عجز الميزانية العامة تقلّص في الربع الثاني من العام الحالي بمقدار الخمس عن الفترة المماثلة من العام الماضي وسط ارتفاع في الإيرادات وهبوط طفيف في حجم الإنفاق الحكومي. وأشارت البيانات إلى ارتفاع الإيرادات بنسبة 6 بالمئة خلال الربع الثاني مقارنة بمستوياتها قبل عام لتصل إلى نحو 163.9 مليار ريال (43.7 مليار دولار). وأرجعت ارتفاع الإيرادات إلى قفزة كبيرة في إيرادات النفط بلغت نسبتها نحو 28 بالمئة لتصل إلى نحو 101 مليار ريال (نحو 27 مليار دولار) بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية خلال الربع الثاني مقارنة بمستوياتها قبل عام. وكشفت البيانات عن تراجع الإنفاق بنسبة 1.3 بالمئة في الربع الثاني بمقارنة سنوية لتصل إلى نحو 210.4 مليار ريال (56.1 مليار دولار). وبذلك بلغت قيمة عجز الموازنة خلال الربع الثاني نحو 46.5 مليار ريال (12.4 مليار دولار) مقارنة مع حوالي 15.57 بالمئة في الفترة المقابلة من العام الماضي. لكن مقارنة عجز الموازنة السعودية بالمستويات التي سجلها في الربع الأول تظهر ارتفاعا كبيرا يصل إلى 78 بالمئة.بيانات الموازنة في الربع الثاني20.4 بالمئة تراجع العجز 6 بالمئة ارتفاع الإيرادات 1.3 بالمئة انخفاض الإنفاق وكانت بيانات الربع الأول قد فاجأت المحللين حين أظهرت تراجع العجز في الميزانية في بنسبة 71 بالمئة ليصل إلى 6.93 مليار دولار بسبب خفض الإنفاق وتحسّن العوائد النفطية. وقال وزير المالية محمد الجدعان حينها إن الحكومة موّلت ذلك العجز بالكامل من ميزان المعاملات الجارية الحكومي وأنها لم تلجأ إلى السحب من الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي). ويقول محللون إن البيانات تظهر تحسّنا كبيرا في قدرة الرياض على خفض عجز الموازنة لأن الربع الثاني شهد إعادة بدلات ومخصصات الموظفين في أبريل الماضي وبأثر رجعي بعد أن تم ايقافها لنحو 6 أشهر. وترجّح بيانات الربعين الأول والثاني التي أظهرت أن عجز الموازنة بلغ نحو 19.4 مليار دولار، أن تتمكّن السعودية من تسجيل عجز في مجمل العام الحالي يقلّ كثيرا عن التقديرات الأولية التي تتوقع أن يبلغ نحو 52.8 مليار دولار. وتطبّق السعودية منذ العام الماضي برنامجا شاملا للتحوّل الاقتصادي في إطار “رؤية السعودية 2030” التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وخفض اعتماده الشديد على الإيرادات النفطية بعد الانخفاض الحاد في أسعار النفط منذ منتصف عام 2014. وأعلنت الرياض نهاية العام الماضي عن موازنة 2017 بإنفاق إجمالي يبلغ 237.3 مليار دولار، وتوقعت حينها أن يبلغ عجز الموازنة بنحو 52.8 مليار دولار. لكن أرقام الربع الأول ترجح الآن أن تتمكن من خفض التقديرات الأولية للعجز بشكل كبير. ويبدو أن الإصلاحات الاقتصادية وبرامج ترشيد الإنفاق وخفض الدعم الحكومي وإعادة هيكلة أولويات الإنفاق على المشاريع مكّنت السعودية من زيادة الإيرادات وخفض التكاليف التشغيلية. أعلنت الرياض في أبريل 2016 خطة شاملة تهدف إلى تطوير قاعدتها الصناعية والاستثمارية ودعم الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في محاولة لخلق المزيد من فرص العمل للسعوديين وتقليل الاعتماد على عائدات النفط. وتهدف الخطة كذلك إلى زيادة حجم مشاركة المرأة في القوة العاملة السعودية، في بلد يضع قيودا تعدّ بين الأكثر صرامة على النساء. ولجأت الرياض بشكل متزايد إلى الاقتراض من أسواق المال المحلية والعالمية لتمويل عجز الموازنة، إلا أن مستويات الدين العام لا تزال منخفضة جدا مقارنة بمتوسط ديون الحكومات في العالم.
مشاركة :