الخطوط السعودية وتحديات المنافسة | م. سعيد الفرحة الغامدي

  • 7/10/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

تعد صناعة النقل الجوي من أحدث الصناعات الخدمية التي عرفها الإنسان. فهي مرتبطة مباشرة بحركة الإنسان ونقل متاعه من مكان إلى آخر. تطورت ونَمَت حتى أصبحت عنصرًا أساسيًا من عناصر متطلبات الحياة حاضرًا ومستقبلاً. وقصتها أصبحت جزء لا يتجزأ من قصة الإنسان في العصر الحديث تعكس الإبداع والشجاعة، والابتكارات الخلاقة، والنجاحات المبهرة. كانت ومازالت أحد روافد طموح الإنسان لسبر أبعاد الفضاء الخارجي. قلصت المسافات ونشرت العولمة في أرجاء المعمورة. وظفت المنافسة والعوائد الاقتصادية كمحركات رئيسة وعوامل أساسية تدفع بعجلة التقدم والنماء. تعتمد على تلبية رغبة المستهلك لتلك الخدمات السريعة والأكثر أمانًا مقارنة بوسائل النقل الأخرى. قيادة المملكة العربية السعودية من البداية أخذت بأساليب وسائل العصر، وواكبت المستجدات في شتّى مناحي الحياة ومتطلباتها، ومن بينها وسيلة النقل الجوي. فقد بدأت متواضعة ونَمَت وتَوسَّعت وشاركت في كافة مشروعات النهضة العمرانية والاجتماعية التي شهدتها البلاد، من بداية عصر النفط الذي أخذ في التنامي مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين. ومن هذا المنطلق احتلت مؤسسة الخطوط السعودية مكانتها بين مؤسسات الدولة الحديثة. وشاركت في تأسيس البنية التحتية بكل جوانبها؛ من مطارات ومرافق ملاحية وإدارة وتدريب وتطوير شبكة طرق جوية تخدم مدن المملكة المترامية الأطراف، وعززت تعامل دولي ثنائي مثمر لتبادل واقتسام المنافع مع دول العالم حسبما تتطلبه قوانين صناعة النقل الجوي في العالم. سوق النقل الجوي الداخلي كان ولازال ميدان حراكها الأساسي، ولكن تنامي عدد السكان وارتفاع معدلات الحركة بين المدن والأقاليم زاد الطلب، وفرض ضغط متنامي على إمكانات الناقلة الوحيدة في البلد، الأمر الذي اضطر الإدارة لفتح السوق لتأسيس ناقلات وطنية أخرى، وفي نفس الوقت أخذت تبحث عن إفساح المجال لناقلات أجنبية للعمل في خدمة سوق النقل المحلية. وكأي مشروع خدمي تجاري كانت المنافسة تلوح في الأفق ودوافع الاحتكار تكبح جماح التسرع في فتح السوق المحلي على حساب الناقلة الوطنية التي أصبحت من ركائز مؤسسات الدولة، وحمايتها شأن وطني تمليه المصلحة العامة. وصناعة النقل الجوي على مستوى العالم شهدت تحديات جسيمة خلال ما يزيد على نصف قرن من الزمن من مسيرتها، وأدت تلك التحديات إلى إعادة هيكلة واسعة شملت معظم ناقلات العالم الجوية، البعض أخذ بمبدأ الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، وفي بعض الحالات تخلّت الدول عن حصصها بالكامل للقطاع الخاص لتوفير المرونة المطلوبة للتعامل مع معطيات السوق، وعوامل العرض والطلب التي تحكم العمليات الاقتصادية في كافة التعاملات التجارية والخدمية. التطورات الإقليمية والدولية فرضت ضرورة إقدام بعض دول الجوار (الإمارات وقطر) على تأسيس ناقلات جوية على أسس جديدة بدأت من حيث ما انتهت إليه الصناعة من حداثة وتطور، وكان لديها المرونة في اختيار الإدارة الجديدة المقتدرة، وتوفير الإمكانات للمنافسة بنفس جديد خلاف ما تعاني منه المؤسسات التي سبقتها في السوق، وأصبحت تحمل عبء ضخامة الهيكل وبيروقراطية بعض أجهزة الدولة. وبعد أن كانت الخطوط السعودية تحتل المركز الأول في منطقة الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط أتت الإماراتية والقطرية والمصرية منافسًا قويًا سريع الإيقاع ومرن الإدارة وطموح التطلعات في حقل لا حدود له، إلا ما يفرضه الإنسان على نفسه. ومع الاحترام والتقدير لكل ما تبذله الإدارة لتحسين وتطوير خدمات الخطوط السعودية والقبول بالأمر الواقع لكي تواكب متطلبات الصناعة عالميًا، إلا أن الخدمات الداخلية لا زالت بحاجة إلى مزيد من التوسع والتحسن لتلبية احتياجات الطلب المتزايد في السوق المحلية، وتوفر تجاوب أفضل، وتزيد من فرص العمل للمواطن السعودي، وتستمر مشاركتها الإيجابية كرافد أساسي من روافد الاقتصاد والتنمية المستدامة في المملكة. إن التطور الذي شهدته الخطوط السعودية من خلال التخصيص وإعادة الهيكلة لفروع المؤسسة توجُّه سليم ومواكب للتطورات والتحولات التي تمر بها صناعة النقل الجوي عالميًا. والأمل كبير في أن تستعيد الخطوط السعودية ريادتها في حقل من أهم الصناعات الخدمية في العصر الحديث.. والله ولي التوفيق. Salfarha2@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (23) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :