بونابرت يغادر فرنسا إلى منفاه في «سانت هيلانه»

  • 8/8/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: عبير حسين تجاوزت براعته تخصصه بالعلوم العسكرية، لتشمل إجادته للآداب والتاريخ والجغرافيا، وتنوعت قراءاته العميقة لفكر الفلاسفة في القرن الثامن الثامن عشر، وكانت خليطاً من أفكار ومبادئ فولتير ومونتسكيو وروسو، فكانت النتيجة قائداً من طراز خاص ملأ الدنيا بصخبه العسكري وحكم فرنسا أواخر القرن الثامن عشر بصفته قنصلاً عاماً، ثم عاد ليحكمها إمبراطوراً في العقد الأول من القرن التاسع عشر. لكن ذاكرة اليوم لا تحتفظ لنابليون بونابرت بأي ذكرى تمجد انتصاراته العسكرية، ولكنها تسجل اليوم على أنه «النهاية»، إذ يصادف موعد مغادرته فرنسا منفياً إلى جزيرة «سانت هيلانه» النائية التي تقع وسط المحيط الأطلسي الجنوبي بين إفريقيا والبرازيل، في العام 1815.خاضت الإمبراطورية الفرنسية في عصر بونابرت عدة نزاعات عرفت ب«الحروب النابليونية» تورطت فيها جميع القوى العظمى في أوروبا، أحرزت فيها فرنسا انتصارات باهرة على جميع الدول التي قاتلت ضدها، فجعلت نفسها مركزاً رئيسياً في أوروبا القارية، وبفضل نابليون بونابرت توسع التدخل الفرنسي في إدارة الشؤون السياسية للقارة عن طريق التحالفات تارة، ومن خلال تنصيب بعض أقاربه وحلفائه على عروش الدول الأخرى تارة أخرى. كتبت هزيمة نابليون بونابرت في معركة «واترلو» أمام القوات البريطانية والبروسية آخر أمجاد نابليون العسكرية، إذ اضطر بعدها إلى الاستسلام للبريطانيين، وبعد فترة اعتقال قصيرة في السجن صدر بحقه قرار بالنفي إلى «سانت هيلانه». تقرب نابليون في أول أيامه على الجزيرة من عائلة «وليام بالكومب» مالك المنزل الذي عاش فيه، وسرعان ما أصبح صديقاً للعائلة التي كتبت ابنتها الصغرى إليزابيث لوسيا، كتاباً عنه بعنوان «ذكريات الإمبراطور نابليون»، وانتهت هذه الصداقة سريعاً في العام 1818 بعد شكوك ساورت السلطات البريطانية من أن «بالكومب» يلعب دور الوسيط بين بونابرت وباريس في محاولة للعودة إليها فكان قرارها بترحيل بالكومب وعائلته من الجزيرة.نقل نابليون بعد ذلك للعيش في «منزل لونكوود» الذي كان شديد العطب ومرتفع الرطوبة، وعلى الرغم من شكواه الدائمة إلى حاكم الجزيرة السير «هدسون لوي»، إلا أنه لم ينقل إلى منزل آخر. استغل بونابرت فترة نفيه في كتابة مذكراته بمعاونة عدد من ضباطه الذين حضروا معه إلى الجزيرة وفضلوا البقاء إلى جواره. وتحدث نابليون فيها كثيراً عن المعاملة السيئة التي كان يتلقاها من «لوي» ومنها تخفيض حجم النفقات المالية الشهرية المخصصة، ومنع إرسال أو تسليم أي رسائل أو هدايا فيها إشارة إلى نابليون باعتباره إمبراطوراً، إضافة إلى إجبار أتباعه على التوقيع على وثيقة خاصة يوافقون فيها على البقاء إلى جواره إلى أجل غير مسمى، وحرمانهم من العودة إلى بلادهم. لم يتحمل نابليون كثيراً ما حدث له، فغادر الحياة سريعاً في العام 1822.

مشاركة :