عواصم - وكالات: قال سعادة سفير دولة قطر في باريس خالد بن راشد المنصوري أمس في مقال نشر بصحيفة لوفيجارو الفرنسية بعنوان من أجل حوار صريح وبنّاء في الشرق الأوسط إنه: فيما تعاني منطقة الشرق الأوسط من العديد من الانقسامات، تم فرض حصار اقتصادي، وجوي وبحري على بلادي، دولة قطر، منذ 80 يوماً، بمبادرة من دول خليجية شقيقة، حيث قامت هذه الدول، تتقدمها السعودية والإمارات، في محاولة لتبرير هذا الحصار، بتوجيه اتهامات خطيرة إلى بلادي لا أساس لها، لاسيما تهمة تمويل الإرهاب. وأكد سعادته أن دولة قطر اعتمدت دوماً خطاً سياسياً واضحاً في هذا المجال، فقد انخرطت بقوة في مكافحة الإرهاب داخل الائتلاف الدولي، الذي تعتبر من أعضائه المؤسسين. كما تستقبل على أراضيها في «العديد» أهم قاعدة عسكرية في المنطقة، وهي القاعدة التي تشارك بفاعلية في العمليات التي يقوم بها الائتلاف. كما اتخذت دولة قطر إجراءات قضائية من أجل مكافحة الفساد وتبييض الأموال منذ 2014، والقائمة لا تزال طويلة. وأوضح سعادته:في يوليو الماضي، وخلال التوقيع على مذكرة تفاهم غير مسبوقة في مجال منع تمويل الإرهاب، مع سعادة وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أعاد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون التذكير بأن دولة قطر كانت الدولة الأولى التي استجابت لنداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل اجتثاث الإرهاب، كما أعاد التأكيد خلال الأسبوع الماضي أن دولة قطر تلتزم بالتعهدات التي قطعتها في سياق هذا الاتفاق، داعياً اللاعبين في المنطقة للتوقيع عليه. وقال سعادة السفير: إن بلدي يكافح الإرهاب دون هوادة ودون أية مساومة، وهو أمر تعترف به الأسرة الدولية، وأكد سعادته أنه في هذا الإطار فإن ممارسات السعودية ودول الحصار، لا تسيء لمكافحة الإرهاب فحسب، بل تتناقض مع القانون الدولي وتبعث إشارة مثيرة للقلق لمنطقتنا وللعالم. إن قراراتهم الظالمة تمس بمبدأين رئيسيين، لطالما كافحت البشرية من أجلهما: سيادة واستقلالية الدول من جهة، وحرية التعبير والحق في الإعلام من جهة أخرى. وبين سعادته أن التعبير عن آراء وحساسيات مختلفة لم تكن حتى الآن مصدر تهديد للعلاقات الجيدة القائمة داخل مجلس التعاون، بل على العكس، لقد كنا دوماً نقدّر النقاط المشتركة العديدة التي تسمح لنا بالوجود كمنظمة إقليمية، ونحرص على إقامة علاقات متوازنة مع كل لاعبي المنطقة. وتابع سعادته «لأننا نؤمن بتعددية وسائل الإعلام وبحرية التعبير، قمنا بثورة في القطاع الإعلامي من خلال إنشاء قناة الجزيرة عام 1996، لوضع حد للاحتكار الإعلامي في العالم العربي. ندرك أنه لم يعد المسموح اليوم العودة إلى الوراء، لأن هذه الثورة شكلت نجاحاً لقي ترحيباً لدى كل الشعوب العربية، ففي الوقت الذي لا نقبل فيه أن يتعرض استقلالنا السياسي للانتهاك، أو أن تتعرض سيادتنا للتهديد، أو أن يتم تقليص حريتنا بالتعبير أو حتى منعها، فقد فتحنا باب الحوار منذ بداية الأزمة. إنه حوار مع بقية دول الخليج، نريده صريحاً وجاداً وبناءً لنبقى متّحدين، رغم خلافاتنا،إلا أن التطورات الأخيرة للأزمة تجسد غياب رغبة دول الحصار في الحوار. إن حجب المعلومات عن القطريين بشأن الحج إلى مكة المكرمة، ونشر معلومات خاطئة بشأن هذا الموضوع من جانب السعودية، يُشكل عملاً استفزازياً جديداً. ويتابع سعادة السفير : «شكل الاجتماع الذي عقد في المنامة في نهاية شهر يوليو عودة إلى الوراء، لأن وزراء خارجية مصر والإمارات والسعودية والبحرين أعادوا وضع المطالب الثلاثة عشر غير المعقولة على الطاولة، علما أنهم أعلنوا التخلي عنها في 19 يوليو». ويضيف سعادته:لقد آن الأوان لأن يتوقف مواطنو دول مجلس التعاون عن دفع ثمن نزاعات دبلوماسية ليس لهم فيها أية مسؤولية. آن الأوان لأن يكون لدى دول الحصار وعي تام للعذابات التي تسببت بها. إن الأساليب المستخدمة كانت عنيفة، فقد تم الفصل بين الأسر، وتدمير فرص عمل، والتسبب في حالات تهجير قسرية. إن هذه الأضرار لا يتحملها مواطنونا وحدهم، بل تمس أيضاً مواطني دول الحصار، فضلاً عن المساس بقيمنا المشتركة وبصورة بلادنا ومنطقتنا في العالم. إن هذه الأساليب تسيء أيضاً للاقتصاد الإقليمي وتهدد عمليات التبادل والعلاقات التي نقيمها مع شركائنا. وأوضح سعادته: شكلت هذه الأزمة كذلك اختباراً معنوياً اجتازه مواطنونا بنجاح كبير، لقد استمروا على عاداتهم متسامحين رغم الاستفزازات. لقد قدم مواطنونا المثال على أنهم شعب موحد، يحترم قيمه ويتمسك بها مهما كانت الظروف. وقال سعادته «إن أي حل للأزمة ينبغي أن يعتمد الآن على مبدأين: احترام سيادة وإرادة كل دولة، واعتماد شكل يتمثل في تعهدات متبادلة. إننا في هذا السياق مستعدون للحوار والسعي لإيجاد حلول لكل المسائل الخلافية، لأنه كما ذكر وزير خارجية فرنسا، الشريك التاريخي، وهنا أود أن أحيي الجهود التي بذلتها فرنسا منذ شهرين، إن «الحوار والتهدئة»، يشكلان مقدمة ضرورية للخروج من الأزمة. إن السير في طريق مخالف، قد يقودنا إلى خلق سابقة دبلوماسية خطيرة، تسمح لدول بمواجهة دولة أخرى تتمتع بالسيادة، وذلك من خلال استخدام وسائل غير مشروعة، لسبب واحد أن لدى هذه الدولة وجهة نظر مخالفة. وختم سعادته مقاله قائلا: ستبقى يد دولة قطر ممدودة إلى الدول الشقيقة، ما دام لم يتم التعرض لسيادتنا واستقلالنا، وذلك من أجل الانتقال نحو حوار صريح وبناء.
مشاركة :