حراك إقليمي ودولي يستبق نقلة نوعية لتسوية الأزمة السوريةتتسارع وتيرة المفاوضات بين الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالملف السوري، ما يشي بوجود توجه جدي لحسمه قريبا، بدأت معالمه تظهر من خلال التوافق الروسي الأميركي على إقامة مناطق خفض تصعيد لتهيئة الأجواء للحل السياسي.العرب [نُشر في 2017/08/22، العدد: 10730، ص(2)]علاقات عسكرية راسخة عمان - تؤكد أوساط سياسية أن الحراك الذي تشهده المنطقة مرتبط أساسا بالأزمة السورية التي تشهد منعطفا حاسما. وتفسر الأوساط السياسية أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين إلى عمان ولقاءه بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، يأتيان في سياق رغبة مشتركة لتنسيق المواقف في الملف السوري الذي يرجح أن يشهد نقلة نوعية في أكتوبر، وفق ما صرح بذلك المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا قبل أيام. واللافت أن زيارة الرئيس التركي إلى عمان، سبقتها زيارة لوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلى العاصمة الأردنية حيث كان له لقاء مطول مع الملك عبدالله. وذكرت وكالة الأنباء الأردنية أن “اللقاء تطرق إلى التعاون العسكري والدفاعي بين الأردن والولايات المتحدة، والدعم الذي تقدمه واشنطن إلى المملكة في هذين المجالين”. وأشارت الوكالة إلى أن “الاجتماع ركز على الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما الأزمة السورية والتطورات في العراق، والمستجدات المرتبطة باستراتيجية الحرب على داعش، فضلا عن مناطق خفض التوتر في سوريا”. وتعتبر الأطراف الثلاثة (الأردن والولايات المتحدة وتركيا) أضلاعا رئيسية في المشهد السوري، وكل طرف سيدافع عن حصته من التسوية في هذا البلد. ومعلوم أن في مقدمة المطالب التركية تحجيم النفوذ الكردي المتنامي في شمال سوريا والذي يحظى بغطاء أميركي في مقابل ذلك يطالب الأردن بابتعاد إيران وميليشياتها عن الجنوب السوري الذي يحده. ويتوقع أن يطلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الأردن لعب دور الوسيط مع الإدارة الأميركية الأقرب إليه إقليميا، وإقناعها بوجهة نظره تجاه التهديد الكردي لأمنه القومي. في المقابل سيدعو الملك عبدالله أنقرة إلى التدخل لجهة إقناع طهران بوقف تمددها على جنباته، مع الإشارة إلى أن الفترة الأخيرة سجلت تقاربا تركيا إيرانيا لافتا على خلفية ملف استفتاء كردستان العراق. وبدأت في الأشهر الأخيرة تبرز معطيات جديدة تؤشر على وجود توجه لإنهاء الملف السوري الذي ناهز عمره السبع سنوات، في ظل وجود قناعة أن لا أحد يستطيع حسمه كليا لصالحه. وأبرز هذه المؤشرات مناطق خفض التصعيد التي أعلن عنها في جنوب سوريا والغوطة الشرقية وريف حمص، وسط أنباء ترجح أن تكون محافظة إدلب المحطة المقبلة.سيرجي لافروف: روسيا تنطلق من نفس أهداف مصر في تسوية أزمات الشرق الأوسط ويرى محللون أن ما يجري اليوم هو مساومات تحت الطاولة من كل الأطراف المعنية بالملف، وسط دخول أطراف جديدة على غرار مصر التي تريد استثمار الحياد التي اتسمت به على مدار السنوات الأخيرة لتقديم نفسها كطرف يمكن أن يلعب دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين الجهات المتصارعة. ويعتقد محللون أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى موسكو الاثنين تندرج في هذا السياق. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إثر لقائه بنظيره المصري إن بلاده تنطلق من نفس الأهداف التي تنطلق منها مصر في جهود تسوية الأزمات الكثيرة في منطقة الشرق الأوسط. وشدد لافروف على أن “الجانب الروسي يهتم كثيرا بمواقف القاهرة من القضايا الإقليمية، وبناءً عليه يسعى لإطلاع الجانب المصري على آرائه من مسائل عدة، مثل الأزمات في سوريا وليبيا واليمن والعراق”. ونوّه بوجود رؤية واضحة بهذا الخصوص في المستقبل القريب، وذلك انطلاقا من التقدم الذي أحرزه مؤخرًا الخبراء، الذين يحلون تلك القضايا. ولفت لافروف، إلى إن مصر وروسيا وبمشاركة السعودية تعملان على دعم تشكيل وفد موحد للمعارضة السورية من أجل إطلاق مفاوضات مباشرة مع الحكومة السورية. والتقت فصائل المعارضة السورية في الرياض الاثنين في محاولة لتشكيل جبهة موحدة للمشاركة في مفاوضات سلام في أكتوبر تأمل الأمم المتحدة في أن تكون جوهرية. وعقدت الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة المدعومة من السعودية اجتماعا استمر ساعات مع وفود من معسكرين معارضين معتدلين هما ما يسمى “منصة القاهرة” و”منصة موسكو”. وكان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي مستورا قد دعا المعارضة إلى توحيد وفدها لوضع استراتيجية تفاوض أكثر براغماتية بعدما رعى سبع جولات من المحادثات التي لم تحقق نجاحاً، وشكل مصير الرئيس السوري بشار الأسد عقبة أساسية فيها. وقال أحمد رمضان أحد قادة المعارضة السورية إن الهدف من الاجتماع التوصل إلى اتفاق حول برنامج سياسي يشكل أساسا للمفاوضات، في مقدمه مصير الأسد. وهناك اليوم توجه دولي وإقليمي للقبول ببقاء الأسد في المرحلة الانتقالية، ويعتقد أن المعارضة لا تستطيع أن تقف أمام هذا التوجه، في ظل الوضع الهش الذي تمر به. والأسبوع الماضي أعرب دي ميستورا عن أمله في إجراء محادثات سلام “حقيقية وجوهرية” بين الحكومة والمعارضة السورية غير الموحدة في أكتوبر. وخسر مقاتلو المعارضة الكثير من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها منذ بدء محادثات السلام لإنهاء العنف في سوريا، بما فيها حلب التي استعادها الجيش السوري بعد أن كانت معقلا للمعارضة. ومع تراجع وضع مسلحي المعارضة، يقول خبراء إن النظام لا يواجه ضغوطا لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، خصوصا بالنسبة إلى مسألة مستقبل الأسد. وأوضح دي ميستورا أنه قد يواصل محاولة تنظيم جولة “تحضيرية” أخرى من المحادثات في جنيف الشهر المقبل كما كان مخططا في السابق، إلا أنه أكد أن مكتبه “سيركز على الأجندة الحقيقية لإجراء محادثات حقيقية جوهرية نأمل في أن تجري في أكتوبر”.
مشاركة :