الإجراءات الاستباقية لمنع وقوع صدام شيعي ــ شيعي لم تؤد إلا إلى تأجيل ذلك الصراع ذلك لأنها لم تقض على أسبابه. اليوم وبعد انقضاء الأمل في قيام تحالف سني بعد الدمار الهائل الذي لحق بالمدن ذات الغالبية السنية يكون الطرف الثاني في معادلة الدولة الطائفية فإن القوى الحزبية الشيعية يسعى كل على طريقته إلى تبرئة نفسه من الأسباب التي أدت إلى فشل العملية السياسية التي رعتها إيران من خلال تحميل حزب الدعوة وحده مسؤولية ذلك الفشل كاملة. وإذا ما عرفنا أن كتلة حزب الدعوة كانت دائما هي الكتلة الأكبر في مجلس النواب العراقي فإن ذلك يعني أن أي انقلاب شيعي على الحزب المذكور لن يؤدي إلى تشظي التحالف الوطني حسب بل إلى حرب شيعية ــ شيعية لن تتمكن إيران من منع وقوعها أو وقف تداعياتها. وقد يكون تحذير نوري المالكي من وجود مؤامرة دولية تهدف إلى اسقاط نظام الحكم في العراق أي نظام حزب الدعوة ومن حوله أحزاب التحالف الوطني إشارة ذات دلالة إلى شعور زعيم حزب الدعوة بأن هناك قوى سياسية شيعية تسعى إلى الإطاحة بنظامه مستعينة بقوى خارجية، إقليمية ودولية. لقد تقاسمت الأحزاب الشيعية في ما بينها ثروات العراق وفق برنامج صارم أشرف عليه حزب الدعوة غير أنها في مواجهة استحقاقات المرحلة القادمة التي يتوقع الكثيرون أنها ستكون خالية من التهديدات المصيرية بعد القضاء على داعش لن تقف وراء حزب الدعوة الذي صارت لا تخفي استياءها من سياساته الاستعلائية. ما يخيف الأحزاب الشيعية المتمردة أن يكون حزب الدعوة مستعدا أكثر مما توقع لمواجهة مصيره من خلال الاستعانة بميليشيات الحشد الشعبي التي صار نوري المالكي يعتبر نفسه زعيمها الروحي. انهيار التحالف الوطني الشيعي وشيك. غير أن ذلك الانهيار قد لا يقع إلا بعد أن تحسم الولايات المتحدة أمرها في شأن النفوذ الإيراني في العراق بشكل قاطع. فاروق يوسف
مشاركة :