خيري منصور لا أعرف بالضبط من الذي اقترح مصطلح رجال الأعمال للتعبير عن فئة اجتماعية تحترف التجارة وكأن الأعمال كلها في هذا العالم تجارية فقط، وبالمقابل نتساءل من هم رجال الأقوال؟ هل هم المفكرون والمثقفون الذين يتعاملون مع الكلمة؟ أم هؤلاء الذين كان يقصدهم الرئيس بوش الابن وهو يتحدث عن الأقوال بمعزل عن الأفعال؟وقد تكون النزعة الذكورية المزمنة في ثقافتنا هي التي جعلت الأعمال حكراً على الرجال رغم أن هناك في عالمنا العربي نساء أعمال أثبتن جدارتهن ومنهن من تفوقن على الذكور!حتى في الترجمة تتدخل هذه النزعة الذكورية، لتصبح مقولة الإنسان هو الأسلوب المنسوبة إلى هوفمان الرجل هو الأسلوب!وإذا صح أن رجال الأقوال وكذلك النساء المشتغلات في حقل المعرفة هم الذين يعانون بطالة تاريخية فإن ما يتبقى من هذا الكوكب هو مظاهره العمرانية والمادية فقط، فالأباطرة ومنهم نابليون اعترفوا بأن الكلمة نصف التاريخ على الأقل إذا كان السيف هو نصفه الأول، أما ما نردده أحياناً من قصيدة شهيرة لأبي تمام وهو أن السيف أصدق إنباءً من الكتب فهو ليس الحقيقة كلها، لأن معركة عمورية التي كتب قصيدته عنها خلدتها الكتب وبالتحديد كلمات الشاعر التي لم تكن سيوفاً لكنها عبرت العصور وعاشت وشهدت على ما حدث ثم أصبحت أمثولة!إن الاستخفاف بالكلام يحرم البشر من أهم ما أنجزوا في تاريخهم وهو الذي أطلق عليه الفيلسوف هايدجر أعز مقتنيات الإنسانية، لهذا فالقول ليس مضاداً للفعل، لأنه أحياناً فعل. وربما أكثر من فعل والأفعال مهما بلغت من العنفوان والقوة تبقى أشبه بالسديم إذا لم تقترن بالأقوال، وهذا ما عبر عنه أيضاً جوزيف ناي بمصطلح القوة الناعمة الذي تتداوله الميديا بتفاوت شديد حول دقته!وإذا كان رجال ونساء الأقوال هم مبتدأ التاريخ فإن رجال ونساء الأفعال هم خبره.
مشاركة :