بحر لتسكن أم تضيع؟

  • 8/9/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

صدقت أقوال درويش وتصوراته للمستقبل في أكثر من موقع، فقد كان نافذ البصيرة، وأجاد في استشراف المستقبل، مستفيدا من رؤيته الدقيقة في موازنة الأمور وقراءتها بدقة، بعيدا عن العاطفة أو الأهواء الشخصية، فقد عاشت البلاد العربية خلال الأعوام الأربعة الماضية ما حذر منه درويش منذ أعوام، ومن يدقق جيدا فيما قاله يستغرب لما حدث، وكأن درويش شاهد هذه الأمور قبل كتابته الشعر. فالصورة التي يظهر فيها الطفل السوري اللاجئ، الذي مات غرقا، كتب عنها درويش منذ زمن وقال: "عَمَّ تبحث يا فتىِّ في زورق الأوديسةِ المكسور عَمَّ؟ - عن موجةٍ ضيعتها في البحرِ عن خاتَمْ لأُسيِّجَ العالمْ بحدود أُغنيتي - وهل يجدُ المهاجر موجةً؟ - يجد المهاجر موجةً غرقتْ ويُرجعها مَعَهْ بحر لتسكن، أم تضيعْ بحرٌ لأيلولَ الجديدِ أم الرجوع إلى الفصول الأربعَة بحر أمامك، فيك بحرٌ من ورائكَ وعن البحر يكتب درويش: البحرُ دهشتنا، هشاشتُنا/ وغربتُنا ولعبتُنا/ والبحرُ صُورَتُنَا/ ومَنْ لا بَرَّ لَهْ ولا بَحْرَ لَهْ.../ بَحْرٌ أمامكَ، فيكَ، بحر من ورائك. فوق هذا البحر بَحْرٌ، تحتهُ بَحْرٌ/ وأنتَ نشيدُ هذا البحرِ... ضَعْ شكلنا للبحرِ. ضَعْ كيسَ العواصفِ عند أول صخرةٍ واحملْ فراغَكَ... وانكساري... واستطاعَ القلبُ أن يرمي لنافذةٍ تحيَّتهُ الأخيرةَ، واستطاع القلبُ أن يعوي، وأن يَعدَ البراري بالبكاء الحُرِّ... بَحْرٌ جاهزٌ من أجلنا/ دَعْ جسمك الدامي يُصَفِّق للخريفِ المُرِّ أجراساً. ستتَّسعُ الصحاري/ عمَّا قليلٍ/ حين ينقضُّ الفضاء على خطاكَ/ فرغتُ من شَغَفي ومن لهفي على الأحياء. أفرغتُ انفجاري من ضحاياك/ استندتُ على جدارٍ ساقطٍ في شارعِ الزلزالِ/ أَجْمَعُ صورتي من أجل موتكَ/ خُذْ بقاياكَ، اتخذني ساعداً في حضرة الأطلالِ. خُذْ قاموسَ ناري وانتصرْ في وردةٍ تُرمى عليكَ من الدموعِ، ومن رغيفٍ يابسٍ، حافٍ، وعارِ وانتصرْ في آخر التاريخِ... لا تاريخَ إلا ما يؤرِّخه رحيلُكَ في انهياري.

مشاركة :