مخاتلة (إسلام-جديد-لا يتحدث العربية!)

  • 7/20/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ليس مهماً أن يتجاوز وزير الداخلية التركي الحدود في التعدي على مقام الرسول الكريم، فهذا مستوى علمه وأقصى معرفته، والرسول (صلى الله عليه وسلم) أعلى وأسمى من خربشات المتطاولين. ليس مهماً أن يتسابق قادة حزب العدالة والتنمية على ارتداء عباءة الدين، ناسبين أعمالهم إلى توجيه إلهي وأنهم الحزب «المختار» لإعادة الخلافة الإسلامية من آخر محطاتها في الباب العالي. ليس مهماً العجز منذ 2001 عن فك الإلتباس في هوية هذا الحزب ومعرفة من أين ينطلق وإلى أين يمضي، فللسياسة اشتراطاتها وللسائرين فيها دروب وأنفاق تقتضي في كل حال لبوساً جديداً. المهم فعلاً هو التشويه المتعمد لصورة الإسلام والتلاعب به لأغراض سياسية، واستخدامه لغايات الأحزاب ذات الصبغة الإسلاموية بدل أن يكون منتهى عملها وغاية وجودها. الإسلام غريب اليوم ليس من قلة وضعف بل لكثرة المتسلقين له، المدّعين احتكارهم له، المتأولين في تفسيره وفهمه ليتلاءم مع خطهم وطريقهم، حتى إن صورته الأساس توشك أن تختفي تحت هذا الركام المهول من المغالطات. المهم هو الطغيان الحزبي الذي يقدم الولاء على كل شيء، فلا يتمعر وجه أحدهم من أي مساس بدينه حرصاً على الثبات الحزبي ووحدة صفه، وسعياً إلى صون نموذجه حتى لا تهتز صورته. الصورة الحزبية المشتركة اليوم هي الاتكاء على حزب العدالة والتنمية، ففيه ملامح الخليفة المنتظر، ومنه ستأتي سلطة الجماعة بعدما تصدعت ملامحها العربية، ولديه المأوى والمحتوى ومن عنده تنطلق شارة البشارة. إن الأصوات التي تهز الأرض بكاءً وعويلاً على ضياع الإسلام والتطاول عليه حين يخطئ أحد الناس، عرضاً ومن دون قصد، أصابها الخرس حيال الخطبة العصماء للسيد أفكان آلا التي أظهرت «ديناً جديداً»، لأنه أحد ولاة الخليفة وينطق باسمه. الذين غضبوا من الدكتور سليمان أبا الخيل لأنه مسّ «البطل المجاهد» في تركيا، لم تتحرك شعرة في رؤوسهم وهم يسمعون ويقرأون ما تعرّض له خاتم النبيين وسيد المرسلين من إساءة صارخة، برهنت الهيئة العالمية للتعريف بالرسول حقيقتها بكل اللغات والإشارات والإحالات. طالبت الهيئات الشرعية في تركيا بإقالة الوزير ودعوته للتوبة، بينما انشغل الأنصار «تغنياً وترويجاً» بالموقف التركي العظيم لنصرة فلسطين، وترديد إنجازات الحزب ترسيخاً لفكرة «الخليفة الذي نريد». الذين يقذفون أي عالم صادق يناصحهم بـ «الجامية»، بعد أن حمّلوها كل الدلالات السيئة، هم الجاميون فعلاً إن كانت تعني التبعية المطلقة والعمياء للزعيم، حتى إن عجزوا عن فهم قوله من دون ترجمة. اللافت أن الجماعة وهي تعمل على نزع صفة النقاء الإسلامي من التيارات السلفية فقط، وتحرص على تهويل وتضخيم أي خطأ يقع فيه أحد أفرادها لا تتعرض بأي شكل للجماعات الإرهابية، ومن أحدث الأمثلة على ذلك أن ياسر الزعاترة أحد أبرز مناصري الخلافة أخطأ من شدة الحماسة، فانحرفت بوصلته عن أنقرة متجهة نحو الموصل، فتساءل في إحدى تغريداته: «أنصار (الدولة الإسلامية) يقولون إنها مستهدفة إعلامياً. والحال أن الوكالات تتلقط خبراً أو تصريحاً منها. هي بحاجة لموقع معتمد يرد ويوضح. أليس كذلك؟». إن كُتب لهذا الدين الجديد أن يسود وينتشر ويوحد صف «الخلافة» المتعددة حد التناقض، فإننا نرثي لحال الملايين من المصلين والمعتكفين في أنحاء العالم، لأن إسلامهم قديم ومنقرض ولا بد لهم من الإسلام الجديد حتى لا يضيع عملهم وتتلبسهم الجهالة. كما ننصحهم بأن يتوقفوا عن قراءة السيرة النبوية الشريفة وقراءة التفاسير الجليلة، لما تتضمنه من أخطاء في العقيدة والمنهج، وعليهم انتظار النسخة المنقحة واليقينية التي سيصدرها وزير الداخلية التركي بعد تدوين محاضراته الشفهية لكوادر الحزب ومترقبي الخلافة العامة ومناصري الخليفة الأعظم، بما أنه لم يأت أمراً إداً في عيون ترتدي النظارات الحزبية، فلا ترى حقاً إلا ما عبر من خلال عدساتها.

مشاركة :