فدوى سليمان.. السورية ثم السورية..

  • 8/22/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تُحترم شخصية الشاعرة والمسرحية السورية الراحلة قبل أيام فدوى سليمان لأكثر من سبب.. فهي ناشطة جريئة في الحراك السوري المدني منذ بداياته في عام 2011 بشعار تحترمه كل أطياف هذا الشعب التاريخي العظيم.. انخرطت فدوى سليمان في حراك مدني سلمي في مدينة حمص أولاً، ووسط بيئة سنية، كي تثبت للعالم أن الشعب السوري لا يفرق بين شيعي أو سني أو كردي أو درزي، وأن النظام السياسي هو من يغذي هذه العنصريات، كما أن الأصوليين والمتشددين الذي سيسوا الدين وركبوا على أكتاف الثورة السورية هم أيضاً من ينطلقون من مرجعيات مذهبية وطائفية. بحسب أفكار فدوى سليمان، فهي امرأة سورية تعكس الطبيعة النبيلة الشجاعة والجريئة للشعب السوري.. الشعب الذي عاش بطلاً، ويموت الملايين منه اليوم أبطالاً، وهم ضحية الشبيحة من جانب، وضحية مستثمري الإرهاب الذي عبر القارات واستقر في سورية على شكل جماعات ودول وأفراد.هذه المرأة العربية الرائعة التي تمثلت فيها بطولة الأنثى عندما تتحول إلى رمز وأيقونة وجدت نفسها في فرن السياسة بالصدفة أو بالضرورة، فهي ليست سياسية محترفة، وليست لها مصالح لا مع النظام ولا مع المعارضة، بل في الأصل شاعرة وفنانة مسرح. على مستوى المسرح لم تشترك في عروض كثيرة، ولكن يقول نقاد المسرح، إنها برزت في عمل «مينودرامي» بعنوان «صوت ماريا» أدته عام 2008 وهو نص للكاتبة البوسنية ليديا شيرمان هوداك.للشاعرة مجموعتان شعريتان خاليتان تماماً من الشعار السياسي، قصائدها ناعمة هادئة، وصوتها الشعري أقرب إلى الهمس في أشعار قائمة على النثر تعبر عن روحها الشفافة.شيء ما يجعلك في رحيل فدوى سليمان تتذكر سعد الله ونوس.. والمشترك هو مرة ثانية الروح الشعبية السورية.. ومرة ثانية أيضاً لا مذهبية ولا طائفية ولا جهوية ولا قطرية.. بل شعب واحد بدأت ثورته مدنية، لكن لأن دهاة السلطة، وأيضاً دهاة الحروب وتجار الإرهاب يعرفون أن التظاهرات المدنية والمقاومة بالفن والكلمة واللوحة والقصيدة والعرض المسرحي والأغنية والكاريكاتير.. هي أقوى مئة مرة من الدبابة والطائرة.. راحوا معاً باتجاه عسكرة الإنسان السوري البسيط، وتعبئته بكل ما هو مسيّس نحو خلق هذه الفوضى والرماد في سوريا.. وهو ما كانت ترفضه وتحذر منه فدوى سليمان التي حاولت أن تساعد بلادها من خلال الفن.. القوة الناعمة التي تتحول أحياناً إلى قوة خشنة لابد منها عندما تسود ثقافة الموت المتدرجة والمتنقلة من دولة إلى دولة، ومن حزب إلى حزب، ومن جماعة إلى جماعة هم معاً ضد الشعب السوري.. الذي سوف ينتصر في نهاية هذه الدراما غير النظيفة.يوسف أبولوزy.abulouz@gmail.com

مشاركة :