تخلى عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي ورئيس الحكومة السابق، عن تحفظه في الكلام الذي ميز خطاباته منذ إعفائه من تشكيل الحكومة، وعاد لأسلوبه المعهود في بعث الرسائل المشفرة والصريحة في كل الاتجاهات.وقال ابن كيران في لقاء مفتوح جمعه مع شباب حزبه، في أول محاور الملتقى الوطني الـ13 لشبيبة حزب العدالة والتنمية أمس، إن «مشاركتنا في هذه الحكومة تضحية من حزب العدالة والتنمية»، مبرزاً أن القضية «لم تكن سهلة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، خصوصاً أن هذه الحكومة دخلها حزب كنت رفضت دخوله»، في إشارة إلى مشاركة الاتحاد الاشتراكي في حكومة العثماني.وأضاف أمين عام «العدالة والتنمية» بنبرة لا تخلو من تحدٍ: «لن نتنازل. البلاد ينبغي أن يسيرها جلالة الملك مع السياسيين الصادقين»، مشدداً على أنه «إذا وجد فينا غراماً من الخيانة، فأنا أطلب منه علانية حل حزبنا»، وذلك في كلام غير مسبوق من رئيس الحكومة السابق، ومضى قائلاً: «إذا تعارض الحزب مع الملكية فنحن من سيحله قبل غيرنا، لأننا نؤمن ومقتنعون بأن الملكية في المغرب كنظام لا بديل عنه... وإذا ثبت أن واحداً منا عاقب سكان الحسيمة، سأطلب من جلالة الملك حل حزب العدالة والتنمية»، وذلك في تحدٍ واضح منه ورسالة مشفرة لغريمه «الأصالة والمعاصرة».ولم يفوت ابن كيران الفرصة دون أن يلمز إلى عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار الذي لعب دوراً رئيسياً في عرقلة تشكيله للحكومة، حيث قال: «هناك فرق بين السياسة والتجارة والشأن العام، والتجار فيهم الصالح والطالح، وكثير منهم ناجح لأن الدولة تدعمه... دعونا نكون واضحين».وأوضح ابن كيران في خطاب «قوي» أمام المئات من أعضاء شبيبة حزب العدالة والتنمية خلال افتتاح الملتقى الوطني الذي تنظمه بمدينة فاس (شرق الرباط)، مساء أول من أمس، أنه لن يعلق على خطاب الملك الذي ألقاه بمناسبة ذكرى عيد الجلوس الأخير، لكن في الآن ذاته، عده قاسياً على الأحزاب السياسية والإدارة.وعاد ابن كيران ليذكر بالمرحلة الصعبة التي قضاها في مشاورات تشكيل الحكومة دون أن يفلح في مهمته، رغم مرور ما يزيد على 5 أشهر، حيث طالب «بفتح تحقيق في من تسبب في (البلوكاج) أثناء فترة تشكيله للحكومة بعد انتخابات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، مشدداً على أنه «يجب فتح تحقيق من أجل معرفة من المسؤول، ومن الذي عبث بمسار المغرب طيلة 5 أشهر»، مبرزاً أن محاولاته واجهت «لعباً وتلاعباً»، لافتاً أنه «علم بأن قرار تشكيل الحكومة بأغلبية وأحزاب معينة تم اتخاذه منذ مدة، غير أنهم ناوروا لمدة 5 أشهر من أجل منعه من تشكيل الحكومة».كما طالب ابن كيران بـ«فتح تحقيق في مسيرة الدار البيضاء التي نظمت ضد (أخونة الدولة) وحزب العدالة والتنمية، وهي المسيرة التي لم يتبنها أحد»، معتبراً أنها «لم تحصل على ترخيص»، وذلك في رسالة مشفرة منه إلى السلطات التي قررت منع مسيرة 20 يوليو (تموز) بالحسيمة (شمال البلاد)، والمواجهات التي شهدتها بين رجال الأمن والمتظاهرين، وأسفرت عن سقوط عدد من الجرحى في كلا الجانبين.ومضى ابن كيران قائلاً: «لنكن صرحاء. لو كان حزب العدالة والتنمية هو من يسير جهة الريف كما يسيرها (الأصالة والمعاصرة) اليوم، ووقع ما وقع في الحسيمة فكيف كان سيتم التعامل مع (العدالة والتنمية)؟ أكملوا من عندكم». وتهكم ابن كيران على إلياس العماري أمين عام «الأصالة والمعاصرة» ورئيس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، الذي سافر في عز أزمة الريف للولايات المتحدة للبحث عن الشراكات والاتفاقيات.ودعا ابن كيران إلى الكف عن التدخل والتحكم في الأحزاب، وذلك في دعوة صريحة منه إلى رفع يد الدولة عن الأحزاب والتحكم في القرار الحزبي. ولم يفوت الفرصة لتوجيه رسائله إلى أعضاء حزبه وأتباعه، مؤكداً أن طريق الإصلاح خيار صعب يحتاج إلى الصبر والصمود وأداء الثمن إذا اقتضى الأمر في سبيل ذلك.وأضاف ابن كيران في السياق ذاته: «خرجت والحمد لله مرفوع الرأس، لا تشغلوا أنفسكم بالتفاهات، أنا حي أرزق»، الأمر الذي يمثل إشارة واضحة منه إلى خصومه وأعضاء حزبه بأنه ما زال مصراً على الاستمرار في القيام بدوره في المشهد، وأنه لن يتراجع أو ينسحب، معتبراً أن ما حدث أصبح من الماضي وحضوره إلى جانب العثماني في افتتاح ملتقى الشبيبة «هو رسالة لمن يهمه الأمر»، وفق تعبيره.وبخصوص توليه ولاية ثالثة على رأس الحزب، التي رفعها أعضاء شبيبة «العدالة والتنمية» مرات عدة في الجلسة، قال ابن كيران إن المجلس الوطني هو الذي سيقرر «إذا اقتضى الأمر لا تقولوا الولاية الثالثة، أريدكم أن تقوموا باللازم من أجل أن يبقى رأس البلد مرفوعاً. هذا هو الطريق رغم أنه قاسي. لكن لا بد من الصبر».من جهته، أكد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن الحكومة مستمرة في نهجها الإصلاحي، وستواصل ما بدأته حكومة ابن كيران، مبرزاً أن هناك «جهات تعمل على عرقلة عمل الحكومة والمشاريع التي تطلقها من أجل خدمة المواطنين».وهاجم العثماني وسائل الإعلام التي اتهمها بممارسة «التشويش والتضليل»، معتبراً أن «80 في المائة من الأخبار التي تنشرها الصحف والجرائد المغربية، إما يتم تضخيمها أو تكون مضللة»، وأشار إلى أن الحزب يتعرض منذ مدة لما سماها «حملة ممنهجة تستهدف أداءه في الحكومة ومنجزاته السياسية».وأفاد العثماني بأن حكومته تستعد لتقديم حصيلة المائة يوم الأولى من التدبير الحكومي، مشيراً إلى أنها ستكون «حصيلة مشرفة جداً».وبدأ لافتاً إلى أن رئيس الحكومة لم يحظَ بالاستقبال الحار نفسه الذي خص به شباب الحزب ابن كيران، الذين لم يترددوا في التصفيق له بحرارة مرات عدة أثناء إلقاء كلمته، فضلاً عن رفضهم شعار المطالبة بالولاية الثالثة له في حضرة العثماني الذي يعد المرشح الأبرز لخلافة ابن كيران، ما لم يتم تعديل القانون بما يسمح لابن كيران بتولي قيادة الحزب لولاية ثالثة.
مشاركة :