للتاريخ... الحصار وتداعياته - مقالات

  • 8/11/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قال ابن بشر في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد: «ثم أمر العساكر أن يهدموا دورها وقصورها، وأن يقطعوا نخيلها وأشجارها، ولا يرحموا صغيرها ولا كبيرها، فابتدر العساكر مسرعين، وهدموها وبعض أهلها مقيمون، وقطعوا الحدائق، وهدموا الدور والقصور، ونفذ فيها القدر والمقدور، وأشعلوا في بيوتها النيران». وإبراهيم باشا، الذي لا يحترم كبيراً ولا صغيراً ولا عالماً، فقد أحضر في مجلسه العالم الجليل سليمان بن عبدالله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب وأظهر بين يديه آلات اللهو والطرب وقال له: «ماذا تقول بهذه»؟ فقال - رحمه الله: «إنها حرام، ولا يجوز الاستماع إليها». فقام هذا الطاغية، وأخرجه إلى المقبرة، وأطلق عليه خمس رصاصات، فسقط شهيداً، وقد مثل بجثته، فقطعت عضواً عضواً. كما أمر بتعذيب القاضي العلامة أحمد بن رشيد الحنبلي بالضرب والطعن بالحراب، ثم قُلعت جميع أسنانه واحدة واحدة في مجلسه. وكان أفظع من ذلك كله أنه أمر بعد أشهر عدة من استسلام الدرعية بطرد أهلها منها، بما في ذلك النساء والأطفال والشيوخ، ليأمر بعدها بدك المدينة جميعها بالمدفعية، ويشعل النيران في كل أحيائها، ويقطع أشجار النخيل من البساتين المحيطة بها... يقول الزركلي: عبدالله بن سعود من أمراء نجد، وليها بعد وفاة أبيه سنة 1229 هـ، وحاربته جيوش العثمانيين القادمة من مصر، وتغلب عليه قائدها إبراهيم باشا، فطلب الصلح وأجابه إليه إبراهيم، فتم الصلح وأرسله إبراهيم إلى مصر، فأكرمه واليها محمد علي باشا، ووعده بالتوسط له عند حكومة الأستانة، فقال عبدالله: «المقدر يكون» وحُمل إلى الأستانة هو ومن معه فطيف بهم في شوارعها ثلاثة أيام متتابعات، وأعدموهم في ميدان مسجد أيا صوفيا، وقطعت رؤوسهم، وظلت جثثهم معروضة بضعة أيام، وكان عبدالله شجاعاً تقياً رحمه الله رحمة واسعة. وقال الشيخ عبدالرزاق البيطار في كتابه: «حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر» في ترجمة إبراهيم باشا بن محمد علي باشا خديوي مصر والقاهرة: «غشوم ظالم، وظلوم غاشم، خليفة الحجاج في أفعاله وناهج منهجه في أقواله وأحواله، محتوٍ على الفساد، منطوٍ على الأنكاد، مجبول على الغلظة والقساوة، مجعول من الفظاظة، معدوم من اللطافة والطلاوة، متضلع من الأذى لم يخلق الله تعالى في قلبه شيئاً من الرحمة». الجبرتي وموقفه من دعوة الإمام يقول الجبرتي: «وحضر بصحبة الحجاج كثير من أهل مكة هروباً من الوهابي، ولغط الناس في خبر الوهابي، واختلفوا فيه فمنهم من يجعله خارجياً وكافراً، وهم المكِّيون ومن تابعهم، وصدَّق أقوالهم، ومنهم من يقول بخلاف ذلك لخلو غرضه»، فقد زوَّد الوهابيون الحجاج ببعض المنشورات التي تشرح فكرهم وقرأها الجبرتي كما ناقشها مع الحجاج العائدين، وسمع منهم وسألهم، ثم سلك سلوك المؤرخين الشرفاء أو الصحافيين المخلصين لشرف المهنة، فقد أثبت منشور الوهابي حرفياً في كتابه في حوادث 1218 هجرية، (فليرجع إليه من أراد التحقق في الأمر). وفي المنشور شرح وتفصيل لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب، وهي الدعوة لتحقيق التوحيد ونبذ الشرك، وبيان صفات الله تعالى وأنه استوى على عرشه استواءً يليق بجلاله، وصفاته لا تشبه صفات البشر وهي تليق به من غير تأويل ولا تعطيل ولا تحريف، كالوجه واليد والساق والقدم والأصابع.

مشاركة :