تونس – وصفت الناطقة باسم الرئاسة التونسية سعيدة قراش الخميس تصريحات الرئيس السابق المنصف المرزوقي لقناة الجزيرة القطرية حول أحداث السفارة الأميركية 2012، بأنها غير مسؤولة، معتبرة أن المرزوقي ليس رجل دولة وهذا هو الفرق بينه وبين الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي. وأكدت أنه يحق لأجهزة الدولة المعنية تتبع المرزوقي قضائيا، مضيفة أن رئاسة الجمهورية ستتفاعل مع أي قرار تتخذه لجنة التحقيق القضائي والسلط المعنية المتمثلة في وزارة الدفاع الوطني، موضحة أن مؤسسة الرئاسة ملتزمة بالقانون الذي يكفل أيضا لأجهزة الدولة المعنية حق اتخاذ الاجراء الذي تراه مناسبا. وكان المرزوقي قد فجر جدلا حادا في تونس حين ادعى في مقابلة مع الجزيرة القطرية أنه أمر الجيش التونسي بالتدخل لحماية السفارة الأميركية والسفير الأميركي حين هاجمها العشرات من السلفيين في الواقعة التي أطلقوا عليها "غزوة السفارة الأميركية" في سبتمبر/ايلول 2012، مضيفا أنه كان هناك عصيان لأوامره بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة. كما أشار إلى أنه عارض أي انزال أميركي في تونس (حوالي 300 من عناصر المارينز حسب روايته) بينما كان وزير الدفاع حينها عبدالكريم الزبيدي وقائد الجيوش الجنرال رشيد عمار مع الانزال الأميركي، وهو ما نفاه الرجلان. ووصف الزبيدي تصريحات المرزوقي بأنها تزوير للحقائق. وقالت سعيدة قراش في تصريح لإذاعة محلية خاصة، إن تصريحات المرزوقي اللامسوؤلة فيها مساس بأجهزة الدولة وتعكس غياب استيعابه لمفهوم الدولة، مضيفة أنه "ليس سوى متطفل على الدولة وتمثيلها لأنه لم يأخذ العبرة من الفترة التي تولى فيها الباجي قايد السبسي منصب رئيس حكومة قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية التونسية". وكانت أوساط سياسية قد وصفت تصريحات المرزوقي وتوقيتها بأنها تصفية لحسابات سياسية. ويقول رجال قانون وسياسيون إنه لا يحق لرئيس الدولة سواء كان في المنصب أو غادره الكشف عن أسرار الدولة وأن ما تحدث عنه المرزوقي أكانت رواية صحيحة أو مختلقة تدخل في اطار أسرار الدولة التي تبقى طي الكتمان ولا ترفع عنها السرية إلا بعد سنوات طويلة وتدخل في سياق الذاكرة التاريخية والبحثية. واعتبروا أن الرئيس السابق يكون بتلك التصريحات قد عرض أجهزة الدولة للخطر وأن تصريحاته تعتبر مساسا بالأمن القومي. وقال المرزوقي لقناة الجزيرة إن الأمن اختفى وكأنه تبخر وأن الجيش لم ينفذ الأوامر أثناء مهاجمة السفارة الأميركية في 14 سبتمبر/ايلول 2012. وهاجم محتجون السفارة الأميركية بتونس احتجاجا على فيلو براءة المسلمين الذي اثار حينها موجة غضب في مختلف أنحاء العالم الاسلامي، إلا أن معظم من هاجموا السفارة كانوا من المتطرفين. وألمح المرزوقي إلى وجود تواطئ من الأجهزة الأمنية والعسكرية، مضيفا أنه كان يتصل بكبار المسؤولين الأمنيين لكن هواتفهم كانت مغلقة، معتبرا أن ذلك يدل على أن ما حدث كان مدبرا. وتابع أنه مع التطور السريع للأحداث تبادرت إلى ذهنه حادثة مقتل السفير الأميركي في ليبيا وخشي أن يتكرر السيناريو ذاته في تونس. وقال إنه أمر الحرس الرئاسي بالتدخل لحماية السفير والسفارة، بينما نفى علي العريض وزير الداخلية في حكومة الترويكا برئاسة حمادي الجبالي التي قادتها حركة النهضة من 2011 حتى 2014، وجود أي مؤامرة أو تراخ أمني في حماية السفارة الأميركية. وأقر بوجود تقصير واخلالات لكنه أكد أن الأجهزة الأمنية والعسكرية كانت تنسق في ما بينها وعملت على انهاء الأزمة، نافيا ايضا علمه بوجود خطة لعملية انزال أميركية. وأوضح أن الأمر كان يتعلق بتعزيز حماية السفارة بحراس أمن أميركيين وليس من جنود المارينز. وامتنع في المقابل عن الخوض في السجال الدائر بين المرزوقي من جهة ووزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي وقائد هيئة الأركان الجنرال رشيد عمار باعتبار أن هناك أمور لا يجوز الخوض فيها خاصة اذا تعلقت بأسرار الدولة وأمنها القومي. ويواجه المرزوقي حملة انتقادات بسبب تصريحاته من جهة وأيضا لتعامله مع قطر، وسط مخاوف من أن يكون قد كشف للدوحة أسرار الدولة التونسية في فترة رئاسته المؤقتة. وطلبت أوساط بسحب صفة الرئيس عن المرزوقي ووقف الامتيازات المالية التي لايزال يتمتع بها عن فترة رئاسته لتونس من 2011 حتى 2014. ولشق كبير من التونسيين حساسية بالغة من قطر ومن قناة الجزيرة التي أوردت الكثير من الأخبار الكاذبة خلال فترة الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. ويرى معظم التونسيين أن قطر والجزيرة جزء من الخراب والفوضى التي سادت تونس في سنوات ما بعد الثورة وأن الدوحة دعمت حركة النهضة التونسية (الشريك الحالي في الائتلاف الحكومي والتي قادت في السابق ائتلافا حكوميا تحت مسمى الترويكا في مناسبتين). واعتبر محللون أن تصريحات المرزوقي اضافة إلى كونها غير مسؤولة ولا تليق برجل دولة، تصفية حسابات مع حليفتها السابقة حركة النهضة التي تخلت عنه في الانتخابات الرئاسية 2014 وتحالف لاحقا مع خصمه الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي. وردا على موجة الغضب الشعبي وما أحدثه من جدل في الأوساط السياسية، كان المرزوقي قد برر في تدوينة سابقة على فايسبوك تصريحاته بأنه يحق للشعب التونسي معرفة تاريخه الحقيقي. ودعا إلى تشكيل لجنة برلمانية تكون متوازنة وتنظيم جلسات اجتماع على غرار ما تفعله هيئة الحقيقة والكرامة وذلك لإجراء مكافحة حول مختلف القضايا.
مشاركة :