فضيحة انبعاثات الوقود تهدد عرش الديزل عماد صناعة السيارات

  • 8/18/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

فضيحة انبعاثات الوقود تهدد عرش الديزل عماد صناعة السيارات فقدت شركة السيارت الألمانية مصداقيتها بسبب ثبات تلاعبها بانبعاثات وقود سيارات الديزل، ما جعل مستقبل كبرى السيارات الألمانية والعالمية مهددا حيث تسببت هذه الفضيحة في تراجع شعبيتها، كما أنها أثارت تحفظ رجال البيئة وأحرجت الساسة الألمانيين عندما طالتهم انتقادات كبيرة في مستوى صناعة السيارت، ودعتهم بدل القتال عن مستقبل الديزل إلى تكثيف الجهود لضمان عالم بهواء نقي حفظا لأرواح الإنسانية. العرب  [نُشر في 2017/08/18، العدد: 10726، ص(6)]الحق في بيئة سليمة لندن – أثارت اعترافات شركة فولكس فاغن الألمانية لصناعة السيارات بالغش في اختبارات أميركية تسببت في انبعاثات وقود الديزل من محركات سياراتها، انتقادات رجال البيئة والمناخ بالعالم. فبعدما انتشرت فضيحة تلاعب شركة فولكس فاغن باختبار الانبعاثات الغازية قبل عامين، وعندما طرح عدد من الصحافيين سؤالا عما إذا كانت هذه الحادثة تشكل نهاية العمل بسيارات الديزل، كانت الإجابة حينها بكل ثقة بـلا. فليس هناك من سبب لإنهاء العمل بسيارات الديزل على الأقل على مدى السنوات القادمة، ولا سيما أنه يتم الآن تطوير تكنولوجيا سيارات الديزل النظيفة. فعلى كلٍّ، هي مجرد مسألة إجراء تعديلات بسيطة على اللوائح القائمة وتنفيذها بشكل أفضل. لكن الإجابة كانت آنذاك خاطئة بسبب ما عُلم عن الأمر خلال السنتين الماضيتين. وذلك لأنه تم الاستخفاف بالتلاعب الذي كان يتم لدعم سيارات الديزل. وكشفت نتائج التجارب التي أجرتها عدة حكومات في أوروبا وأماكن أخرى، عن أن أعداداً كبيرة من شركات صناعة سيارات الديزل كانت تتلاعب بعض الشيء، على الأقل خارج الولايات المتحدة. وكانت بوادر فضيحة الشركة انفجرت حينما اعترفت فولكس فاغن بصحة تقارير إعلامية وبيئية تتهم الشركة بالتلاعب فى نسبة الانبعاثات الغازية من محركات سياراتها التي تعمل بالديزل في الولايات المتحدة خلال اختبارات روتينية للسيارات قبل طرحها فى الأسواق.يجب علينا أن نقاتل بالفعل، من أجل الهواء النقي، ومن أجل إنقاذ الأرواح، ومن أجل مستقبل بلا انبعاثات غازية أدلة التلاعب أجرت وكالة حماية البيئة الأميركية تحقيقًا ضد الشركة بتهمة انتهاك قانون حماية المناخ الأميركي، وفى حالة إثبات التهمة فقد تضطر فولكس فاغن إلى دفع تعويضات وغرامات تصل إلى 18 مليار يورو. مما يثير القلق هو أن أدلة التلاعب تلك لم تنتج عن سوء فهم الإطار التنظيمي، أو عن أخطاء عابرة اقترفها البعض من المهندسين، ولكنها نتجت عن استراتيجيات مدروسة وضعتها الشركات عن عمد. حيث لا تكفي تكنولوجيا التحكم في انبعاثات أكسيد النيتروجين للحد من انبعاثات الديزل من السيارات في العالم، وقد يتعيّن تعزيز تلك التكنولوجيا بنظم إضافية بعد المعالجة أو التخلي عنها بالكامل لصالح العمل بأفضل الطرق، وتعدّ أعلى تكلفة، تكنولوجيا، وهي تكنولوجيا التخفيض التحفيزي الانتقائي. وحتى تلك التكنولوجيا أيضاً يجب أن تكون مدعومة ومتناغمة مع التصاميم الحالية للسيارات. وهذا أمر مهم، حيث أن الدافع وراء تلاعب المصنعين هو أنك إذا فعلت الشيء الصحيح سيلقي على عاتقك تكلفة أكبر ومن شأنه أيضاً أن يجعل البعض من نماذج مركبات الديزل أقل قدرة على المنافسة على السعر في الأسواق. وحقيقة أن شركة فولكس فاغن قد تواطأت للتقليل من حجم خزانات الوقود في نظام التخفيض التحفيزي الانتقائي، كان آخر دليل على إثبات ذلك التلاعب الذي حدث. بالإضافة إلى أننا تعرفنا على المزيد من الأضرار الصحية التي تسببها انبعاثات أكسيد النيتروجين المرتفعة في العالم الحقيقي. فقد أشارت دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا العام في مجلة ناتشر، إلى أن انبعاثات أكسيد النيتروجين من وقود الديزل الزائدة عن المسموح به بموجب اللوائح، تسببت في حدوث حوالي 38 ألف حالة وفاة مبكرة في جميع أنحاء العالم في عام 2015، ومعظمها في الاتحاد الأوروبي والصين والهند. وتوقعت الدراسة أيضاً أن يزداد هذا التأثير ليتسبب في حدوث حوالي 184 ألف حالة وفاة مبكرة وصولاً إلى عام 2040. كما أن الاعتقاد بأن العمل بسيارات الديزل ضروري لقياس معايير كفاءة استهلاك الوقود وللتقليل من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، هو اعقاد خاطئ. ولكن على العكس، فإن الالتزام بالتطوير واستخدام السيارات الكهربائية سيقلل في الواقع من تكلفة تلبية معايير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المستقبلية. ولن يحقق العمل بسيارات الديزل الهدف المنشود بأي شكل من الأشكال وهو إنشاء نظام للنقل يعتمد على إنتاج زيرو كربون أثناء السير كما يدّعي البعض، بل إنه سيعيق مسار التقدم والتطوير. وبسبب بدائل سيارات الديزل التي شهدت تطوراً سريعاً. فقد انخفضت تكلفة بطاريات السيارات الكهربائية بسرعة غير متوقعة، على الرغم من أنه يجب الإقرار بأن السيارات الكهربائية ليست على استعداد بعدُ للتنافس في سوق الأسعار أو للتنافس باحتوائها على بعض الإمكانيات الأخرى التي يهتم بها العملاء بشكل كبير. لكن الأمر يبدو وشيكاً! حيث من المرجح أن تصبح السيارات الكهربائية قادرة على المنافسة في مختلف قطاعات السوق في وقت أقرب بكثير مما هو متوقع. خسارة كبيرة للشركة تغييرات تنظيمية لم يمر عامان منذ الكشف عن فضيحة فولكس فاغن، حتى انطلقت بعدها سلسلة من ردود الأفعال المنددة والمطالبة بإحدات هيكلة جديدة لسوق السيارت. فقد اتجهت صناعة السيارات ككل نحو إيقاف عمل التغييرات التنظيمية التي تُمكّن من السيطرة على مشكلة انبعاثات أكسيد النيتروجين الزائدة عن الحد. وفي غضون أسابيع، عادت الشركات المصنّعة في أوروبا إلى العمل بطريقة اختبار الانبعاثات الحقيقية أثناء القيادة على الطرق والتي من شأنها أن تسمح بإطلاق أكسيد النيتروجين بأكثر من ضعف المسموح به وحتى في ظل أضيق حدود للقيادة. وكنتيجة لذلك، قد لا تُلبّي سيارات الديزل معايير الانبعاثات الأوروبية أورو 6 حتى عام 2024، وهو ما سيكلف عشرات الآلاف من الأرواح في هذا العقد من الزمن. أما في الهند، يقاوم المصنعون الالتزام بعمل اختبارات الانبعاثات الحقيقية للقيادة، كما هو الحال في تايلاند، حيث يتطلع المصنعون إلى تأخير تنفيذ معايير الأورو 6 من عام 2020 إلى عام 2028. وحتى لو تمكنت أوروبا بطريقة أو بأخرى من حل مشكلتها المتعلقة بالمستويات المرتفعة من انبعاثات الديزل خلال السنوات القليلة القادمة، فمن المرجّح أن يلقى الأمر مقاومة في قارتي آسيا وأفريقيا، ما لم يحدث شيء تتغير بعده الأمور. وتقل قدرة تكنولوجيا الديزل على التنافس في الأسواق تدريجياً، بينما تزداد القدرة التنافسية للسيارات الكهربائية. يحدث هذا في الوقت الذي تسعى فيه المدن في جميع أنحاء العالم إلى الحد من استخدام سيارات الديزل بشكل مباشر أو غير مباشر، على سبيل المثال بفرض رسوم إضافية على مخاطر الديزل. وهذا يقلل تدريجياً من قيمة إعادة بيع سيارات الديزل. ففي فرنسا كمثال آخر، تم خفض الفارق الضريبي بين الديزل والبنزين، وتأمل دول أخرى أن تحذو حذوها. ونتيجة لذلك، وفي الوقت الذي بلغت فيه مبيعات سيارات الديزل، على الأقل في أوروبا والهند، ذروتها، فقد وضعت الآن نفسها على مسار منحدر طويل الأجل. وربما يتعيّن على المستثمرين في صناعة سيارات الديزل أن يقلقوا ليس فقط على عائدات رؤوس أموالهم، ولكن على رؤوس أموالهم نفسها. وقد لا تكون عملية استئصال سيارات الديزل وشيكة الحدوث ولكن قد يتحقق ذلك مستقبلا بسبب إخفاقاتها. ويواجه صنّاع القرار خيارا عنيفاً: إما المواصلة في مشروع ديزل وإما لا. حيث يمكن للتدابير قصيرة الأجل أن تبقي سيارات الديزل على قيد الحياة، ولكن ما هو المقابل؟ و ماهي الضمانات لذلك؟ ويقول ديتر زيتشه، الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات دايملر، يستحق الديزل القتال لأجله. ولكن كل ما تعلمناه خلال العامين الماضيين يخبرنا أن الأمر ليس كذلك، بل يجب علينا أن نقاتل بالفعل، ولكن من أجل الهواء النقي، ومن أجل إنقاذ الأرواح، ومن أجل مستقبل بلا انبعاثات غازية.

مشاركة :