داعش وخيله "المسوّمة".. تكتيك يثير رعب أوروبا والعالم بقلم: حبيب المباركي

  • 8/22/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

التنظيم الإرهابي لم ولن يتراجع ولن يفك استهدافه لأوروبا والعالم ما لم يتم تقديم مراجعات وأسئلة حقيقية يجب أن تطرحها الدول المستهدفة عموما على نفسها.العرب حبيب المباركي [نُشر في 2017/08/22، العدد: 10730، ص(7)] داعش تنظيم اللامعقول واللامتوقع. فرضية الاعتقاد بانحسار التنظيم وتراجعه في أكثر من مكان في العالم وبمسار اعتيادي ورؤية واضحة لا تجد مكانها بين تحليلات المفسّرين وتصورات الخبراء لما سيحدث مستقبلا. داعش خرق القاعدة تماما. التنظيم انحسر فعلا لكن خلاياه باقية وتتمدد رافعة شعار الدولة الخرافية التي سيكتب لها التأسيس والبناء حتى بمقاتل واحد. داعش يظهر نوعية جديدة من مورفولوجيا الظواهر على الأرض. تنظيم يخلق، يبتكر، يؤسس، يخطط ثم ينفذ. قاموس من المعاني، يختص به داعش من خلال الإعلان عن تسمية لكل عملية إرهابية يقوم بها من “جند الخلافة” إلى “الخيل المسومة” مرورا بالعديد من التسميات الأخرى، يستند فيه التنظيم إلى النص القرآني دون إدراك أو تمعّن حتى لما تعنيه الكلمة وتفسيرها ودلالاتها الفقهية والرمزية. توالت العمليات الإرهابية خلال الفترة الأخيرة، أحدثها كان بمدينة مرسيليا الفرنسية الاثنين. القارتان الأوروبية والأسترالية لم تكونا بمأمن منذ إعلان تنظيم داعش الإرهابي عمّا يسمّى بـ”الخيل المسومة”، متوعدا بسفك الدماء وإسقاط العديد من الأرواح ليبث الرعب في صفوف أوروبا والعالم. العمليات لم تكن إنذارا وحسب بل وقعت فعلا عبر آلية الدهس التي يتولاها أشخاص بسيارات خاصة أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى من المدنيين. هناك تشابه في الأسلوب والطريقة اللذين تمت بواسطتهما تلك الجرائم سواء بالطعن أو الدهس، ما يؤكد أن المخطط لتلك العمليات هو من وحي تنظيم بعينه، ألا وهو داعش الذي تبنى فعلا تلك العمليات في أوقات أخرى. أوروبا كما أستراليا وروسيا، الغرب عموما غارق في وحل التنظيم المتطرف الذي لم يميّز في ضحاياه بين هذا وذاك، هي وهو، نحن وهم. الجميع في خندق واحد وسلة واحدة. الهدف من ذلك إسقاط عدد كبير من الضحايا. العمليات الإرهابية تميزت بالوحشية ولعل حادثة الدهس الأخيرة التي طالت مدينة برشلونة بإقليم كاتالونيا شمال إسبانيا تعتبر الأكثر وحشية بين تلك الحوادث، حيث قتل منفذ العملية ما يقارب الـ14 شخصا وأصاب ما يقرب من 100 آخرين. دول القارة الأوروبية رفعت شعار “الاستنفار التام” في كافة المناطق تحسبا لأيّ عمليات إرهابية تنفذها عناصر التنظيم مستقبلا، فيما تواصل الشرطة الإسبانية والألمانية عمليات التحري والتدقيق في تحركات بعض المهاجرين لتنفيذ أيّ عمليات جديدة. لكن اليقظة ورفع درجات التوتر لم يزيدا التنظيم سوى إصرار على المضي في نهجه “المظلم والشنيع”، وما حادثة باريس سوى دليل آخر يضاف إلى سجلات التنظيم في المراوغة وأسلوب التضليل. الأحداث الإرهابية التي عصفت بالقارتين الأوروبية والأسترالية وروسيا جاءت بالتزامن مع ما كشفته عدد من وسائل إعلام عراقية عن أن تنظيم داعش أعلن عن تشكيل مجموعة باسم “الخيل المسوّمة” مهمتها دهس المدنيين في الدول الأوروبية وأميركا، مبررا ذلك بأن تلك الدول تحارب ما أسماه بـ”دولة الخلافة”. التهديدات التي أطلقها تنظيم داعش تكشف استراتيجية جديدة لعناصره في القارة الأوروبية، وهي طريقة تعتمد أساسا على المفاجأة والسرعة وعنصر المباغتة في استهداف أكبر عدد من المدنيين عبر سيارات يستخدمها متطرفون، إضافة إلى تشبيه داعش لتلك العناصر بـ”الخيل المسوّمة”، وهو ما يؤكد تلقي الموكولة لهم مهمّات التنفيذ تدريبات بعينها على مثل هذه الحوادث. مصدر عراقي مطلع أكد أن خطباء داعش وزّعوا خطبة مطبوعة على أهالي قضاء الحويجة توعّد التنظيم فيها الدول الأوروبية وأميركا وبريطانيا بشن هجمات عن طريق ما أطلق عليه “مجموعة الخيل المسوّمة التي ترهبهم في عقر ديارهم”، محذرا من أن التنظيم توعّد بالمزيد من الهجمات عبر السيارات التي تدك من وصفهم المنشور بـ”جموع الكافرين”. المطبوعة التي وزّعها التنظيم الإرهابي كشفت عن تجنيد عناصر أجنبية وتشكيل خلايا لاستهداف التجمعات ومراكز تجارية مهمة في تلك الدول، وهدد بضرب ما أسماه “تحالف الكفر والردة بقصف مواقع دولة الخلافة”. يذكر أن الدول التي وقعت فيها حوادث إرهابية سواء عبر الدهس أو الطعن تشارك في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، وعلى رأسها ألمانيا وإسبانيا وفنلندا، بالإضافة إلى العمليات العسكرية التي تقودها روسيا الاتحادية في سوريا ودعمها لجهود الجيش العراقي في الحرب على التنظيم المتطرف ولا سيما في العديد من الجيوب التي يتحصّن بها التنظيم في العراق وسوريا. داعش لم ولن يتراجع ولن يفك استهدافه لأوروبا والعالم ما لم يتم تقديم مراجعات وأسئلة حقيقية يجب أن تطرحها الدول المستهدفة عموما على نفسها. أول هذه الأسئلة وأعمقها ما هي الخطوات التي اتخذتها هذه الدول ضد ذئابه المنفردة وكيفية التعامل معها بعد ضرب معاقله الرسمية؟ بالموازاة مع خطط التعامل مع عناصر التنظيم المنفلتة وضربها في الأراضي الواسعة والمساحات البينية التي يتحصّن بها التنظيم، ما هي خطط هذه الدول المستقبلية في التعامل مع جيوبه المتغلغلة في الخواصر “اللامرئية” بانتظار الإشارة؟ كاتب تونسيحبيب المباركي

مشاركة :