موسم الحج حدث رباني إنساني عالمي، اختص الله به أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وكرم أهل الحرمين الشريفين بخدمة حجاج البيت العتيق في مكة المكرمة والمدينة المنورة. وهو الركن الخامس من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلا. وما تقوم به الدولة لتسهيل المهمة وتمكين الحجاج القادمين من شتى بقاع العالم لأداء تلك الشعيرة العظيمة هو محل إعجاب واحترام العالم بدون منازع. في هذه الأيام تستعد كل الجهات المعنية في الدولة والجهات ذات العلاقة من القطاع الخاص لموسم المواسم في وطننا الغالي، حيث لا شيء ينافس موسم الحج في قدسيته، وشغف الحاج والمعتمر ومقدمي الخدمة والقائمين على حراسة أمن وراحة ضيوف الرحمن. ومع طابع التكرار في كل عام إلا أن لكل موسم ظروفه وتحدياته. في هذا العام كما في الأعوام السابقة تحرص الدولة بكل عناية على توفير كل التسهيلات لتمكين الحجاج من أداء فريضتهم بيسر وسهولة. وفي هذا العام يحيط بالحج عدد من التحديات أولها التحديات الأمنية، وقياسًا على نجاحات الماضي فإن أجهزة الدولة الأمنية -ولله الحمد والمنة- عوّدتنا على مواجهة التحديات بحزمٍ وعزيمة خارقة، أدت إلى نجاحات مبهرة يشهد لها العالم بأسره، وأثبتت أنه في كل عام يتحسن الأداء والاستفادة من التجارب السابقة. التحدي الثاني يتعلق بالصحة، وما تتطلبه من استعداد يفوق ما تم في الأعوام الماضية بسبب الأوبئة المعدية التي قد تتسرب مع بعض الحجاج من الخارج، وتحدث مفاجآت -لا قدر الله- تفوق استعدادات وزارة الصحة والبعثات الصحية المرافقة لحجاج بعض الدول، كما جرت العادة في كل عام. وهنا يأتي الدور الهام للتوعية المكثفة من خلال التركيز على النظافة في المرافق العامة على وجه الخصوص، وفي أماكن السكن والمعيشة حسب ترتيب الشركات/ المؤسسات وغيرهم من المتعهدين بالخدمات. ومن المفترض أن تبدأ حملات التوعية من بلد الحاج قبل قدومه إلى المملكة وخلال رحلته في كل المناسك. والتحدي الثالث هو أن مكة المكرمة -كما هي في الوقت الراهن- بمثابة ورشة عمل للتوسعة الكبيرة، والتي لم يسبق لها مثيل في تاريخ توسعة الحرم في الماضي. والإنشاءات الجارية تحت التنفيذ لها متطلباتها من سعة المكان وحركة العمالة ونقل المواد وتحرك المعدات والحرص على سلامة البشر الذين يتحركون في محيط التوسعة خلال الموسم. هذه أيضًا تحتاج لتوعية الحجاج القادمين من الخارج على وجه الخصوص، لضمان التعاون والصبر والحرص على النظافة والاختصار ما أمكن، حتى تتم العملية بسلام. والتحدي الرابع الالتزام بتطبيق قرار (لا حج إلا بتصريح)، كما حصل في الأعوام الماضية، علمًا بأنه في هذا العام وبسبب العوامل السابقة يتطلب الأمر حرصًا أكبر على تطبيق ذلك المبدأ لتخفيف الضغط على المرافق والجهات المعنية بتقديم الخدمات على كل المستويات. والحديث عن الحج لا يكتمل بدون ذكر ارتفاع أسعار الحملات لحجاج الداخل والمبالغة في تقديم الخدمات التي أصبحت تنافس الخدمات الفندقية بكل ما يحيط بها من التبذير والهدر، الأمر الذي أبعد شعيرة الحج -إلى حد ما- عن جو التقشف والمشقّة، ليتّعظ الحاج من الرسالة، ويتذكَّر حال الفقراء، وأهمية المساواة المتمثلة في لبس الإحرام، رمز التقشّف والتواضع والمساواة أمام الخالق عز وجل من بداية الطلوع من مكة إلى منى، والوقوف في يوم الحج الأعظم على صعيد عرفات. غلاء الأسعار في الأسواق يتطلب مراقبة حثيثة من وزارة التجارة على مدار العام، ومن بداية موسم الحج حتى نهايته بصفة خاصة، ولكن هذه معضلة عامة لم تستطع الوزارة ولا هيئة حماية المستهلك أن تقدِّما حلاً جذريًا لها. وختامًا.. تعوّدت أن أكتب عن الحج في نهاية الموسم، ولكنني في هذا العام ارتأيت أن النقاط التي أوردتها في هذا الطرح ذات أهمية قصوى تستحق التنبيه والاهتمام من الجهات المختصة مع بداية الموسم، مع خالص التمنيات لكل الأفراد والجهات المختصة بالتوفيق في مهمتهم الجليلة، وللحجاج برحلة روحانية ممتعة، تتكلل بحج مبرور وذنب مغفور بإذن الله تعالى. Salfarha2@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (23) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :