تشهد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) قبل نهاية هذا العام انتخاب مدير جديد. هذه المرة هناك عشرة مرشحين من عشرة مرشحين من عشر دول من 22 دولة عربية. وهذا ما يعكس أن الجميع يرغب في الفوز بالمنصب، الذي لم يعد مغرياً على أية حال بعدما شهدت هذه المنظمة صعوداً وانهياراً على مدار سنوات، لكننا وكما لم يتفق العرب على مرشحهم لمنصب المدير العام لليونيسكو، فإنهم لن يتفقوا على الألكسو. هنا تبدو الفرصة سانحة ليعلو صوت المثقفين العرب والعلماء والأدباء، لكي تحدث ثورة داخل هذه المنظمة المعنية بالتربية والثقافة والعلوم والتراث في العالم العربي، ثورة تكون هي البداية لإصلاح جامعة الدول العربية، بدءاً من اختيار المدير العام الذي هو إلى الآن مرشح دول أو نظام سياسي وغالباً ما يكون وزيراً سابقاً أو أستاذاً جامعياً ممن يدينون بالولاء للنظام الحاكم في بلده المرشح، من دون أن يكون له حتى سابق خبرة في الترشح لنيل منصب عن جدارة. هذا كله ينطبق على تسعة مرشحين من العشرة، ما عدا الشاعر الإمارتي حبيب صايغ الذي نال منصب رئيس اتحاد الكتاب العرب بالانتخاب. أزمة الألكسو المادية هي انعكاس لأزمة جامعة الدول العربية المادية، وكذلك أزمتها الإدارية، لذا فإن السعي إلى بناء نموذج مختلف في الألكسو، يكون مقدمة أو نموذجاً لإصلاح جامعة الدول العربية بصفته أمراً لابد منه، وإن بدا لأول وهلة الأمر صعباً، لأن الحكومات العربية ستبقي قبضتها محكمة على الثقافة العربية، في الوقت الذي يقود الحراك الثقافي المستقل الحراك الثقافي العربي بدءاً من مسرح الشارع حتى المجموعات الثقافية والعلمية على شبكة الإنترنت لتنعزل الألكسو داخل ردهات مقرها في تونس، ولتكون شيئاً متخيلاً في أذهان موظفي الألكسو وهم المستفيدون من وجودها، من دون أن يفكروا في إحداث ثورة داخل المنظمة تعيدها مرة أخرى الى الفعل الثقافي بعد سنوات العزلة. لذا فإن على المدير القادم للألكسو أن يدمج المجتمع الثقافي سواء على الشبكة الرقمية أو في الحياة الثقافية ضمن المنظمة ليفعّلها، فوزارات الثقافة والتعليم وأكاديميات البحث العلمي العربية لم تعد فاعلة كما كانت في الماضي أو لم تعد هي الوحيدة الفاعلة. انظر الى جهود مؤسسة الفكر العربي ومركز الملك فيصل في الرياض ومكتبة الإسكندرية ومنتدى الفكر العربي، وإلى مجموعات على الإنترنت كالمؤرخين العرب وغيرهم، كل هؤلاء لابد أن تسعى الألكسو سعيهم. في جانب آخر، فإن على مدير الألكسو القادم التفكير ملياً في إقامة صندوق له موارد تستثمر للصرف من ريعها على نشاطات المنظمة. ولعل إعادة هيكلة المنظمة باتت ضرورية لدمج إدارات واستحداث أخرى وإلغاء إدارات تجاوزها الزمن، هنا تبدو الألكسو أمام خيار المستقبل، وربما لا يكون لها مستقبل.
مشاركة :