الفلاسفة بين التأكيد والإنكار

  • 8/11/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مفهوم شوبنهور للعالم يقوم على جدلية الذات – الكل، وهو الذي يقول: إنني أفهم العالم بقياسه إلى نفسي فحسب. وهذا يعني أن العالم حالة ذهنية قد وجدت أسبابا في كيان المرء لقياسه عليها من دون الإحساس بالعالم الخارجي وتقلباته التي يكون الإنسان أحيانا عرضة لهذه التقلبات فيكون آنذاك من الصعوبة رسم نهج ما لطبيعة وحدانية التفكير للشعور بالاطمئنان وتقرير المصير وفق مايريده وليس تحت مؤثرات البيئة المختلفة. أما كل شيء يلقاه في عالم الظواهر حسب تعبيره، فهو تعبير عن إرادة الحياة، لذلك كانت النفس هي الأخرى من الظواهر الفيزياوية فهي إرادة حياة. يرى شوبنهور أن في الكون أفراداً يعانون من نقص في الحاجات، وهذا النقص لا يُسد إلا بإشباعها، والوسيلة والهدف لهذا الإشباع هو الدافع الباطني، ولما كان الدافع الباطني بإعتقادنا ذات رغبات غير مستقرة وأحيانا ليست بالرغبات المادية فكلما أستطاع الفرد سد نقص في تلك الحاجات فأنه يشعر بالحاجة إلى المزيد، وسبب ذلك ليس بكثرة الحاجات التي يرتأى الإنسان بلوغها، وإنما بلذتها وهذه اللذات لا تنتهي كونها تمثل صراعا مستمرا ما بين الإنسان وإرادته ليتم تحقيق شيء ما خاص وكبير. ويمكن تفسير ما يعنيه شوبنهور أن الإنسان بحاجة لإكمال نفسه حيث يبلغ في مرحلة ما التسامي والعلو فوق كل المصاعب والآلام التي تعترضه، أي أن هناك مقاومة ما، مقاومة تنبع من اليأس والإحباط مادام هناك الإدراك العلوي لطهارة الوجدان المُعَبر عنها بالحب والرحمة اللذين عجز شوبنهور عن استخلاص نتائجهما ولو أوليه منهما تجاه إنكاره الأخلاقي للعالم والحياة. إن إنكار الحياة مثل تأكيدها ضمن الصراع الذي كان سائدا ما بين الفلاسفة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر التي سادت آنذاك في عقول المفكرين ومنها إرادة الفعل أم إرادة الحياة. يقول ألبرت أشفيتسر وهو مؤلف كتاب "فلسفة الحضارة": ثمة فكرتان ألقيتا بظلهما أحدهما ما تبين أن العالم حافل بالأسرار التي لا يمكن تفسيرها وبالآلام، والثانية تتميز بالانحلال الروحي لبني الإنسان في مرحلة من المراحل التي نتحدث عنها في فلسفة الحضارات، لذلك لا بد من العمل على جعل الناس أقل خجلا وبهذا يُثير أشفيستر أسئلته حول قدرة التفكير على الإجابة بإجابات صحيحةعن العالم وعلاقاتنا به.

مشاركة :