الأقصى هو القلب، فماذا عن الجسد؟

  • 7/31/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

نبش مغرد قبل أسبوع مقالاً قديماً نشرته في هذه الزاوية يوم 12-11-2014م بعنوان: الانشغال عن ضياع الأقصى بحروب المذاهب. أعدت قراءة مقالي القديم فوجدت الأمس كاليوم بالضبط، مع فارق أن الانشغال أصبح أوسع وأشمل. لم يعد الانشغال بالمذاهب هو العذر والمبرر، بل الحروب الأهلية وعداوات الأنظمة العربية والمنظمات الفلسطينية. قبل ربع قرن تقريباً حدثت في العالم العربي انتكاسة نوعية نحو الأسفل. لم تعد الأوطان والحدود التاريخية للحضارة والعقيدة مركز الاهتمام والتربية والتضحيات. حلت محلها الرموز، آل البيت، العتبات المقدسة، الأقصى، مذهب أهل السنة والجماعة، جلال الدين الرومي وابن عربي، إلى آخر القمصان والعباءات والرايات. لنركز الآن على الانشغال عن الأقصى. الحاصل حالياً أن الجمهور الفلسطيني داخل وخارج ما يسمى بالخط الأخضر انفصل وجدانياً وسياسياً ومعيشياً عن منظماته وقياداته المخملية المرفهة، وفقد الأمل في طوابير الجيوش العربية القادمة عبر الحدود. بالعربي البسيط الفلسطينيون في المخيمات والكانتونات المقطعة إلى أوصال وجدوا أنفسهم لأول مرة مع حقيقة أنهم لوحدهم أمام قضيتهم وحقهم في الوطن. الأقصى هو الرمز وهو القلب الذي يضخ دماء الانتماء والإحساس بحق الحرية والعيش والعبادة، وهذه كلها مجتمعة تحتاج إلى وطن اسمه فلسطين. سبق أن قال الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه في خمسينيات القرن الماضي ما معناه: الفلسطينيون فيهم خير وبركة ولا يحتاجون إلى مدد بالرجال، فقط سلحوهم واتركوهم يحاربون من أجل فلسطين. للأسف يبدو أن أول من تجاهل هذه النصيحة كانت القيادات الفلسطينية المناضلة باللسان والشعارات من العواصم العربية، وكان لكل عاصمة عربية وأجنبية، شرقية وغربية، اشتراكية ورأسمالية حصتها الكافية من المناضلين باللسان والشعارات. عمري تقريباً من عمر النكبة الأولى وعاصرت كل المراحل، حتى وصلت القضية بحمد الله إلى ما نراه الآن من تجمع الحشود الفلسطينية الشعبية دون منظمات وقيادات ودون شعارات دينية ومذهبية، لتقف في صفوف تملأ الشوارع والأحياء وتهتف بالروح بالدم نفديك يا أقصى، نفديك يا فلسطين. هذه هي البداية الحقيقية لاسترجاع الوطن كجسد كامل وليس الاكتفاء بالقلب فقط. الشعب الفلسطيني في موقفه الجديد يكفيه أن تعيد الحكومات العربية مقاطعة العدو التي كانت مطبقة قبل ربع قرن، ويبقى التمسك بالأقصى كحق شرعي ديني لكل المسلمين لا تفريط فيه. وعلى الأجيال الفلسطينية الجديدة مهمة الاستمرار في الكفاح حتى الحصول على وطن.

مشاركة :