مدن خدمات النقل البري - د. سليمان عبدالله الرويشد

  • 7/14/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

في بلد شاسع مثل المملكة تمتد فيه شبكة الطرق بطول يزيد عن الخمسين ألف كيلومتر ويمتاز بموقع إستراتيجي بين دول المنطقة يتيح له منافذ برية تربطه بثمان دول محيطه لا يمكن لقطاع خدمات أساسي مثل النقل البري بالشاحنات إلا أن يكون عصب حياة في أنشطته الاقتصادية ومحوراً لحركة نشاطه التجاري، لاسيما في ظل محدودية البدائل التي تشاركه القيام بهذا الدور في الوقت الحاضر، لذا نرى هذا القطاع وقد استقطب من الإستثمارات ما تفوق قيمته وفقاً لبعض المصادر الثمانين مليار ريالً، وأوجد في مجال أنشطته ما يزيد عن المائة وعشرين الف فرصة عمل، بعد أن أصبح القناه شبه الوحيدة في انتقال البضائع والسلع بالداخل والوسيلة التي يتم عبرها تبادل نحو 80% من التجارة البينية مع الدول المجاورة. هذا القطاع على نحو غيره من قطاعات التنمية الأخرى لا يخلو من بعض العوائق والصعوبات التي تؤثر على أنشطته، من بين تلك العوائق والصعوبات التي استجدت على مجالاته تقليل ساعات السماح لدخول الشاحنات إلى المدن، بسبب حجزها في نطاقها الخارجي، وعدم منحها الفرصة بذلك إلا في أوقات محددة، لتفادي ما ينتج عن دخول تلك الشاحنات من إزدحامات مرورية وخاصة في أوقات الذروة، وكذلك قيام وزارة العمل من خلال برنامج نطاقات بإلزام شركات ومؤسسات النقل على زيادة نسبة التوطين في هذا القطاع بداية إلى 12%، ومن ثم تخفيضها فيما بعد إلى 7%، وعدم تمكن تلك الشركات والمؤسسات من تحقيق النسبة المطلوبة وبقائها حتى الآن في إطار نسبة 3%، الأمر الذي أدى كما ينسب للمستثمرين في هذا القطاع إلى توقف نسبة كبيرة من الشاحنات عن العمل وذلك لعدم رغبة المواطنين العمل بهذا القطاع لما فيه من مشقة وعمل متواصل خارج المدن وما يتطلبه ذلك من الابتعاد عن الأسرة والسفر لفترة قد تتجاوز الأسبوع، وذلك حين مقارنته بمجالات العمل الأخرى، هذا بخلاف أن القطاع يواجه صعوبات ومعوقات توزاي ذلك لكنها مشتركة في طبيعتها مع مجالات مشابهة. هذه المعوقات مجتمعة أدت بتكتل من المستثمرين في مجال النقل البري في المملكة إلى بحث إمكانية إنشاء ما وصف بأنه مناطق إيواء أو مدن للنقل البري اقترح أن تقام على مساحات واسعة في أطراف المدن وتحديداً على مداخلها الرئيسية تحت مسمى (مدن النقل) يصاغ لها ضوابط وإشتراطات خاصة، بحيث تضم عناصر تخدم المنتسبين للقطاع ، وتؤجر على شركات ومؤسسات النقل البري باسعار معقولة، وتتيح في ذات الوقت توفير ملاذا لآلاف الشاحنات التي تجوب الطرق المحلية والإقليمية والدولية في المملكة، وتعاني من نقص في أماكن الأيواء الخاصة بها، الأمر الذي قد يؤدي إلى التهديد بالخطر على السلامة العامة، بسبب إضطرار الكثير من سائقي الشاحنات إلى قطع مسافات أطول دون التزود بالراحة الكافية والطاقة اللازمة لقيادة مركباتهم، هذا إذا تجاوزنا أن بعض المستثمرين في قطاع النقل لا يملكون في الأساس مقرات ومواقع خاصة بهم، ولا يترددون بالتالي عن إيقاف شاحناتهم وآلياتهم داخل الأحياء السكنية. هذا المقترح إذا تم النظر إليه في إطار الزيادة المتوقعة بعدد الشاحنات في المملكة التي ربما تصل إلى أكثر من ضعف العدد الحالي على مدى السنوات القادمة، يحتم في الواقع التجاوب معه ومساندته ودعمه ولكن ضمن إطار أن تكون تلك المناطق الخدماتية المتخصصة واقعة في نطاق المدن الصغيرة والقرى المحيطة بالمدن الكبرى، لا أن تكون في أطراف المدن الكبرى ذاتها أو حدودها الخارجية، وذلك حتى لا تدخل تلك المناطق التي تمثل خدمات إقليمية ضمن نطاق الزحف العمراني المستقبلي لتلك المدن الكبرى، ولكي تمثل مناطق الخدمات تلك عامل تنمية وتطوير وجذب للسكان وفرص العمل وتحسين الكفاءة الاقتصادية للمدن الصغيرة والقرى المحيطة بالمدن الكبرى، مع الحرصً أيضاً في تأييد هذا المقترح ودعمه أن يوظف بشكل أساسي ليكون عامل جذب يرفع من نسبة العاملين من المواطنين في قطاع النقل البري، وألا يستغل توفير تلك الخدمات لتصبح مبرراً آخر تتم من خلالة الزيادة مجدداً في تكاليف النقل البري من قبل المستثمرين في هذا القطاع.

مشاركة :