الإمارات تقطع خطوات أساسية نحو إتمام مفاعلاتها النووية

  • 8/21/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الامارات عمدت إلى الابتعاد عن أكثر المسائل إثارة للجدل: تخصيب اليورانيوم لتفادي أي شكوك مستقبلية حيال طبيعة برنامجها النووي.العرب  [نُشر في 2017/08/21]التطلع للريادة العالمية ابوظبي - الهدوء في أروقة مقر هيئة الرقابة النووية في ابوظبي لا يعكس وتيرة العمل الدؤوب خلف زجاج مكاتبها: مهندسون وخبراء، نساء ورجال، يضعون اللمسات الأخيرة على برنامج ضخم يدخل دولة الامارات العربية المتحدة النادي النووي، ويعزز موقعها خليجيا ودوليا. على بعد نحو 300 كلم غربا، عند الضفة المقابلة لايران التي تمتلك برنامجا نوويا مثيرا للجدل، يعمل موظفون آخرون، اماراتيون واجانب، في محطة براكة النووية للاجابة على مئات الاسئلة التي تطرحها هيئة الرقابة، آملين في ان ينالوا في 2018 رخصة تشغيل أول المفاعلات الأربعة. وكان من المفترض ان يبدأ المفاعل في توليد الطاقة في 2017، لتصبح الامارات أول دولة خليجية نووية، الا ان "مؤسسة الامارات للطاقة النووية"، المسؤولة عن تشغيل المفاعلات، اعلنت مؤخرا التأجيل إلى 2018 لاسباب تقنية. ويقول كريستر فيكتورسن المدير العام للهيئة الاتحادية للرقابة النووية المخولة منح الترخيص، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، ان مؤسسة الطاقة النووية "تقدمت بطلب الحصول على رخصة تشغيل المفاعل الأول في مارس 2015، وكان ملفا ضخما يتضمن اكثر من 15000 صفحة". ويضيف "أرسلنا لهم حتى الآن اكثر من الف سؤال ولا زلنا نرسل الاسئلة"، مشددا على ان الرخصة لن تمنح قبل الاجابة عن هذه الاسئلة، والتأكد من ان خطط طوارئ كافية للتعامل مع اي حادث وضعت في مكانها. ويشير فيكتورسن الذي يحمل الجنسيتين الفنلندية والسويدية ان "المسألة قد تتطلب اشهرا"، لكنه يضيف ان 2018 "هو لا شك عام التشغيل". وبحسب مؤسسة الطاقة النووية، فإن النسبة الكلية لإنجاز المفاعلات الأربعة وصلت إلى نحو 80 بالمئة، في حين وصلت نسبة إنجاز المفاعل النووي الأول إلى أكثر من 95 بالمئة. الجوار سيتفهم قد تبدو مسألة امتلاك برنامج نووي سلمي أمرا طبيعيا في مناطق أخرى من العالم، لكن المفارقة في الخليج ان دولة الامارات تبني مشروعا نوويا في منطقة تعصف بها الأزمات السياسية والأمنية منذ عقود. ويدفع هذا الواقع المسؤولين الاماراتيين ومديري البرنامج إلى التشديد على الطبيعة الآمنة لهذا المشروع الذي تقرر إقامته في العام 2009 ضمن مشروع ضخم بلغت قيمته اكثر من 25 مليار دولار. وتتطلع دولة الامارات إلى ان يساهم البرنامج النووي بحلول العام 2020 في انتاج نحو 25 بالمئة من حاجتها من الكهرباء. لكنها تامل ايضا ان يعزز هذا البرنامج الطموح موقعها كدولة مؤثرة على الساحتين الاقليمية والدولية. ويقول مسؤول اماراتي في الملف النووي "دولتنا سباقة، وستبقى كذلك". وفي ظل أزمة الثقة بين دول الخليج وايران، والأحداث الأمنية والهجمات التي شهدتها دول مجاورة بينها المملكة السعودية والكويت، يؤكد المسؤولون الاماراتيون والأطراف المشغلة للبرنامج النووي ان هذا المشروع لن يتسبب مزيدا من التوترات كونه منحصر بخطط محلية لتنويع الطاقة. ويقول دبلوماسي كوري جنوبي مقيم في دبي فضل عدم الكشف عن اسمه ان مشروع محطة براكة "سيكون له دور مهم في اقتصاد الامارات، لكنه سيكون أيضا مثالا ممتازا للدول العربية الاخرى لحيازة الطاقة النووية واستخدامها في المجالات السلمية". وسبق وان اعلنت عدة دول عربية بينها السعودية في الأعوام السابقة عن نيتها بناء محطات نووية مماثلة. ويضيف الدبلوماسي "لا نعتقد ان المفاعلات النووية ستتسبب بمشاكل في المنطقة. تعاوننا مبني على جهود (...) التطوير، والدول العربية الاخرى في المنطقة ستتفهم هذا الأمر".كريستر فيكتورسن: وضعنا برنامجا لمراقبة كل النشاطات النووية في البلاد لا للتخصيب تقع المنشآت النووية في دولة الامارات في نطاق صلاحيات جهاز حماية المنشآت الحيوية والسواحل. وحاليا، يتلقى السكان الذين يعيشون في دائرة قطرها 50 كلم من المحطة تعليمات حيال كيفية التعامل مع الحوادث. الا ان الأمان النووي لا يتعلق بدولة الامارات فقط. فمحطة براكة تبعد نحو 50 كلم عن أقرب حدود مع المملكة السعودية غربا، وحوالي 320 كلم عن سلطنة عمان جنوبا، و350 كلم عن ايران شمالا. ومن هذا المنطلق، اقيمت مؤتمرات اقليمية جمعت أطرافا مختلفة في المنطقة لمناقشة الأمان النووي، وفقا لمدير هيئة الرقابة. ويؤكد فيكتورسن ان "الأمان مسألة مهمة جدا، وقد وضعنا قوانين تتعلق بعدة مجالات في هذا الشان"، مشيرا إلى اقامة تمارين مستمرة تحاكي وقوع حوادث في محطة براكة للطاقة النووية تشمل الموظفين في البرنامج واجهزة وزارة الداخلية الاماراتية. وبهدف تفادي أي شكوك مستقبلية حيال طبيعة برنامجها النووي، عمدت دولة الامارات، التي تضم نحو 8 بالمئة من احتياطات النفط العالمية، إلى الابتعاد عن أكثر المسائل اثارة للجدل: تخصيب اليورانيوم. فبينما تخوض ايران على الضفة الأخرى من الخليج مواجهة محتدمة مع المجتمع الدولي لاجراء عمليات التخصيب على ارضها، اكدت ابوظبي انه لن تكون هناك أي عمليات لتخصيب اليورانيوم على اراضيها. كما انها ستمتنع عن إعادة معالجة الوقود النووي بأي شكل من الأشكال. ويقول فيكتورسن "اعلم ان كلمة نووي تعني لأشخاص كثيرين اغراضا غير سلمية، لكن القوانين التي وضعت هنا تؤكد عكس ذلك، ونحن وضعنا برنامجا لمراقبة كل النشاطات النووية في البلاد". في مايو الماضي، عقدت الحكومة الاماراتية جلسة في محطة براكة. ولخص رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم رؤية دولته لبرنامجها النووي بالقول ان هذا المشروع يحقق "تطلعاتها للريادة عالميا".

مشاركة :