محمد العمر يكتب.. الدراما السعودية تعرُج

  • 8/1/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

السيناريو والقصة هنَّ البنية التحتية في الدراما والأفلام، ولكن صناعتهما تعتمدان بدرجة كبيرة على خلفية الصورة أيضاً، ويعني ذلك تسليط الضوء على جانب جمال المكان كالطبيعة أو الأثار التاريخية أو النهضة العمرانية، ومن ذلك استعراض للقوة المالية والإقتصادية والتنموية والسياحية وغيرها. وليس ببعيد، فقد اعتمدت المسلسلات التركية على إبراز الطبيعة والأنهار والقصور والأحياء الراقية وجمال تصميمها، والمناطق الريفية البسيطة ذات النمط التقليدي الأخاذ، بفضل لمسات جعلتها مزاراً سياحياً، وقد استطاع رجال الأعمال الأتراك إلى غزونا بالجذب عبر تلك الأسلحة الدرامية الفتاكة، وبالفعل قد أصابت أهدافهم، وهاهي تركيا تزخر بسياحنا العرب. مع فارق التشبيه، وعندما نتحدث عن صناعة الدراما في السعودية، فإننا نشاهدة الصورة الرمادية التي تعكس البرود الإحترافي، فلا مشاهد عامة للمحيط والمكان الساحر العين، ولا مناظر شادَّة للعقل والقلب، بمعنى أن المنتجين في غالبهم لاهثون خلف الربح السريع وتوفير المادة، واختيار أقل الأماكن كلفة وجودة، فتظهر الصورة النمطية عن بلادنا “متقشفة .. ناشفة .. متدنية”. تملتك مملكتنا الحبيبة مناطق جذابة ومذهلة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لدينا منطقة عسير وأجوائها الخلابة وجبالها الخضراء، وبالقرب منها منطقة جازان ووديانها الفاقعة بألوان الطيف، وهناك السواحل الشمالية وشواطئها التي تظاهي وبلا مبالغة “المالديف وجزرها”، ولا ننسى أريافا ممتدة في جميع أنحاء البلاد تملؤها مناظر طبيعية وقرى تاريخية ومزارع انتاجية. أتفهم أن المنتج يواجه تحدياً مالياً أحياناً، وبعض الفنانين لا يلزمه سوى الظهور وقيمة الأجر، والمخرج وهو صاحب الرؤية البصرية ليس أمامه سوى المتوفر، ولكن ماذا لو دعمت وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الثقافة وبعض الجهات ذات الإختصاص تلك الأعمال، وفعلت جانب التسويق لمعالم الدولة، والاحساس بالمسؤولية، فهو جانب مهم لتعزيز دور السياحة الداخلية والخارجية. من جانب آخر، وهو معني بهجرة الدراما السعودية، فهناك عقبات قد يواجهها المنتجون وتؤرق الفنانين أيضاً ولا تساعد على فكرة التسويق السياحي ولا أريحية التصوير المحلي، وهي صعوبة تجهيز الكوادر في الأماكن العامة لتجنب الصدام مع جهات محافظة أو متشددة، كون بعض المشاهد الخارجية تستلزم وجود فنانات وفنانين في جو مختلط يرفضه اولئك. وأحياناً تصل لمرحلة ايقاف التصوير أو تأجيله أو تحويله لمشاهد داخلية أو ترحيله لخارج البلاد، ناهيك عن عدم تواصل المنتج مع جهات أمنية لتأمين المكان، وقد لا يكون هناك آلية معيَّنة متوفرة، فمن المضحك المبكي أن تجد أحياناً طاقم مسلسل يقوم بتصوير مشهد خارجي يحتوي على دور فنانة، في جو مربك وعلى وجل وعجل وكأنهم يقدمون على جريمة. ففي الإمارات العربية المتحدة يقوم المنتج بالتواصل مع حكومة دبي حول أماكن معينة يحتاجها الأول لتصوير مشاهده، وتقوم الثانية بتأمينها وإيعاز كل جهة ذات إختصاص بتجهيزها، ولكن بمقابل مادي وتسعيرات مختلفة، وأعتقد نحن في السعودية لن نحتاج في البداية لمثل هذه التسعيرات، ولكن يتطلب منا الإحتياطات والتسهيلات. رسالتي المؤسفة، أن انتاجنا الفني المميز يغادر في تصويرة بعيداً عن أراضنا، فلا معالم لبلادنا سوى محاكاة لتفاصيل دقيقة لا تتعدى لوحات السيارات أو مسمى الشوارع أو أسوار منازل أو مساجد، فعلى سبيل المثال مسلسل سلفي الشهير، والذي وصل في انتاجه للجزء الثالث، لا زال يُصوّر في إمارة عجمان الإماراتية لأسباب كثيرة، أهمها انعدام “الأريحية والتدخلات الجانبية المعروفة”. الفن والدراما يحتاجان أيضاً إلى اهتمام أكثر وتسخير كل الامكانيات لينتعش مع رؤية 2030، فالسينما والدراما تحديداً رافدان اقتصاديان كبيران للسوق السعودي، والإلتفات لهما يعني الإيمان الكامل بأهميتهما، ومن المهم إيجاد مدن انتاج كبيرة، بالإضافة إلى معاهد للفنون المتنوعة، والتي بدورهما ستعززان مفهوم الفن وأهميَّتة مع أهله ومنفعتهما. رابط الخبر بصحيفة الوئام: محمد العمر يكتب.. الدراما السعودية تعرُج

مشاركة :