•• رغم محاولاته المستميتة لإقناعنا بأهمية الاتفاق النووي المبرم بين الدول (5+1) وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وإيران.. وتأكيده على أن الاتفاق يمنع الخطر المحتمل على دول المنطقة وليس العكس.. وإصراره على ضرورة أن تفهم دول المنطقة الاتفاق حتى تجد فيه ضالتها – على حد تعبيره -. •• رغم كل ذلك.. فإن أحاديث وزير الخارجية الأميركي "جون كيري" ومنها حديثه إلى جريدة الشرق الأوسط.. بدت وكأنها "مهدئات" غايتها امتصاص "غضب" دول وشعوب المنطقة.. وحيرتها تجاه ما أقدمت عليه بلاده والدول الخمس الأخرى.. •• وما حدث حتى الآن من ردود أفعال خليجية على مجمل التصريحات والمبررات التي أطلقها المسؤولون الأميركيون وسواهم يشير إلى أن أزمة الثقة قد تفاقمت بيننا وبينهم.. •• ولعل أوضح دليل على ذلك هو.. ما يمكن أن نستخلصه من أحاديث كيري وقوله على وجه التحديد.. •• "إن أميركا ستصد أي عمل تقوم به إيران ضد دول المنطقة" •• "إن اتفاقنا مع إيران ركز – فقط – على قدراتهم النووية ولم نتفاوض معهم حول أعمالهم العدائية ضد دول المنطقة ومنها دعمهم للإرهاب.. ولتجارة السلاح.. ولحزب الله.. وللحوثيين" •• "نحن مع أي طرف يقاتل داعش.. حتى وإن كان ذلك هو الحشد الشعبي في العراق الذي يشارك في المواجهة بموافقة الحكومة العراقية" •• "الأولوية الآن هي أن يفهم أصدقاؤنا وحلفاؤنا كلياً هذا الاتفاق وأنه سيساعد على ضمان أمنهم.. ونحن جاهزون لصد إيران.. وبإمكانهم الاعتماد على الولايات المتحدة للدفاع عن المنطقة" •• فماذا يعني ذلك..؟ •• يعني باختصار شديد.. ان الولايات المتحدة قد وضعتنا رهن التهديد الإيراني.. وغير الإيراني.. وأن كل ما ستقوم به هو مساعدتنا على "صد" تلك الأخطار.. وليس منعها من الأساس.. •• وحتى هذا العون لم يعد وارداً.. إذا كان الاتفاق "سيئ السمعة" سيمكن إيران من استرداد الدولارات المجمدة في مصارف دول العالم.. وأنه سوف يمكنها أيضاً من ضخ مليون برميل من النفط يومياً أو اكثر.. وأنه سوف يفتح أسواقها المغلقة لمئات الاستثمارات الضخمة ويضخ بلايين الدولارات في هيكلها الاقتصادي المتداعي بعد أن أخذت الدول الست وغيرها تتسابق على زيارة إيران لكسب مئات العقود الجديدة دعماً لاقتصاداتها.. •• وبكل تأكيد.. فإن حالة الانتعاش الاقتصادي التي ستعيشها إيران بفضل هذا الاتفاق ستذهب لشراء المزيد من الطائرات والدبابات والصواريخ بعيدة المدى من الدول الست وغيرها.. فضلاً عن أنه سيمكنها من أن تطور برنامجها النووي وإعادة تأهيله على مرأى ومسمع من الجميع لتكون جاهزة بعد (3) أو (5) سنوات أو حتى (8) كما نص الاتفاق لتدمير المنطقة.. وليذهب الجميع إلى الجحيم بعد ذلك وربما قبل ذلك بكثير.. •• إن قول "كيري" بأن المفاوضات ركزت على البرنامج النووي الإيراني.. مع معرفته بأن إيران – كما قال – تدعم الإرهاب وتصنع أدواته في المنطقة وتعمل على زعزعة الأمن والاستقرار فيها لهو أمر عجيب.. وغريب.. وغير مفهوم.. ولا يمكن تبريره؟ •• وإذا كان دور بلاده سوف يقتصر فقط على صد أي عدوان إيراني على دولنا.. بكل ما تعنيه كلمة "صد" .. فإن هذا الدور لم يطلبه أحد منه.. ولا هو ما يجب أن تقوم به أميركا تجاهنا لسبب واحد هو أن سياسة الاستنزاف والابتزاز لقدراتنا ومقدّراتنا سوف تجعلنا رهائن إلى الأبد.. وهو ما لا نقبله ولا يجب أن نستمر فيه.. لأنه لا يحقق السلامة المطلوبة لدولنا وشعوبنا.. وسوف يوصل خطط التنمية فيها إلى الحضيض ويضاعف من المشكلات التي يلمحون بأنها مصدر الخطر الحقيقي الذي يتهددنا.. •• لذلك نقول وبكل صدق.. •• إن الاتفاق مرفوض جملة وتفصيلاً إذا هو لم يقترن بضمانات حقيقية وملموسة تضع حداً للخطر قبل وصوله إلينا.. ولا تجعلنا باستمرار تحت رحمة إيران وغير إيران.. وإلا فأي استقرار هذا الذي يتحدثون عنه.. وقد اقترب الخطر من حدودنا ولم نجد من يعمل معنا بصدق على استئصال أسبابه من جذورها.. •• والأغرب من كل هذا أن نسمع الآن كلاماً جديداً.. أن مقاومة الإرهاب ومختلف أشكال الإرهاب لن تجدي إذا هي اقتصرت على استخدام طائرات أف 16 وأنه يجب أن يكون هناك جهد أكثر فعالية في مكافحة التصرفات الإيرانية وهذا ما سوف نقترحه عليهم في اجتماع الدوحة.. كما قال "كيري" في حديثه الأخير لجريدة الشرق الأوسط؟ •• هل ينتظر منا "الوزير الأميركي" أن ندفع بجيوشنا إلى حروب مفتوحة نقاتل فيها مجموعات وعصابات.. وميليشيات.. ودون حسابات دقيقة.. نحن أعرف بها.. وبتوقيتها.. وبمدى ضرورتها؟ •• لقد كنا ننتظر شيئاً آخر من الأصدقاء المهمين لنا في أميركا والدول الخمس الأخرى.. وأخشى أن أقول إن ما نسمعه هو غير ما نُحس به ونتوقعه وننتظره.. وإذا نحن غضبنا من الاتفاق.. ومن تبعاته.. فإن عليهم هم.. أن يفهموا لماذا نحن كذلك الآن.. •• وإذا لم يكن هناك ما يطمئن دولنا وشعوبنا بعد كل ذلك.. فإن علينا أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه أوطاننا بعد أن أصبح علينا أن نواجه الخطر بمفردنا. *** * ضمير مستتر: •• (ليس هناك ما يطمئننا على المستقبل القريب.. فكيف بالبعيد.. وعلينا أن نفعل المستحيل).
مشاركة :