هل وظفت الدوحة قراصنة لتلميع صورتها قبل المونديال؟

  • 11/8/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

باريس/لندن - تحولت بطولة كاس العالم لكرة القدم التي تستضيفها قطر (مونديال 2022) إلى مادة دسمة لوسائل إعلام غربية وهو أمر طبيعي في هذه الفترة باعتباره أهم حدث رياضي على الإطلاق إضافة إلى أن فعاليته ستجري لأول مرة في دولة عربية هي الإمارة الخليجية الثرية وأحد أكبر منتجي الغاز في العالم ذات المساحة الصغيرة التي تواجه تحديات أمنية ولوجستية كبيرة. وما أن يهدأ ضجيج متاعب تلاحق قطر من انتقادات لحقوق الإنسان ومخاوف أحيانا مبالغ فيها، حتى تبرز متاعب أخرى أثقلت على الدوحة واستنفرت سلطاتها وهيئاتها للدفاع عن نفسها إزاء حملة مكثفة اعتبرتها ممنهجة وعنصرية وتستكثر على دولة عربية استضافة المونديال. وفي أحدث حلقة من حلاقات المتاعب وضجيج يأبى الهدوء، ادعى تقرير لصحيفة 'صنداي تايمز' يوم الأحد الماضي أن قطر وظفت قراصنة ضمن حملة علاقات عامة تستهدف تلميع صورتها قبل المونديال في مواجهة سيل من الانتقادات الحقوقية ودعوات لمقاطعة المونديال وحتى انتقادات للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تدعوه إلى اعتماد معايير أكثر صرامة في منح أي دول حق استضافة المونديال تتعلق بسجل حقوق الإنسان، ليختلط السياسي بالرياضي والحقوقي بالأعراف والدين والعرق في مشهد بدا شديد التعقيد. وشملت حملة التجسس المزعومة بحسب تحقيق الصحيفة البريطانية، سياسيين وصحافيين ومحامين وشخصيات رياضية. وتعتزم النائبة الفرنسية ناتالي غوليه وهي واحدة ممن قال تحقيق 'صنداي تايمز' إن بريدها الإلكتروني تعرض للقرصنة من قبل القراصنة الذين وظفتهم الدوحة، رفع شكوى غداة نشر التحقيق الصحافي "إنه صندوقي (البريدي الإلكتروني) الشخصي، الأمر صادم للغاية". واعتبرت الاثنين أن اهتمامها بالتطرف الإسلامي أدى إلى تعرضها للتجسس من قراصنة قالت صحيفة صنداي تايمز في تحقيق الأحد إن قطر وظفتهم لخدمة صورتها. بالإضافة إلى غوليه تعرض للقرصنة صحافيون ومحامون من بينهم محامي السناتورة في لندن ورئيس اتحاد كرة القدم الأوروبي السابق ميشيل بلاتيني وسط شكوك حول دور الدوحة في هذه التطورات. وأضافت السناتورة الفرنسية أنها تلقت "منذ حوالي ثمانية أو عشرة أشهر" مكالمة هاتفية من "شخص يدعي أنه محقق لكنه لم يعرف بنفسه" وكان يعلم كلمة مرور بريدي الإلكتروني. ثم أخبرها أن حسابها "تعرض للاختراق" وحضّها على اتخاذ الإجراءات اللازمة، ما دفعها لتغيير جميع كلمات المرور الخاصة بها وتزودت بصندوق تشفير. وقالت ناتالي غوليه "أنا مجرد سيناتورة ريفية متواضعة، تقوم بعملها وأعمل حول الإسلام الراديكالي". والسناتورة مهتمة جدا بتنظيم "الإخوان المسلمين" المدعوم من تركيا وقطر وأصدرت الربيع الماضي كتابا بعنوان "أبجديات تمويل الإرهاب". كما أشارت إلى تحدثها وتصويتها ضد الاتفاقات الموقعة بين فرنسا وقطر، بما في ذلك الشراكة بشأن تأمين بطولة كأس العالم لكرة القدم، مضيفة "لقد أشرت كلما استطعت إلى أن قطر جعلت من فرنسا ملاذا ضريبيا بفضل معاهدة ضريبية... ربما أنا مزعجة بعض الشيء، لكن هذا ليس سببا لقرصنة بريدي الإلكتروني". وتتعرض قطر لانتقادات حقوقية واسعة بسبب اتهامات بارتكاب انتهاكات طالت حقوق العمال في ورشات منشات المونديال وصلت إلى حد المطالبة بمقاطعة الدورة الحالية فيما سلطت العديد من الفرق المشاركة مثل إنكلترا وأستراليا والدنمارك وهولندا الضوء على محنة العمال المهاجرين. وعبر عدد من المنظمات الحقوقية على غرار منظمة العفو الدولية عن مخاوف بشأن حقوق المثليين من جماهير المونديال وعدد من الحقوق الأخرى داعية إلى فرض مزيد من الضغوط على الدوحة. ويحقق القضاء الفرنسي مع إحدى شركات الإنشاءات الفرنسية التي تولت بناء منشآت رياضية في قطر خاصة بمونديال 2022 بعد تواتر تقارير عن انتهاكات واسعة لحقوق عمال في ورش تلك المنشآت. وتثير الاستثمارات القطرية في مختلف المجالات في فرنسا الكثير من الجدل حيث تعتبرها بعض القوى السياسية محاولة من الدوحة للتأثير في صناعة القرار في باريس وفي الفضاء الأوروبي بأكمله. وسعت الدوحة الداعم الرئيسي لجماعات الإخوان المسلمين المتهمة بالإرهاب في المنطقة العربية وبدعم التشدد بين الشباب الأوروبي خاصة الفرنسي إلى السيطرة على مفاصل الاقتصاد الفرنسي. واستحوذ رجل الأعمال القطري ناصر الخليفي على فريق 'باريس سان جرمان' مقابل مبالغ طائلة حيث مثل قطاع الرياضة مدخلا لدعم المصالح القطرية في أوروبا. وزيرة ألمانية تعتبر تصريح ممثل قطري للمونديال حول المثلية الجنسية "فظيعا" وفي تطور آخر انتقدت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايسر المسؤولة أيضا عن الشؤون الرياضية والتي كادت تتسبب بأزمة دبلوماسية بين برلين والدوحة، بشدّة الثلاثاء تصريحات أحد سفراء قطر لمونديال 2022 التي وصف فيها المثلية الجنسية بأنها "اضطراب في العقل". وقالت في مؤتمر صحافي إن "تصريحات من هذا القبيل فظيعة". ووصف خالد سلمان وهو لاعب كرة قدم قطري دولي سابقا وأحد سفراء مونديال 2022 في مقابلة مع القناة الألمانية العامة 'تسيد دي اف' المثلية الجنسية بأنها "اضطراب في العقل". وقال "خلال كأس العالم، ستحصل أمور كثيرة في البلاد. فلنتحدث عن مثليي الجنس". وأضاف في مقتطف من المقابلة التي ستُبث كاملة مساء الثلاثاء "الأهمّ هو أن الجميع سيقبلون أن يأتوا إلى هنا لكن عليهم قبول قواعدنا"، مضيفا أن "مثلية الجنس حرام لأنها اضطراب في العقل" قبل أن تتمّ مقاطعته. لكن فايسر أكّدت أنها لا تزال تثق بالضمانات الأمنية لجميع المشجّعين بمن فيهم أفراد مجتمع الميم، والتي حصلت عليها من رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني أثناء زيارتها الدوحة أخيرا. وقالت "رئيس الوزراء هو من أعطاني إياها، ليس لدي مؤشرات جديدة منه على أن شيئا ما تغير في هذا السياق". وكانت فايسر أكدت خلال الأسبوع الماضي لقطر أنها ستحضر أول مباراة لألمانيا في كأس العالم 2022 ضد اليابان يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني. وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أكد في 21 سبتمبر/ايلول أن بلاده سترحب "بدون تمييز" بكافة المشجعين في كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها قطر من 20 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 18 ديسمبر/كانون الأول في رغبة واضحة بطمأنة الوافدين من مثليي الجنس والمتحولين جنسيا. ويجرّم القانون القطري المثلية الجنسية، إلا أنّ المنظّمين شدّدوا على أنّ "الجميع مرحّب بهم" خلال المونديال. ويكرّر الاتحاد الدولي لكرة القدم أن رفع أعلام قوس قزح التي ترمز إلى مجتمع الميم، سيكون مسموحا في الملاعب، لكن السلطات القطرية تدعو إلى توخّي الحذر خارجها. وسيضع قادة عدة منتخبات أوروبية بينها انكلترا وفرنسا وألمانيا شارات بخطوط ملوّنة مع رسالة "One Love" في إطار حملة لمكافحة التمييز.

مشاركة :