التفرغ للكتابة.. التجربة الأردنية

  • 8/6/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أطلقت وزارة الثقافة في الأردن منذ سنوات مشروع تفرغ الكتّاب للإبداع في الرواية والقصة والشعر ضمن شروط محددة اعتمدتها الوزارة بحيث يكون التفرغ للكتابة قائماً على معايير وحيثيات مهنية وعادلة، وكانت بالفعل تجربة رائدة على المستوى العربي، وتشكل نوعاً من الاستثمار في الثقافة من خلال «تشغيل» الكاتب الأردني، وتوفير حاضنة مادية ومعنوية له لكي يكون أكثر إنتاجية أدبية مكفولة بمكافأة مالية سنوية هي أقرب لأن تكون راتباً شهرياً له وبمبلغ محترم يوفر للكاتب وضعاً معيشياً هادئاً ومستقلاً ليكتب، ويجوّد، ويبدع، وبالفعل ظهرت مجموعات شعرية وقصصية قبل سنوات حركت ما هو ساكن في الساحة الثقافية الأردنية، وأعطت الأدب الأردني حيوية لافتة. توقف هذا المشروع لسنوات قليلة، في حدود ما أعلم، ولكنه عاد هذا العام بصيغة جديدة أعتبرها ناجحة، فالتفرغ هذه المرة تم توزيعه على مراحل زمنية تبعاً لطبيعة المادة التي يشتغل عليها الكاتب الأردني، فالرواية يتم التفرغ لكتابتها على مدى 12 شهراً، والشعر ستة شهور، واللوحة التشكيلية ثلاثة أشهر، وبالطبع تتفاوت المكافآت المالية بحسب الزمن الذي يستغرقه الكاتب في التفرغ، ومن بين ما يميز التفرغ للكتابة في الأردن بصيغته الجديدة أنه ضم حقولاً إبداعية جديدة مثل الفن التشكيلي، والنقد الأدبي، والمسرح، الأمر الذي يعني إنتاج حيوية ثقافية أردنية تتسم بالتنوع الفني، والغزارة، والتنافسية النظيفة أيضاً.هذه التجربة الأردنية في حقل التفرغ الأدبي والفني جديرة بالاحتفاء والاحترام أيضاً، ومن الجميل أن تستفيد من هذه التجربة وتطبقها دول عربية أخرى سواء بالحيثيات الأردنية، أو بحيثيات خاصة بكل بلد عربي، تقترحها وزارة الثقافة فيه وبرؤى جديدة وكيفيات مختلفة، ما يعني في المحصلة تدفق دماء جديدة في الأدب العربي عموماً وفي الثقافة العربية التي تنهض بشكل عملي على الآداب والفنون.التفرغ للكتابة استثمار، وتفعيل للرواية والشعر والقصة، وفي الوقت نفسه يضمن للكاتب استقلاليته، ويشعر بأن مشروعه الكتابي ليس سدى، وبالطبع، إلى جانب أنه يستفيد في معيشته وفي معيشة أبنائه من مكافأة التفرغ حتى لو كانت رمزية، مع الأخذ بالاعتبار أن الكثير من الكتاب العرب يهمهم بالدرجة الأولى أن تكون أعمالهم الأدبية محترمة، وحقوقهم الفكرية مصانة بالقانون، كما هي محمية أيضاً بلوائح وزارات الثقافة في الوطن العربي.نقطة يمكن إضافتها هنا، وهي على شكل سؤال أو تساؤل:.. هل يمكن للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب أن يسن قانوناً للتفرغ للكتابة في لوائحه وأنظمته الداخلية والإدارية؟ وبذلك، يتحول الاتحاد من كيان إداري تنظيمي إلى كيان إبداعي عملياً وتطبيقياً، ليستفيد من قانون التفرغ، فيما لو تبناه الاتحاد. عشرات الكتّاب العرب.. وربما المئات.. والبعض من هؤلاء ضحية مثالية للكثير من دور النشر العربية التي تجبر الكاتب على أن يدفع بالدولار.. قبل أن تنشر له كلمة واحدة.يوسف أبولوزy.abulouz@gmail.com

مشاركة :