المسلسلات الهابطة - عبدالله بن بخيت

  • 7/21/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

إذا قلنا إن هذا العمل هابط فنحن نشير بطريقة غير مباشرة إلى أن هناك أعمالاً من نفس الجنس الفني نعدها راقية أو على الأقل لا هابطة ولا راقية. بمراجعة النقد المتابع للمسلسلات التلفزيونية المطروح لا نرى فيه مقارنة أو إشارة إلى أعمال يمكن أن نعدها راقية. فهؤلاء الذين قدوا هذا المصطلح لا تعنيهم أصلاً المسلسلات والأعمال الدرامية. فشروط بناء الأعمال الدرامية معادية لتوجهاتهم من حيث المبدأ. يعرفون ونعرف ألا عمل درامياً دون موسيقى ودون نساء ودون أرضية اجتماعية تموه الواقع. فالعداء للأعمال الدرامية هو الأصل في نقدهم وليس محتواها. ولأنهم لا يستطيعون إشهار عدائهم للأعمال الدرامية تجدهم يتخفون تحت البعد الأخلاقي. المشكلة أن مصطلح (مسلسلات هابطة) صار يأخذ أبعاداً أقل من قيمته الأخلاقية حتى تحول إلى أداة نقدية. تشاهد في بعض المقالات بأقلام غير متزمتة والتي تتناول الأعمال الدرامية تستخدم نفس المصطلح بتوسيع معنى (هابطة) إلى ما يعني رداءة في الجودة الفنية. في ثنايا المقال تجد أن النقد يتحدث عن سوء الإخراج ضعف الممثلين أو ضعف القصة وأمور فنية أخرى لا علاقة لها بالقيم. مر تاريخ الدراما السعودية بكثير من الهزات التي لا يتحملها العاملون في الحقل الفني. يعرف كل من عمل أو تابع تطور الدراما السعودية أن التلفزيون السعودي هو الزبون الوحيد للأعمال الفنية السعودية على مدى سنوات. التلفزيون الحكومي أياً كان يبقى محكوماً بتوجهات السياسة الإعلامية للبلاد التي يعبر عنها. وهذا يفرض على الدراما وغيرها أن تكون ملتزمة بهذه التوجهات. في الثلاثين سنة الماضية اضطر التلفزيون المحلي أن يخفف من ظهور المرأة وأن يقلل من تناول قضايا المجتمع وان يحد أيضا من تمويلها وهذا أثر بشكل كبير على تطور الدراما السعودية. وعندما نتحدث عن (تطور) فنحن نعني بروز ممثلين جيدين وكوادر فنية وكتاب واستديوهات ورساميل تستثمر فيه الخ، وهو ما نعبر عنه بقولنا صناعة الدراما. لا شك تغير الوضع الآن وبدأنا نعيش مرحلة تأسيس دراما سعودية مقطوعة الصلة بالماضي. مع دخول قنوات فضائية سعودية تجارية وحتى غير سعودية في منافسة مع التلفزيون السعودي على تبني الأعمال الدرامية السعودية يمكننا القول إننا نعيش مرحلة تأسيس جديدة. الدراما ليست مباني تشاد أو طرقاً تعبد يمكن أن تؤكل ثمارها بمجرد الاستعانة بالخبرات الأجنبية. فبقدر ما تبني استديوهات وتستورد أجهزة فأنت في الواقع تؤسس مفاهيم. ثمة بحث مستمر عن الذات وعن هوية تستوجب الوقوع في كثير من الأخطاء. يمكنك أن تفهم هذا من خلال متابعة تطور كرة القدم في المملكة. رغم كل الاهتمام والمصاريف والتاريخ الطويل مازالت الكرة السعودية في مرحلة النمو والبحث عن الهوية. رغم أن الكرة لم تتعرض لما تعرضت له الدراما من حرب ايدلوجية مباشرة. لا يمكن أن تطلب من صاحب الأيدلوجيا أن يغير أيدلوجته ولكن علينا أن نسعى إلى فصل التغرض والاستهداف عن النقد لكي نقول أن الدراما السعودية في الطريق الصحيح لذا أتمنى من الجادين والذين يرون أن الدراما السعودية اليوم لا تحقق ما يرجونه منها أن يتوخوا الحذر من الانسياق في استخدام عبارات أعداء الدراما ليكونوا جزءا من تطور الدراما لا مطية لأعدائها.

مشاركة :