أيام معدودة وتتشكل الاتحادات الرياضية لدورة جديدة عمرها أربع سنوات مقبلة، يفترض معها أن تكون اللجنة الأولمبية قد وضعت تصوراتها لكل اتحاد من حيث رؤيته وأهدافه وبرنامجه على أقل تقدير؛ خصوصاً وأنها المعنية بأهم أوراق عملية التشكيل الجديد، وهو ما يتعلق بترشيح الرؤساء والأعضاء المعينين. الواقع يقول عكس ذلك تماماً، فاللجنة الأولمبية لا تعرف حتى اللحظة شيئاً عن مستقبل الاتحادات، وأتحدى أن تقول عكس ذلك؛ لأن نظام تشكيل الاتحادات –وببساطة شديدة- يخالف أبجديات العمل الاستراتيجي، ويعاكس مبادئ المنطق الطبيعي حيث إن العملية برمتها تتم على طريقة وضع العربة أمام الحصان. الطريقة التي تتم بها عملية تشكيل الاتحادات تكشف تلك الحقيقة؛ إذ تقوم على إجراء انتخابات نصفية لكل اتحاد بحيث يتم انتخاب نصف الأعضاء من خلال جمعيتهم العمومية وهي الأندية المسجلة في اللعبة، في حين يتم اختيار النصف الآخر بالإضافة إلى الرئيس بنظام التعيين، وبذلك فإن الجميع يدخل لبوابة الاتحادات على طريقة "سكتم بكتم". يكفي فقط أن المترشح بالانتخاب وهو الأجدر بمقعد العضوية باعتباره الممثل الشرعي للجمعية العمومية لا يعرف حتى لحظة فوزه من هو الرئيس الذي سيعمل معه، فضلاً عن معرفته لبرنامجه الرئاسي، ومدى قدرته على التوافق معه، ومع ذلك يبادر للترشح وفقاً لنظام "سكتم بكتم" ما يضحك في الأمر –وشر البلية ما يضحك- أن اللجنة العامة للانتخابات هي الأخرى تساهم مع اللجنة الأولمبية في خلق اتحادات غير متجانسة، وذلك من خلال منع المترشحين من الدخول بنظام المجموعات، وذلك عبر المادة 28/ 6 والتي تمنع الاتفاق أو التضامن مع مرشح أو مجموعة مرشحين بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وكأنها بذلك تريد اتحادات لا هوية لها، وأعضاء لا تجانس بينهم، وهو ما يجعل اختيار المرشح يقوم على ما يملكه من علاقات خاصة لا على البرنامج الذي يقدمه، وأي برنامج سيقدم وفاقد الشيء لا يعطيه!. حقيقة هذا الواقع كشفته الدورة الماضية التي استمرت لنحو خمسة أعوام ونصف، وقد أتثبت فشلها بالدلائل التي تدعمها الأرقام وتعاضدها الوقائع، وإلا فلتكشف اللجنة الأولمبية عما أنجزته غالبية اتحاداتها على الصعيد الدولي، خصوصاً في البطولات العالمية والدورات الأولمبية. يكفي فقط أن بعض الاتحادات فيها لا نكاد نشعر بها حتى إقليمياً ومع ذلك تم التجديد لرؤسائها لدورة جديدة رغم فشلهم الذريع والذي لا يخفى على البعيد فكيف بأهل الدار. أتفهم جيداً أن مخصصات الاتحادات من اللجنة الأولمبية من الضعف بحيث تصيب بالإحباط؛ وهو ما يتذرع به غالباً مسؤولو اللعبة عند إخفاقاتهم، رغم أنهم يقولون كلاماً آخر مغايراً تماماً مع أي إنجاز عابر حيث يدبجون عبارات المديح والثناء؛ لكن قبل ذلك هناك أزمات أخرى تعانيها الاتحادات تسبق الأزمة المادية، وهو ما يضاعف حجم المشكلة. اتحاداتنا الرياضية في أغلبها تعاني من أزمة قيادة، وأزمة كوادر، وأزمة تخطيط، وأزمة توزيع أدوار، والتي ما كانت لتكون لو كانت الانتخابات تتم بشكل سليم كما هي الانتخابات في كل العالم، ولذلك ستبقى الأمور كما هي بمزيد من التخبطات، ومزيد من الفشل، طالما بقيت رياضتنا تدار بنظام "سكتم بكتم"!
مشاركة :