يتزايد عدد الشركات الأمريكية المتعددة الجنسيات التي تهاجر ضريبيا إلى الخارج من خلال عمليات دمج وشراء بهدف التخلص من نظام الضرائب في الولايات المتحدة، وذلك رغم استياء إدارة الرئيس باراك اوباما. وقال باسكال سانت أمانس مدير القسم الضريبي في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لوكالة فرانس برس: "إنه منتهى العبثية الاقتصادية لكنه يدل قبل كل شيء على صعوبات النظام الضريبي الأمريكي". وتستند التقنية المعتمدة إلى مبدأ بسيط وقانوني، وهو أن تعمد شركة إلى شراء شركة أخرى منافسة لها في الخارج، حيث يمكن أن تنقل مقرها الرئيس والضريبي مع الاحتفاظ بأنشطتها وبنياتها الإدارية في الولايات المتحدة. وأكد فرانك كليمنت الذي أعد أخيرا تقريرا عن هذا الموضوع لمنظمة "أميركانز فور تاكس فيرنيس" أنها "أبسط وأوضح تقنية لتجنب النظام الضريبي". وتستعد شركات كبرى في صناعة الأدوية والمنتجات الصيدلية (ميدترونيك) أو الزراعية الغذائية (تشيكيتا براندز) للانتقال إلى إيرلندا، حيث الضريبة على الشركات 12.5 في المائة أقل بثلاث مرات تقريبا من الولايات المتحدة 35 في المائة. وسعى عملاقا صناعة الأدوية "فايزر وابفي" أخيرا إلى إضافة اسميهما إلى هذه اللائحة التي تطول مع احتمال انضمام شركة والغرينز الكبرى لبيع الأدوية في الولايات المتحدة. كذلك اجتاز العتبة مختبر الأدوية الأمريكي ميلان بإعلانه الإثنين شراء نشاطات شركة أبوت المواطنة له في الخارج وإعادة تنظيمها في شركة قابضة مقرها في هولندا. وقد دافعت المديرة العامة لميلان عن هذه العملية - التي من شأنها أن تخفض معدل الضرائب من 35 في المائة إلى 21 في المائة - بحجة "القدرة التنافسية" أمام نظام ضريبي أمريكي "عاجز". وقالت هيثر بريش لشبكة سي إن بي سي: "إن البعض يعتقد أنه يتعين مناقشة سبل إرغام الشركات الأمريكية على البقاء في الولايات المتحدة، لكنني أعتقد أن ذلك غير قابل للتطبيق وغير معقول في آن". إلا أن الإدارة الأمريكية المستاءة من احتمال الربح الفائت الضريبي عبرت عن سخطها الشديد. وندد جاكوب لو وزير الخزانة الأربعاء بما اعتبره "اختلاسا للنظام الضريبي"، داعيا الشركات الأمريكية إلى التحلي بـ"روح وطنية جديدة". وبقي إصلاح لهذا النظام تضمنه مشروع قانون الميزانية لسنة 2015 الذي قدمته إدارة أوباما، حبرا على ورق. وقد سعى 14 عضوا ديمقراطيا في الكونجرس إلى إعادة الكرة بطرحهم أواخر أيار (مايو) اقتراح قانون يضع عدة قيود. فبحسب هذا النص لا يمكن لشركة نشأت من عملية اندماج وشراء أن تتبع لقانون ضريبي أجنبي إلا بشرط أن يكون 50 في المائة من رأسمالها مملوكا من مساهمين جدد مقابل عتبة من 20 في المائة بموجب القانون الحالي. واعتبر كارل ليفين السيناتور الديمقراطي أحد الراعين لاقتراح القانون الجديد "أن الخزانة تتعرض لنزيف ولا يمكننا انتظار إصلاح شامل لقانون الضرائب". لكن شلل الكونجرس الأمريكي في هذه السنة التي ستشهد الانتخابات التشريعية يجعل أي اتفاق مع المعارضة الجمهورية حول هذه المسألة أمرا مشكوكا فيه إلى حد كبير. أما أوساط الأعمال الأمريكية فلديها مصلحة أخرى في الحفاظ على الوضع القائم. وفي حالة معزولة في العالم تخضع الولايات المتحدة كامل أرباح شركاتها للضرائب - بما في ذلك الأرباح التي تجنيها خارج أراضيها - لكنها تسمح لها بوضع قسم في الخارج بصورة نهائية وخارج نطاق النظام الضرييي. وبنقل مقارها إلى الخارج يمكن للمجموعات المتعددة الجنسيات بكل حرية إعادة دمج هذه الأرباح في حساباتها بدون أن تكون ملزمة إلى إعادتها إلى الولايات المتحدة، حيث ستخضع للضرائب بنسبة 35 في المائة. والمبالغ المجمعة في الخارج لا يستهان بها ويقدر مجموعها بأكثر من ألفي مليار دولار بحسب مكتب التدقيق "أوديت أناليتيكس". ولفت فرانك كليمنت إلى أنه "طالما لم يردم الكونجرس هذه الهوة فإن الشركات ستستمر في اللجوء إلى ذلك".
مشاركة :