ليس هناك إنسان سوي يرضى بإراقة قطرة دم واحدة ، وليس هناك شخص طبيعي يمكن أن يمر أمام مشاهد القتل مرور الكرام . ما حدث في مصر يوم الأربعاء الماضي ، كان ولا شك ، أمراً جللاً ، لكن دعونا وبعيداً عن العواطف والانفعالات ، نحاول أن نرتب أجزاء المشهد وزوايا الصورة حتى نخرج بقراءة تساعدنا على الفهم ومن ثم الحكم على ما جرى . قبل أن نتحدث عن الوقائع التي تراكمت ثم أدت إلى النتائج الكارثية التي شاهدناها ، دعونا نتفق أولاً على أن التظاهر والاعتصامات ، حق كفلته مبادئ وقوانين الدولة المدنية الديمقراطية ، طالما التزم المتظاهرون والمعتصمون بالسلمية . لكن إلى أي مدى يمكن للدول قاطبة بما في ذلك أمريكا نفسها ، أن تسمح باستمرار الاعتصامات إذا ما رأت أن تلك الاعتصامات يمكن أن تعطل الحياة العامة وتؤثر على مصالح الأفراد والمجتمع ..؟ على سبيل المثال ورغم الموقف الأمريكي الرافض لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة والعودة إلى لهجة الابتزاز والتهديد بقطع المساعدات الأمريكية لمصر ، فقد فضت الشرطة الأمريكية قبل حوالي عامين ، ولأكثر من مرة ، الاعتصامات التي عرفت باسم (( احتلوا وول ستريت )) تحت ذريعة تعطيل حركة المرور وعرقلة مصالح السكان والعاملين في منطقة وول ستريت . وحتى عندما خرج المتظاهرون بعد اعتقال المئات منهم ، من منطقة وول ستريت واتجهوا إلى حديقة عامة في مدينة نيويورك ، تدخلت الشرطة وفضت الاعتصام واعتقلت مئات آخرين من المعتصمين . ولا حاجة هنا للتذكير بأن الاعتصامات في أمريكا كانت سلمية مائة في المائة . أما حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا ، فقد فضت اعتصامات ميدان تقسيم .. ولا داعي للتذكير هنا أيضا ، بأن أحداً من معتصمي تقسيم لم يحمل عصى أو حجرا ولم يهاجم قوات الأمن . في مصر حدثت ثورة شعبية استجاب لها الجيش كما استجاب للثورة التي قبلها ، وقام بخلع النظام . لكن أنصار النظام اعتصموا لأكثر من ٤٠ يوماً ، مطالبين بعودة الرئيس الذي خرجت عشرات الملايين مطالبة بعزله . أنصار النظام لم يكتفوا بالاعتصام السلمي ولكنهم عرقلوا مصالح الناس واختطفوا المنطقة التي اعتصموا فيها وعزلوها عن سلطة رجال الأمن ، بل إنهم أقاموا المتاريس وجهزوا الميدان ليكون ساحة قتال ، وكدسوا السلاح ، ثم قاموا بعد فض الاعتصام بالاعتداء على أقسام الشرطة وقتل الضباط والتمثيل بجثثهم ، كما أنهم حرقوا الكنائس واعتدوا على الممتلكات العامة وأحرقوا بعض مباني الوزارات والمحافظات .. فكيف يمكن لأية دولة أن تسكت عن كل ذلك ؟! ليست هناك دولة تسكت عن دعوات الجهاد ضدها ، وتسمح بإشاعة الفوضى والعنف والقتل الذي وصل إلى استهداف رجال الجيش في سيناء ، حسب اعتراف القيادي الإخواني محمد البلتاجي . منطق الدولة يقتضي التعامل بصرامة مع كل ما من شأنه تقويض أركان الدولة. anaszahid@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :