سهام الانقسام المسمومة

  • 8/18/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

علي قباجه إلى أين تتجه القضية الفلسطينية في ظل انقسام داخلي بغيض، يشحذ طرفاه السهام، لضرب كل منهما الآخر، تارة بقرارات العقوبات الاقتصادية، التي يُصّعد بها رئيس السلطة محمود عباس ضد موظفي القطاع، وتارة أخرى بمنع التحويلات الطبية، والتضييق على منح القطاع التيار الكهربائي. وفي المقابل تتجه «حماس» إلى أعداء عباس للتحالف معهم نكاية بالأخير. طبعاً المتضرر ليس مكاسب القيادات المتخاصمة، بل الشعب الذي يذوق الويلات المتتابعة من جرّاء السياسات الداخلية الهوجاء، إلى جانب معاناته المستمرة من إجرام الاحتلال «الإسرائيلي»، الذي استغل التشظي ليأكل الأخضر واليابس.«خذوا المناصب والمكاسب لكن دعوا لنا الوطن»، كلمات عميقة للفنان لطفي بوشناق، وهي الآن تُشخّص الواقع الذي تعيشه الحالة الفلسطينية. الفلسطيني اليوم جل مطلبه يتمثل بالانعتاق من آفة الصراعات الداخلية، حتى يتفرغ لمواجهة هجمات المحتل المتفاقمة، فالسلطة ومخرجاتها أضحت عبئاً ثقيلاً على القضية الفلسطينية ككل، وهو ما أدركه الشعب مؤخراً.«تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا»، ربما يقف المرء لبرهة أمام هذا البيت الشعري، متأملاً مستغرباً، فما أدركته العصي على جماديتها، عصي على أهل الألباب فهمه، فالاجتماع سبب القوة والمنعة والعزة، فالعصي أبت أن تتكسر حينما لفتها حزمة واحدة، وهنا مربط الفرس كما يقال، فما بال من لفهم وطن واحد وهدف واحد وآمال وآلام واحدة؟! لماذا التشرذم والفرقة؟ الناظر للمشهد الفلسطيني بكل تفاصيله وتراكيبه يرى العجب العجاب، فلسطين هي الأرض التي تجمع ابن الضفة الغربية مع ابن غزة مع ابن ال48، الأصل واحد واللغة واحدة وما يوحّد الشعب الفلسطيني على اختلاف فصائله لا يعد ولا يحصى، ولكن السؤال الذي لا يفارق التفكير: لماذا لا تتوحد هذه الفصائل إذا كان ما يجمعها يربو على ما يفرقها؟ والمفارقة أمام هذا السؤال تظهر جلية حينما نحول نظرنا باتجاه الجانب «الإسرائيلي»، فالكيان الغاصب للأرض الفلسطينية لملم مرتزقته وقطعانه من أصقاع الدنيا وجاء بهم ليتوحدوا على الأرض الفلسطينية رغم أن أصولهم متباينة ولغاتهم مختلفة، ورغم هذا توحدوا، فهل يعقل أن يتوحد شذاذ الآفاق على الأرض الفلسطينية بينما يتناحر أبناؤها في ما بينهم؟ وهل يعقل أن ننظر للأحزاب «الإسرائيلية» على اختلاف توجهاتها ما بين ليبرالي ويساري ومتطرف فنراها قد اجتمعت لخدمة هدف واحد؟ بينما نحن نعلم مذ كنا صغاراً أن الذئب يأكل من الغنم القاصية، وأن اتحادنا قوة وتفرقنا ضعف.فأبناء الشعب الفلسطيني على امتداد الأرض الفلسطينية وفي الشتات قلبهم واحد وهدفهم واحد، لكن الكرة تبقى في ملعب القيادات الفلسطينية على اختلاف توزعاتها الجغرافية، دون أن تزيل من مخيلتها أن صبر هذا الشعب على الفرقة قد ينفد في أي لحظة، فالشعب الفلسطيني يأبى أن تذهب دماء أبنائه رخيصة، فهو شعب جُبل على العزة والشهامة، وأجبر كيان الاحتلال رغم عدته وعتاده أن ينكفئ ذليلاً خائباً، واليوم ينادي أبناء جلدته بأن يوحدوا الكلمة والصف، لأن فلسطين أغلى من أي غاية لأي فصيل.aliqabajah@gmail.com

مشاركة :