بدموع الصابرين ورجاء العارفين بالله الراجين لعفوه، وبإيمان بقضاء الله وقدره رغم ما في القلب من غصة وحزن، عبر عدد من أساتذة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية والدعاة المقربين من إمام المسجد الكبير العميد المساعد بكلية الشريعة الأستاذ الدكتور وليد العلي والداعية فهد الحسيني لـ«الراي» عن حزنهم العميق على فراق الشيخين. وشددوا على أن تلك الخاتمة الحسنة التي منّ الله بها على الراحل الشيخ الدكتور وليد العلي ورفيقه الشيخ فهد الحسيني هي اصطفاء ورفع مكانة إذ جعل الله خاتمتهما أثناء الدعوة إليه والخروج في سبيله. الداعية الأستاذ الدكتور خالد المذكور قال «تلقيت بأسىً وصبر نبأ وفاة الشيخين العزيزين الشيخ وليد العلي العميد المساعد بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت وخطيب المسجد الكبير والشيخ فهد الحسيني خريج كلية الشريعة إثر الهجوم الإرهابي، ومن معهم من دعاة وعلماء، وقد سافرا إلى تلك البلاد لعمل دورة شرعية مبعوثين من جمعية إحياء التراث». وأضاف «زاملت الشيخ وليد العلي فترة قبل تقاعدي من الكلية، ولمست فيه سمت العلماء ومسلك الدعاة هو وتلميذه فهد الحسيني، فقد فقدت الكويت بوفاتهما عالمين جليلين نشيطين في قمة عطائهما وصالح أعمالهما،وعزاؤنا أنهما قضيا وهما مغتربان عن وظنهما وأهلهما في سبيل نشر العلم الشرعي والدعوة إلى الإسلام بعلم نافع وعمل صالح». واختتم قائلاً «أسأل الله لهما درجة الشهداء والأبرار، ومن معهما من الدعاة وأن يتغمدهما بواسع رحمته ويدخلهما فسيح جناته مع الصدقين والشهداء». أما الأستاذ في كلية الشريعة الدكتور عبدالمحسن زبن المطيري، فقد استذكر مآثر الدكتور العلي بالقول «يشهد له الجميع بجميل الأخلاق، والانضباط في العمل وكان من أكثر الشيوخ محبة للجميع. وكان للراحل قبول عام وهذا يمكن أن تستشفه مما كتب عنه في وسائل التواصل الإجتماعي من جميع التيارات والتوجهات». المطيري الذي رافق العلي قرابة 14 عاماً في كلية الشريعة، زاد قائلاً«كان رحمة الله عليه موفق وأعماله طيبة مباركة»، مشيراً إلى أنه «في الوقت الذي انتهى فيه الفصل الصيفي في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية يوم الخميس الماضي، سارع الراحل بالسفر مباشرة يوم الجمعة الماضية في هذه الرحلة الدعوية التي زار فيها عدة دول للدعوة إلى الله عز وجل. وهذا كان ديدنه فقد كان ينتظر انتهاء العمل ليقوم بالتفرغ للدعوة في الوقت الذي تذهب فيه الناس للسياحة، فنسأل الله أن يجزيه عما قدم خير الجزاء». وأضاف قائلاً «خلال هذه السنوات الطوال لم أسمع منه كلمة نابية، بل كان كل همه المشاريع الدعوية والخيرية». وذكَّر المطيري بحديث النبى صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه «إذا مات الرجل في غير بلده قيس له ما بينه وبين مولده في الجنة». واختتم بالدعاء للراحل بالقول«نسأل الله أن يجعل له مما قدم أعظم نصيب، ونشهد الله على محبته وأنه كان من أصلح الناس وخيرهم». إلى ذلك قال العميد السابق لكلية الشريعة أستاذ علم الحديث الدكتور مبارك الهاجري، متحدثاً عن الراحل الدكتور وليد العلي، «كان باراً بولديه، وصاحب صلاة وصيام حتى أنه كان يصوم في السفر». وتابع«أسأل الله عز وجل أن يكتبه من الشهداء في رحلته هذه، فقد كان يتحين الفرصة ليسافر للدعوة حتى قبل أن يسافر مع أهله. وأسأل الله أن يتقبل منه ويربط على جأش والديه». وعن علاقته مع طلابه،أجاب بالقول«كان من خيرة الأساتذة في العلم والتعليم والإنصاف ونحسبه كذلك والله حسيبه. كان يبذل جهده سواء في الدراسات العليا أو مع طلبة الكلية، وكان من أوائل من يحضر للكلية بعد صلاة الفجر». الهاجري الذي جمعته أيضاً صلة الجوار مع العلي في منطقة صباح السالم، جمعهما أيضاً العمل حيث كان الأخير مساعده أثناء تولى الهاجري عمادة كلية الشريعة، وسبق ذلك أن جمعهما طلب العلم في المدينة المنورة. وحول الجانب العلمي في حياة العلي، أجاب الهاجري قائلاً«كان متقناً للعلم وبذل جهداً كبيراً في نشر الوسطية وتحذير الشباب من الانحراف وترك بصمة كبيرة في الحفاظ على الشباب من الانجراف نحو التطرف والغلو وترك حصيلة كبيرة من الخطب القيمة». وزاد«أذكر عندما كنت رئيساً لتحرير مجلة الشريعة وطلبت من الراحل أن يكتب في سيرة سمو الأمير الراحل رحمه الله الشيخ جابر الأحمد فإذا به يكتب كتاباً مميزاً يدل على خبرته ومعرفته بالعمل الخيري، وتمت طباعة هذا الكتاب ونشره». وأردف«رغم صغر سن الراحل الدكتور العلي فقد كانت أعماله كبيرة في مجال الدعوة والعمل الخيري. وكان لا يحب الشهرة ولا الظهور»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن«فهد الحسيني أيضاً من خريجي كلية الشريعة وكان من خيرة الدعاة وقد كتب الله عز وجل أن يكون أجلهما في سفرهما خلال الدعوة إليه سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يتقبلهم من الشهداء وأن يتغمدهم بواسع رحمته». بدوره قال أستاذ كلية الشريعة الدكتور شافي العجمي«الدكتور وليد كان من الأساتذة القلائل الذين يتفق عليهم الجميع، ولا نجد أحدا إلا ويحبه سواء كان طالباً أو أستاذاً في الكلية أو من خارجها والحمد لله ختم الله له وهو في طاعته، وقد جعل الله قتله على يد الخوارج الذين يبحثون عن دماء المسلمين ويقتلونهم دون نظر أو تثبت، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم عن الخوارج طوبى لمن قتلهم وقتلوه، والشيخين وليد العلي وفهد الحسيني قتلهما الخوارج». وأضاف«قبل أيام يسر الله له أن أسلم على يديه عدد من الناس ودخلوا الإسلام، ونسأل الله أن يرحمه ويرفع درجته فقد كان سباقاً في الجمعيات الخيرية ويسافر في كل مكان من أجل الدعوة إلى الله». واستذكر العجمي مآثر الراحل قائلاً «عاشرته 23 عاماً منذ أن كنا طلاباً حيث كان يدرس في المدينة المنورة، وكنت أنا أدرس في القصيم، وكان مضرب المثل في التواضع وحسن التعليم، وكل الطلبة الذين درسوا على يديه يثنون عليه في حسن التدريس وايصال المعلومة، ولا تجد أحداً إلا ويحبه ويدعو له بالخير ويفرح بلقائه. وكان مضرب المثل في التواضع والكرم والشهامة وحمل هم الدعوة والإخلاص في العمل ونادراً أن تجد شخصية مثل الراحل رحمة الله عليه». من جانبه قال مدير مركز تعزيز الوسطية التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور عبدالله الشريكة «نعزي الكويت حكومة وشعباً، والأمة الإسلامية برحيل فقيدها الجليل والشيخ النبيل الداعية الصادق والمعلم الناصح الأستاذ الدكتور وليد العلي الذي اغتالته يد الغدر في بوركينا فاسوا أثناء قيامه بدورة علمية للأئمة والدعاة هناك ينشر من خلالها التوحيد والسنة وسماحة الإسلام». وأضاف «ماذا نقول؟ وماذا نذكر من مآثره رحمه الله؟، عرفته منذ أمد بعيد وتزاملنا في العديد من اللجان، وكان رئيس فريق التأصيل الشرعي في مركز الوسطية، وتعلمنا منه الجد والمثابرة والتفاني، وكان رحمه الله معروفاً بالأمانة والمصداقية والحرص على العدالة بين طلابه، كما أنه معروف ببره العظيم بوالديه».
مشاركة :