الكوميديا السعودية.. يا جبل ما يهزك ريح؟!

  • 7/20/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

كنت حتى زمن قريب أحسب أن المنتخب السعودي وحده من يسبب لنا الحرج خلال تمثيلنا في كأس العالم، حيث لا شيء يبرهن على المعسكرات الطويلة في أوروبا ولا العقود الفلكية لمدربين عالميين، ولا رواتب ومكافآت تفوق قدرات اللاعبين بمراحل، ولا زفات وتطبيل الإعلام، حتى غدا السعوديون والعرب يستشعرون فضل الله ورحمته في كل دورة تصفيات، لا يتأهل المنتخب السعودي فيها إلى كأس العالم، إذ لا احتمال للعرب لهزائم وسخرية أكثر!! لكن السنوات الأخيرة وفي كل موسم رمضان تنفث فيه القنوات المحلية والفضائية تلوثاً ذوقياً وسموماً من العيار الثقيل، مما تطلق عليه جهلاً «الكوميديا»، يتحول الحرج الشديد إلى ما يمكن أن يسببه هذا «التلوث» من اشمئزاز لكل من يقع مصادفة على مشهد أو مقطع من مسلسل كوميدي سعودي!! لا يمكن بحال من الأحوال التصديق بأن ممثلي هذا التلوث أو القائمين عليه من مخرج أو سينارست أو صاحب فكرة... فرأوا ذات يوم كتاباً في الفن، أو في معنى الكوميديا، أو شاهدوا مسلسلاً كوميدياً مميزاً، أو اطلعوا على السينما والدراما التي تحقق نجاحات في العالم من حولهم، أو ملكوا قدراً ضئيلاً لمفهوم رسالة الفن. لا يمكن بحال من الأحوال أن يخرج المشاهد بغير اليقين أن ما يطلق عليها «كوميديا» محلية هي بحق كوارث وابتلاءات تجسد واقعاً متردياً، ما كان ينبغي للمسؤولين السماح لتلك المهازل أن تعيث في الفن فساداً ... هل تعرفون أحداً ضحك من مسلسل «خميس بن جمعة» أو مسلسل «دليفري» أو مسلسل «بنق» أو «كلام الناس» أو «زواج آخر موديل»... ؟؟!! عفواً!!! السؤال الأليق: هل تعرفون أحداً لا يصاب بالاشمئزاز والضجر من مشاهدة هذه النوعية من المسلسلات؟!!! يبدو أنني أخطأت ثانية في صناعة السؤال. هل تعرفون أحداً يتابع بالأساس هذه الأعمال؟!! منذ زمن، وخلال تدريسي فن «الكوميديا» لطالباتي، ضمن فنون الأدب، كنّا نعمد سويّا إلى محاولة تقصي حجم القيم المبتذلة التي تحاول هذه النوعية من الأعمال الترويج لها عند الناشئة والمراهقين، على وجه الخصوص، والبعيدة تماماً عن مفهوم الكوميديا الحقيقي. حيث لا يعرف الممثلون من الكوميديا غير السخرية من خلق الله والاستهزاء بالناس، والشتائم والعربجة وتقليب العينين وتدلي اللسان، ومط الشفاه، والصراخ، وتركيب الأسنان البارزة، واحتقار العامل الوافد والتندر على العجوز كبير السن، وإثارة التعصب القبلي... وغيرها من كوارث وسخافات حاربها الإسلام ووتجاوزتها الأمم، وقاومتها التربية بشراسة.. كنت إلى وقت قريب أناقش ذلك مع طالباتي، حتى تأكد لي في الفصول الأخيرة بأن لا علم للطالبات بمثل هذه الأعمال إطلاقاً حتى تكون بالأساس مادة للنقاش!! أدركت حينها، مطمئنة، أن الناس ترقّت ذوقياً وأخلاقياً عن الالتفات لها. في كل موسم رمضان تحظى الكوميديا السعودية على نصيب الأسد من نقد الصحفيين والكتّاب، ومقدمي البرامج، على التلفزيون وعلى اليوتيوب، وبكل الطرق؛ من التوجيه، إلى التعنيف، إلى النقد الفني، إلى تحميل المسؤولية للوزارات ومديري القنوات، وفي كل موسم رمضان يتضاعف عدد هذه الأعمال المبتذلة، ربما كي ندرك، مع استمرارها، معنى «السخف» في هذا الوجود وفي أجل معانيه. ويا جبل ما يهزك ريح!!!

مشاركة :