رسمت الشراكة الإستراتيجية السعودية الأميركية للقرن الـ 21 ،التي تم التوقيع عليها خلال زيارة الرئيس ترامب للسعودية في شهر مايو الماضي، مسارا نوعيا للدفع باتجاه مبادرات جديدة لمواجهة خطاب التطرف، ووقف تمويل الإرهاب، وتعزيز التعاون الدفاعي وإيجاد هيكل أمني إقليمي موحد وقوي للقضاء على تنظيمي داعش والقاعدة،والتصدي للأعمال العدوانية الإيرانية ومنع تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. التنسيق السعودي الأميركي لمكافحة الإرهاب لم ينقطع منذ تقلد الرئيس ترامب الحكم، بل ازداد قوة ومتانة، بعد قمم «العزم يجمعنا»، هذه القمم أرسلت رسالة للعالم أن السعودية الدولة الرائدة الأولى في مكافحة الإرهاب ومموليه وداعميه أينما كانوا، سواء في العراق أو سورية أو اليمن ولبنان. وهناك قناة اتصال مفتوحة بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع البيت الأبيض والبنتاغون بهدف تكريس هذا التعاون الإستراتيجي في مجال تمويل وقصقصة أجنحة الإرهاب، خصوصا أن الأمير محمد بن سلمان هنأ وزير الدفاع الأميركي ماتيس بالانتصار على تنظيم داعش في الموصل، وهذا مؤشر واضح وإضافي على دعم السعودية لأي عمل ضد الإرهاب وفي أي مكان في العالم،خصوصا أن السعودية عضو فعال في التحالف الدولي لمحاربة إرهاب داعش، الذي تقوده واشنطن وهي ماضية في مكافحة الإرهاب الظلامي والطائفي من خلال تكامل جهودها مع التحالف الدولي، وأيضا عبر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي تقوده السعودية ومع المجتمع الدولي أيضا، لأن الأمير محمد بن سلمان يرى أن الحرب على الإرهاب وكل من يدعمه ويموله لا بد أن تستمر وبكل حزم. وتعد العلاقات السعودية الأميركية أحد أبرز نماذج التحالف الإستراتيجي لمكافحة الإرهاب التي امتدت لعقود عدة فرضتها تشابك المصالح المشتركة على كل المستويات السياسية الأمنية، وتجلى هذا التحالف من خلال التنسيق في العديد من الملفات التي تتعلق بمكافحة الإرهاب، خصوصا ملف تورط النظام القطري في دعم وتمويل الإرهاب، خصوصا بعد تصريحات الرئيس ترامب أخيرا، الذي أكد فيها أن قطر لم تتجاوب مع محاولات التوصل لحلول التي طرحتها واشنطن، وعلى الدوحة وقف تمويلها للإرهاب. وشكلت زيارة محمد بن سلمان لواشنطن أخيرا نقلة نوعية فى طبيعة العلاقات، إذ أسهمت الزيارة في تغيير الصورة النمطية عن السعودية لدى الإدارة الجمهورية، وأعادتها إلى مسارها الإستراتيجي الصحيح. ووضعت الزيارة أسسا جديدة للشراكة، إذ استبدلت الصيغ التقليدية في سلة العلاقات، إلى مسار الاستثمارات والتحالفات الضخمة بمئات المليارات من خلال الرؤية السعودية 2030 في إطار تقليل الاعتماد على النفط في المملكة. السعودية بإعادة صياغة سياساتها الخارجية ونمط تحالفاتها الدولية من خلال تنويع دوائر سياساتها الخارجية مع الدول الكبرى. وكذلك إعادة صياغة التحالفات الإقليمية للتصدي للأعمال العدوانية للنظام الإيراني ولجم التنظيمات الإرهابية الظلامية، ترسل رسالة للمجتمع أنها ستتصدى بقوة، ليس فقط للتنظيمات الإرهابية، بل ولممولي هذه التنظيمات، وعلى رأسها قطر وإيران.
مشاركة :