاء في المقال المنشور على أعمدة الشروق، رحبت الصحيفة بالفكرة، وبادرت إدارة تحريرها إلى تنظيم عناصر اللقاء والإعداد المادي والصحافي له. ولكن السفير، في سابقة خطيرة ، طالب بتمكينه من تحويل الحوار إلى منبر يستعرض فيه خطاب بلاده، باسم الصحيفة التونسية، مُشترطاً إعداد الأسئلة بما يناسبه، وتقرير طبيعة ونوعية الأسئلة، واختيار الصحافي المناسب لإجراء الحوار. وفي ظل رفض الصحيفة لشروط السفارة، عاد السفير ليلوح بمعاقبة الصحيفة "المتمردة" وذلك بفسخ أحد أكبر العقود الإشهارية التي تؤمن للشروق جزءًا هامًا من مداخيلها المالية، وذلك بمنع شركة الهاتف المحمول المملوكة لقطر، أوريدو، من دفع المستحقات المالية، وشراء المساحات الإعلانية على أعمدة الشروق. وبعد تمسك الصحيفة بموقفها وإصرارها على استقلاليتها، أمر السفير شركة أوريدو بسحب إعلاناتها من الشروق لمعاقبتها على تمردها. وأعادت العديد من الصحف العربية نشر تفاصيل قصة الابتزاز التي تعرّضت لها الشروق من السفير القطري منوّهة بالتزامها الحياد والشفافية والموضوعية. واعتبر مراقبون ان الحكومة القطرية تحاول البحث عن بوق دعاية لها ومنافذ اعلامية جديدة بعد ان تهاوت شعبية قناة الجزيرة الناطقة باسمها والمروجة لاجنداتها السياسية. والجزيرة كانت إحدى أضخم المحطات الإخبارية في العالم، كانت منذ زمن مصدر أزمات بين قطر وجيرانها الذين يتهمون المحطة بالتحيز وإثارة المشاكل في المنطقة ، لكنها اليوم تعاني من تراجع شعبيتها وفقدان مصداقيتها . وكانت الشبكة الفضائية القطرية اعلنت الاستغناء عن نحو 500 من موظفيها. وكانت الشبكة الممولة من الحكومة القطرية، اعلنت قبل انها ستقفل في قناة "الجزيرة اميركا" التي توظف نحو 700 شخص. وكانت دراسة مسحية أميركية كشفت أن عدد المشاهدين في القناة انخفض من 43 مليون في اليوم إلى 6 ملايين فقط. وانتقد العديد من التونسيين خاصة الإعلاميين منهم التصرف الذي قام به السفير القطري بتونس تجاه الصحيفة، معتبرين أنها محاولة من قطر لشراء ذمم الإعلام التونسي انطلاقا من الإعلانات. وصف محمد السعيدي الكاتب العام للنقابة التونسية للاعلام ربط مقال صحفي بالحملة الإعلانية، بالتّصرّف غير المقبول، مبيّنا أنه لا يمكن أن تكون للسفير القطري في تونس سلطة التدخّل في المؤسسات العامة أو الخاصة، من أجل استعمالها كأداة للضغط السياسي على وسائل الاعلام التونسية. وشدّد الكاتب على أنه من صلاحيات ادارة الجريدة وادارة التحرير تعيين الصحافي الذي تشاء من اجل القيام بالحوارات الصحفية، والتي تعبّر بالضرورة عن الخط التحريري للجريدة وبالتالي لا يمكن للسفير القطري أوغيره من السفراء أن يحدد المربع الذي يمكن أن يتحرّك فيه الصحفي الذي سيجري معه الحوار. وكتب موقع قناة "العربية" مقالا بعنوان: لماذا فسخ سفير قطر بتونس عقدا إعلانيا مع صحيفة تونسية؟. وتساءل الموقع عن السبب الحقيقي لفسخ العقد الاعلاني بعد رفض الاملاءات التي أراد السفير تمريرها معتبرة أن الامر شراء للذمم وابتزاز غير مسبوق. واوردت صحيفة "اليوم السابع" المصرية مقالا بعنوان : "السفير القطري بتونس يسحب إشهارا للصحيفة لرفضها شروطه". وموقع "بوابة فيتو" كتب تحت عنوان: صحيفة كبرى تفضح ابتزاز سفير قطر وترد عليه "لا نُباع ولا نُشترى". واعتبر الموقع الحادثة فضيحة الكبرى لأنه من المرفوض اتباع هذه السياسات بالتهديد والابتزاز لفرض المواقف والتوجهات. وتفاعل موقع "صدى البلد" المصري مع الموضوع مؤكدا تضامنه مع الشروق بمقال حمل عنوان "السفير القطري في تونس يبتز صحيفة كبرى رفضت الترويج لسياسات الدوحة" : وقالت الصحيفة إن السفير القطري أراد ابتزاز الصحيفة لترويج سياسات بلاده منتهجا سياسة النفوذ والمال لارضاخ الآخرين لمواقفهم. وتضامن سياسيون تونسييون مع الصحيفة التونسية اليومية. وقال القيادي في حركة مشروع تونس الصحبي بن فرج: "إن بعض الدول لم تعد تميز بين الاعلام الحكومي والاعلام الحر والاعلام الموجه"، مشيرا الى أنه ما من احد له حق التدخل في خط تحرير المؤسسات الاعلامية بما في ذلك رئيسا الجمهورية والحكومة، وما حدث يعد سابقة خطيرة". وتابع بن فرج بالقول: "لعل السفير قد اعتاد التدخل في شأن قناة الجزيرة القطرية وفي شؤون الدول لتحريك الثورات فيها وزعزعة أمنها الداخلي، لكن تونس في هذه المعادلة خط أحمر". وعبر نائب الجبهة الشعبية المنجي الرحوي عن تضامنه مع الشروق، واعتبر أن قطر كعادتها تعمل جاهدة لشراء الذمم واستعمال ورقة المال كي تكون قادرة على التأثير والفعل والنفوذ، مضيفا إن هذه الطرق المستعملة هي اختصاص الاطراف الفاقدة للحجة والمحاججة. واعتبر الرحوي ان سعي سفير قطر إلى إجراء حوار في جريدة الشروق وفق اسئلة موجهة، هي محاولة يائسة للخروج من العزلة التي تعيشها قطر .
مشاركة :