ورحل الفنان الكبير حسين جاسم صاحب أغنية «حلفت عمري» وعشرات الأغاني العاطفية الرائعة، حسين جاسم، الذي عانى في السنوات الأخيرة من المرض «الشين» وعاش أيامه الأخيرة طريح الفراش، بدأ مشواره مع الأغنية عام 1967 وسرعان ما انطلق بقوة نحو النجومية والشهرة حتى أصبح خلال سنوات قليلة أبرز مطرب كويتي يقدم الغناء الأصيل، ويمتلك صوتًا عذبًا وإحساسًا بالكلمة وحضورًا مميزًا، لكنه فاجأ الجميع باعتزاله الفن بعد سنوات قليلة، وكما فاجأ الجميع باعتزاله، فاجأهم بعودته من جديد في المناسبات الخاصة، وحفلات التكريم، واشترك مع ابنه الفنان أحمد حسين في غناء «حلفت عمري». كانت الساحة الفنية والغنائية تحديدًا في منتصف الستينات مشجعة جدًَا لظهور المواهب في شتى المجالات، وقد شهدت سطوع أسماء عدة في مجالات التأليف الغنائي والتلحين والغناء. وكان حسين جاسم أحد تلك الأصوات الشابة التي اندفعت لتقدم نفسها في مجال الأغنية، ربما لم تبرز موهبة الغناء لديه في الصغر، لكن دخوله معهد المعلمين لدراسة الموسيقى كان عاملاً أساسيًا في الكشف عن موهبته، ومع ذلك فإن ظهوره كمطرب على الساحة الفنية جاء بعد نجاحه في تقديم أغانٍ دينية ووطنية خلال الحفلات التي يقيمها المعهد آنذاك، وقد برز في تقديم الموشحات، هذه الحفلات الفنية كشفت عن عذوبة صوته، وكانت الخطوة التالية تقدمه إلى اذاعة الكويت ليشارك في أوبريت غنائي وقدم بعد ذلك أشهر أغنية دينية «يا إله الكون»، التي مازالت تبث حتى الآن وهي من ألحان عبدالرؤوف إسماعيل، ثم تبع ذلك بأوبريت «شعلة العلم» الذي لحنه عبدالرؤوف إسماعيل أيضًا. نقطة تحول لم يكن حسين جاسم متحمسًا لخوض تجربة الأغنية العاطفية ربما للبيئة التي عاش فيها، وربما لعدم اقتناعه بذلك لكن عندما قدم أغنية «أبو الموقة» التي نجحت أيما نجاح حدث تحول كبير في مسيرته الفنية، الأغنية من كلمات جاسم شهاب وألحان عبدالرحمن البعيجان، هذه الأغنية كانت نقطة تحول مهمة في توجه حسين جاسم إلى الغناء العاطفي. منذ بداية مشواره الغنائي سار المطرب حسين جاسم على طريق البحث عن الأصالة والتميز، وربما يكون واحدًا من قلائل لم يقدم إلا الأعمال المتميزة. فجاءت معظم اختياراته ناجحة ساهم في ذلك وعيه الفني، خاصة بعد دراسته في معهد المعلمين وتخصصه في الموسيقى، الأمر الذي فتح أمامه الطريق لمعرفة الكثير عن فنون الغناء، ثم تعاونه مع ملحنين بارزين، لهم أسلوبهم في الألحان الفولكلورية المطورة مثل يوسف المهنا، وعبدالرحمن البعيجان، وغنام الديكان، ومن ذلك أغنية «شوصف فيك» التي لحنها عبدالرحمن البعيجان وهي من كلمات الشاعر الغنائي خليفة العبدالله الخليفة، وله أغنية جميلة بعنوان «يا معيريس» التي كتب كلماتها مبارك الحريبي ولحنها غنام الديكان، ومن أبرز أغانيه «شمعة الجلاس». ولحن غنام الديكان أغاني عدة للفنان حسين جاسم بينها «يا فرحة كبيرة» و«طابت الأفراح»، وهما من كلمات الشاعر الغنائي مبارك الحريبي، أما أغنية «حلفت عمري» التي تعد واحدة من أهم ما قدمه حسين جاسم فهي من كلمات الفنان والشاعر الغنائي ماجد سلطان ومن ألحان يوسف المهنا. رحلة فنية وخلال مشواره قدم حسين جاسم العديد من الأعمال الغنائية الناجحة منها أغنية «من أجل الهوى» كلمات الشهيد فايق عبدالجليل وألحان خالد الزايد، وأغنية «سمراء يا فجر الشباب» من كلمات الشاعر الراحل محمد الفايز، وتعاون حسين جاسم مع عدد من الملحنين البارزين مثل أحمد البابطين في أغنية «صج الدنيا ما تنفع»، كلمات مبارك الحريبي. ومن الأغاني الجميلة التي قدمها حسين جاسم أغنية «اذكرني مرة» التي كتب كلماتها خليفة العبدالله الخليفة ولحنها عبدالرحمن البعيجان، هذا التآلق وذلك النجاح لم يمنعاه من اعتزال الغناء لسنوات طويلة، ويبتعد عن الأضواء قرابة عشرين عامًا أو يزيد، ثم تكون عودته من خلال ابتهالات دينية. وكان المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب قد كرم الفنان الكبير حسين جاسم في الحفل الختامي لمهرجان القرين الثقافي الثاني عشر، حيث قدم عدداً من الأصوات الشابة لبعض أعماله الشهيرة بمشاركة نجله الفنان أحمد حسين. المغردون يتفاعلون تفاعلت وواكبت وسائل التواصل الاجتماعي مع خبر رحيل فقيد الفن الكويتي الفنان حسين جاسم منذ ساعات الفجر واستمرت حتى فترات المساء، معبرة عن الحزن والآسى والنعي. فقد نعاه فنانون وإعلاميون ومغردون عدة في الساحة المحلية بينهم نبيل شعيل، عبدالله بوشهري، محمد جوهر حيات، هشام الصالح، جيفارا، عبدالعزيز الحشاش، عبدالله الطليحي، أحمد السعدون، أحمد خورشيد، أحمد القطان، خليل التميمي، بشار الجزاف، المخرج علي العلي، عبدالعزيز أحمد وآخرون. أحمد وعلي ينعيان والدهماأحمد حسين جاسم نعى الفنان أحمد حسين وشقيقه الأكبر علي حسين جاسم والدهما، وقالا في نعيهما: «بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره انتقل إلى رحمة الله تعالى والدنا الحاج حسين حسن جاسم شاغولي»، وأوضحا أن «جثمانه سيوارى الثرى اليوم الخميس (أمس) في المقبرة الجعفرية في الصليبخات». الدويش: ترك عطاء خالداً وبصمات راسخةبدر الدويش الأمين العام المساعد لقطاع الفنون والمسارح في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. بدر الدويش قال إن الفن الكويتي والخليجي خسر فنانًا كبيرًا قدم للأغنية الكويتية عبر مسيرته الفنية الطويلة إرثًا فنيًا زاخرًا ومتميزًا من الأعمال الغنائية التي لاتزال تعيش في ذاكرة تاريخ الفن الكويتي. وأضاف الدويش: اليوم الساحة الغنائية الكويتية تفقد عملاقًا من روادها الذين تركوا عطاء خالدًا وبصمات راسخة في أذهان الجمهور الخليجي والعربي، لافتًا إلى أن الفنان حسين جاسم رحمه الله كان فنانًا التزم بأداء رسالته الفنية بكل رقي وصدق. وبين الدويش أن الراحل يعتبر ممن ساهم مساهمة فاعلة في ترسيخ الفن الغنائي الهادف عبر أعمال غنائية وطنية وعاطفية تحمل القيمة العالية، وبات على إثرها نجمًا من نجوم الساحة الغنائية محليًا وخليجيًا وعربيًا. واستذكر الدويش الأعمال الغنائية الجميلة الخالدة في مسيرة الراحل بينها «حلفت عمري، شمعة الجلاس، أبو الموقه» وغيرها من عشرات الأغاني التي ستظل شاهدة على تلك المسيرة الحافلة التي سطرها بحروف من ذهب من العطاء الفني المتميز. قالوا في رثائه الرويشد: روحه جميلة خفيفة الظلعبدالله الرويشد نودع أستاذاً كبيراً في الفن والإنسانية والأخوة، كان سندا لنا في بداياتنا عندما ظهرنا، وظل معنا طوال الوقت، كان رحمه الله شمعة، ومجلسه طيبا، ويناقشنا في كل ما نقدمه، بروحه الجميلة الخفيفة الظل، مرحه وقربه منا أعطانا قوة في الانطلاق في وقت كان العمل فيه يحتاج إلى الصبر والمثابرة، كان جيلنا يستشير الجيل الذي قبله، وكان رحمه الله من الفنانين الكبار الذين يتواصلون معنا ويقدمون لنا كل ما نحتاجه في مسيرتنا الفنية، كانت علاقته مع الجميع طيبة وأخوية، لم نشعر يوما بفارق بيننا في السن أو العمل، بل كان يغني معنا إذا جلسنا معا، ويضيف لنا من قفشاته وطرافته ما يجعل الجلسة جميلة وممتعة، رحمه الله رحمة واسعة.البناي: دخل الفن بهدوءعبداللطيف البناي قال الشاعر الغنائي عبداللطيف البناي: رحمة الله عليك يا أستاذ حسين جاسم، فقد كنت مثال الأخلاق الحميدة الطيبة، دخلت الفن بهدوء وانسحبت منه بهدوء، وهذا يدل على أنك إنسان أصيل عاشق للأصالة بفنك الراقي وبأعمالك الغنائية، ستبقى خالدًا بأعمالك وبأخلاقك، إنا لله وإنا إليه راجعون. عبدالله: الكويت خسرت علماً أنور عبدالله قال أنور عبدالله: «إن الراحل حسين جاسم فنان كبير يصعب تعويضه ولن يحل أي صوت آخر محله، من أعلام الأغنية الكويتية والخليجية في الستينات والسبعينات، يكفي أن تتذكر «يا معيريس» أو «حلفت عمري» وغيرهما من الأغاني لتعرف كم كان فنانًا كبيرًا وإنسانًا عظيمًا، تعاملت معه عن قرب في أوبريت «فريج الخير»، فعرفت فيه إنسانيته الكبيرة تعامل معنا وكأننا من جيل واحد، أعرفه عن قرب وتربطني معه وأسرته علاقة طيبة. هو إنسان يقلّ نظيره في الوسط الفني والإنساني، رحمه الله خسرنا برحيله قامة فنية كبيرة». المسباح: استاذ جيل الثمانيناتمحمد المسباح الراحل حسين جاسم أستاذنا، بل أستاذ لجيل الثمانينات، الذين انطلقوا في وقت صعب، كان سندا ومعينا لنا في عملنا وحياتنا الفنية والاجتماعية، شخصيا استفدت كثيرا من الراحل رحمه الله، كان يوجهنا ويعلمنا الأداء والتفاعل مع الجمهور والفرقة واختيار القصيدة والكلمات، وغيرها من الأمور التي نحتاجها سواء في بدايتنا، أو بعد أن سرنا على الدرب، ولم يكن يشعرنا بفارق السن بيننا، كنا نجلس معا ونستمع إلى رأيه في ما نقدم بكل أريحية ومن دون تكلف، كان رحمه الله إنسانا وفنانا طبيعيا من دون مبالغة أو تصنع.
مشاركة :