وجوه العلم الزائف

  • 8/19/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

العلم الزائف مصطلح تبدو تركيبته ظاهرياً متناقضة، وكأننا نقول الأبيض والأسود، فالعلم الحقيقي الجاد يتميّز دائماً بالصدق العلمي الأكاديمي، فكيف يكون مزيفاً؟ لكن العلماء الحقيقيين اضطروا لاختراعه وقبول تناقضه لتوصيف الدجل الذي «يتمحك» في مجرد اسم نظرية علمية دون أي منهج علمي، وصار الإعلام مهتماً بتوضيحه لوضع الحدود الفاصلة بين العلم الحقيقي بصرامته، والعلم الزائف بأوهامه وأساطيره. يحدّد خالد منتصر في كتابه الصادر عن دار العين للنشر والتوزيع، وعنوانه: «لماذا انتصر العلم المزيف؟» أن الرطانة اللاتينية والمصطلحات الكبيرة، والبهارات الإعلامية من أدوات العلم الزائف، وأسلحته جهل المستقبل وكاريزما المرسل، وجمهوره شعوب فقدت المناعة العلمية، فأصبح من السهل اختراق عقلها المشوّش باختراعات بهلوانية مثل أطباء الفلبين، الذين يجرون جراحات دون مشارط، أو علماء باكستان الذين يستخرجون الطاقة من الجان.يقول منتصر: «قد يقول قائل إن العلم الزائف في كل مكان حتى في أوروبا وأمريكا، لكن العلم الزائف لدينا يمثّل تياراً، وهناك استثناء. العلم الزائف هناك يقف على حدود المعمل، ولا يستطيع الدخول من باب الجامعة، وإلا كسرت ساقه، لكن عندنا للأسف تقدّم فيه رسائل ماجستير ودكتوراه، ويقتنع به أساتذة الجامعة، وتروّج له مؤسسات، ويرعاه مسؤولون».ويسجل منتصر عدة تعريفات للعلم حتى نستطيع التفريق بينه وبين العلم الزائف. فالعلم لا يغازل غريزة عشق الماضي والحنين إلى القيم الساكنة داخلنا. العلم لا يعرف النوستالجيا ولا يحترمها؛ بل يثور ضدها، ولذلك هو يقتلع الجذور ويثور على أفكار الماضي البالية، التي عفى عليها الزمن، ويكتسب كراهية البعض الذين استمرأوا أو أدمنوا النوم على وسائد التخدير اللذيذ، لا القلق الفعال المنتج المغيّر المحفّز. العلم حيادي وأحياناً ينفّر هذا الحياد الأكاديمي البسطاء والعامة والجمهور. العلم الزائف يُداعب العواطف ويستخدم لغة التظاهرات وشعارات الحشد ولافتات الغزل. العلم يستخدم التفنيد، والعلم الزائف يميل إلى التأكيد.ويرى منتصر أن العلم شامل، أما العلم الزائف فهو انتقائي، والعالِم الزائف يختار تلفيقاته بدقّة، وهذه هي الدقّة الوحيدة التي يجيدها، وما عدا ذلك فهو عشوائي بامتياز. العالِم الزائف يلجأ إلى التزوير لإثبات نظريّته ودعم اكتشافه، وللأسف يمنح نفسه مظلّة أخلاقية مزعومة لممارسة هذا الإجراء غير الأخلاقي، فالعلم لا يدّعي أنه يمتلك إجابة كل الأسئلة، العلِم الزائف يتبجّح بأن في جيبه الصغير إجابات كل الأسئلة، وشفاء كل الأمراض، وتحقيق كل الأماني.

مشاركة :