كتب - إبراهيم بدوي: تراهن دول الحصار على إطالة الأزمة الخليجية رغم فشل رهانها على صدمة الأيام الأولى لحصار دولة قطر ونجاح الدوحة في مواجهة أي محاولة للنيل من سيادتها وإرادة شعبها. ومع دخول الأزمة شهرها الثالث، كشفت محصلة أكثر من شهرين على حصار قطر، عن فشل ذريع يلاحق دول الحصار على كافة المستويات. ويبرز هذا الفشل في مخططات استهدفت تشويه صورة قطر سياسياً بمزاعم دعم وتمويل الإرهاب واقتصادياً بإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية في محاولة بائسة لخنق وعزل الدولة وشعبياً بتعاطف شعوب دول الحصار نفسها مع أهل قطر ورفضهم القرارات المتهورة التي اتخذتها حكوماتهم ضد شعب شقيق فضلاً عن الانتهاكات الإنسانية التي عانت ولا تزال تعاني منها شعوب الخليج لأول مرة في تاريخها، بحرمانهم من الحق في حرية التنقل والتعليم والعلاج ولمّ شمل الأسر والعائلات. وترصد الراية سيناريوهات الفشل المتعددة التي وقعت فيها دول الحصار على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والشعبية فيما تقف الإدارة القطرية ثابتة وراسخة على مبادئ وأصول تحكم العلاقات الدولية والأعراف الدبلوماسية في حل النزاعات بالحوار والتفاوض فضلاً عن قيم وأخلاقيات لا تحيد عنها على عكس دول الحصار التي هيمنت عليها حالة من التخبط والعشوائية غير مسبوقة، لم تترك انتهاكاً أو جرماً أو طريقاً ملتوياً إلا سلكته لتحقيق أغراضها المكشوفة الهادفة إلى إدخال السيادة القطرية في عباءة قرار دول الحصار. قطر عصية على العزلة الاقتصادية راهنت دول الحصار على خنق وعزل قطر اقتصادياً بإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية. وارتكزت في مخططاتها على ثقة الدوحة في الاعتماد على أشقائها في توريد أكثر من ٨٠٪ من احتياجاتها من السلع الغذائية. ورغم خسة ونذالة دول الحصار ومحاولتهم المشينة لاستغلال هذه الثقة في تعطيش الأسواق القطرية من جهة وضرب مشروعات البنية التحتية بتعطيل استيراد مواد البناء من جهة أخرى، إلا أن الدوحة سرعان ما امتصت طعنة الغدر وبحثت عن بدائل ومنافذ أخرى حفاظاً على أمن وسلامة المواطنين والمقيمين. وتمكنت قطر من فتح خط جوي مباشر ومستدام مع تركيا لتوريد السلع الغذائية، كما قامت بتدشين ٥ خطوط ملاحية جديدة مع دول سلطنة عمان وتركيا والهند. وحافظت على سعر عملتها أمام الدولار وفتحت المجال أمام الاستثمار الداخلي بحوافز وتشجيع من القيادة القطرية نفسها. كما تواصل العمل مع العديد من الدول الصديقة لفتح شراكات جديدة وتعاون في مجال الاستزراع والتصنيع سواء داخل أو خارج قطر. وبرز الدرس الأكبر من هذه التجربة المريرة مع دول شقيقة في الاهتمام بتحقيق الاستقلالية الاقتصادية والاعتماد على الذات في مشروعات حيوية تعد بمثابة أمن قومي للبلاد. دول الحصار خسرت احترام الشعوب أكدت الأزمة الخليجية، الأسوأ في تاريخ المنطقة، خسارة دول الحصار الرهان على موقف وتأييد الشعوب بعد انتهاكها لحرماتهم وحقوقهم في السفر والتعليم والعلاج وقطعها صلة الأرحام بين الأسر والعائلات المشتركة. وعلى العكس من المخطط الدنيء باستخدام الشعوب كوسيلة للضغط على الحكومات والأنظمة، انتصرت قطر بدعم شعبي منقطع النظير وتأييد غير مسبوق للقيادة القطرية حتى من داخل دول الحصار. ورغم ما تدعيه بعض هذه الدول بأنها منارة الانفتاح والحريات بالمنطقة، إلا أنها انتهجت سياسة تكميم الأفواه ضد أبنائها وقامت بفرض عقوبات بالغرامة والسجن تصل إلى ١٥ عاماً لكل من يتعاطف مع قطر أو يبدي تأييداً لموقفها النزيه ما يؤكد ضعف موقف هذه الدول وزيف مزاعمها وهشاشة حجتها. كما خسرت دول الحصار احترام الشعوب التي مازالت تعاني من انتهاك حقوقها في التنقل والسفر والتعليم. وأصبحت تصب لعناتها على حكومات هذه الدول التي تذيقها يوماً بعد يوم مرارة البعد عن الأهل والأصدقاء وتمزيقها صلة الأرحام بين الأسر والعائلات المشتركة فضلاً عن تكبيد الكثير من المواطنين خسائر بالملايين لعجزهم عن متابعة أملاكهم في دول الحصار وغيرها من انتهاكات دول الحصار ضد الشعوب التي أصبحت حديث العالم الحر. دول الحصار عاجزة عن تسويق مزاعمها يرى خبراء ومحللون أن الاتهام الزائف بدعم وتمويل الإرهاب، كان كفيلاً بثورة العالم ضد قطر إذا ما كانت مدانة حقاً. وكشفت قوائم دول الحصار عن زيف وتدليس كبيرين بوضعها شخصيات ومؤسسات مشهود لها على المستوى الأممي بالكفاءة والعطاء السخي لخدمة الإنسانية ولعل أبرزها مؤسسة قطر الخيرية. ورغم ادعاءات دول الحصار، يؤكد موقف دول كبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها أن قطر شريك إستراتيجي في مكافحة الإرهاب والقضاء على بعض أسبابه من فقر وقمع واستبداد. وأصبحت مواقف الدوحة تدافع عنها ضد مزاعم دول الحصار، بدعمها برامج تنمية في مناطق وأقاليم عديدة من شأنها القضاء على بعض مسببات الإرهاب لعل أبرزها رعايتها ملف السلام والتنمية في إقليم دارفور جنوب السودان. وتأكد المجتمع الدولي على مدار أيام الأزمة من حكمة وسلامة موقف قطر في ظل سذاجة المحاصرين واتباعهم نهجاً لا يحترم سيادة الدول. وفشلت كل محاولات دول الحصار في الإساءة إلى الدوحة وبدأت تتكشف حقيقة اتهاماتهم المغرضة يوماً بعد يوم. قطر تنتصر بآلية الحوار.. والرباعي يتخبط تبرهن مواقف الدول الكبرى على فشل دول الحصار في إقناع المجتمع الدولي بنزاهة مقصدها وعدالة اتهاماتها ضد قطر. وبرزت خسارة دول الحصار للرهان السياسي والدبلوماسي بتوافق الرؤى الدولية لحل الأزمة مع الرؤية القطرية عبر التفاوض والحوار وليس رؤيتهم القائمة على التعنت والحصار. كما انتصرت قطر في المعركة السياسية بثبات موقفها المتسق مع القوانين الدولية لحل النزاعات سلمياً فيما تخبطت دول الحصار بين مؤتمري القاهرة والمنامة بفرض مطالب غير منطقية تمس السيادة الوطنية ووضعها حدوداً لعلاقات الدوحة مع جيرانها ثم القول بأن هذه المطالب لاغية ثم اعتبارها أساسية لبدء الحوار. كما اتسق الموقف الأممي مع الرؤية القطرية لحل الخلاف بالطرق السلمية عبر الحوار لا الحصار. ولم تصطف المنظمة الأممية مع دول الحصار التي مارست نوعاً من التنمر السياسي على دولة قطر ولم يصدر عن المنظمة الأممية أي قرار بإدانة قطر وعلى العكس أكدت في أكثر من مرة أن قطر لاعب وشريك أساسي في حفظ الأمن والسلم الدوليين.
مشاركة :