ستار لقمان يشكل من قصائد السياب والنواب لوحات تجريدية يظل الفنان العراقي ستار لقمان محافظا على بداياته الأصيلة، وهو يستلهم موضوعاته ضمن الواقع البغدادي حصريا كالعيد، وبائع الفرارات، والبقالين، والمهن الشعبية الأخرى، فضلا عن التقاليد الاجتماعية المتوارثة، والملابس والأزياء الشعبية المتنوعة، والرمزيات في الحيوانات، وهو ما قدمه في معرضه الشخصي الخامس بغاليري “رؤى 32” في العاصمة الأردنية عمّان، تحت عنوان “همسات الأفق”.العرب عواد علي [نُشر في 2017/08/25، العدد: 10733، ص(17)]قراءة بصرية للنصوص الشعرية عمّان – “همسات الأفق” عنوان معرض الرسام العراقي ستار لقمان، الذي أقيم في غاليري “رؤى 32” بالعاصمة الأردنية عمّان مؤخرا، واحتوى المعرض على 31 لوحة منفذة بأسلوب جديد وألوان الأكريليك على الكانفاس وبأحجام مختلفة، استوحت البيئة العراقية ومفرداتها الإنسانية والثقافية المختلفة، حيث حضرت المحلّة البغدادية والأنهر والأهوار والذكريات التي عبّر عنها بأسلوب تجريدي، إضافة إلى الشعر العراقي، خاصة قصائد بدر شاكر السياب ومظفر النواب، التي يعتمد لقمان في استلهامها الشعور الشخصي “ذاتا متلقية” بما قرأ، وأقبل على المقروء (القصيدة) بذاتية الفنان-الرسام، مستندا إلى النص بمحموله الدلالي. وإلى جانب توظيف حسّه الجمالي في الرسم تفاعل مع حسّ الشاعر، معيدا بناء الدلالة الشعرية في شكل تصويري اكتسب أبعاده من خلال قراءته الخاصة للنصوص الشعرية، فهو لا يتلقى صورة بتشكيل لغوي فيرسمها بما لها من تفاصيل القول ومحدداته، وإنما يتلقى رؤيا نابعة من فكرة، أو مكوِّنة، بما لها من تكوين رؤيوي، لهذه الفكرة، فيستجيب لها استجابة إبداعية تجعل لعمله دلالته الخاصة. وتشكّل لوحات المعرض امتدادا لتجارب جيل المؤسسين في الرسم العراقي (مدرسة بغداد منتصف القرن العشرين)، وتتخلله تفاصيل المدرسة المحتفية بالرموز والمعطيات التاريخية والجغرافية والثقافية، بألوان صاخبة وانفعالية لمفردات معينة، وألوان أخرى هادئة تحمل التنوع الطبيعي في بغداد وحركة الناس وفصول السنة وتفاصيل الحياة. وتتخذ لوحات المعرض منحيين، يمزج الأول بين الحروفيّة والزخرفة الشعبية بـ”تونات” تلوينية متوالية تشكل الكتل والمساحات للموضوع والشكل، ويذهب الثاني إلى التجريد، مختزلا ومكثفا المشهد البصري في التلوينيّة الخالصة التي تميل إلى الغنائية، وبشكل أقرب إلى نوع من الحنين إلى المكان، الذي طرأ عليه الكثير من التحولات بارتدادات جوانيّة للفنان نفسه. وعن تعامله مع اللون يقول الفنان ستار لقمان “أتعامل مع اللون حسب إحساسي، ذلك أن الفنان يرى اللون بطريقة مغايرة وفهم مختلف عن فهم الآخرين لأن نفسيته تخضع لبنية لونية، فتراني أتعامل مع التدرج اللوني بحذر وأحيانا أوصل رسالة خاصة إلى المتلقي من خلاله، الإنسان العراقي مرهف الحس ويتعامل مع جمالية الإبداع بعفوية، لذلك يجب على الفنان أن يفهم نفسية المتلقي كي يخرج برؤيا مفهومة”. ويوضح لقمان أنّ بداية انطلاقته كانت من مدرسة بغداد منتصف القرن العشرين، وأنّ هناك ارتباطا واضحا بين ثقافته الفنية اليوم وثقافته في فترات ماضية، بالرغم من تدرجه بين أكثر من مرحلة في هذا المجال. ورأى الفنان العراقي سعد الطائي، الذي عاصر تجربة الفنان لقمان ودرّسه مطلع الستينات من القرن الماضي، أنّ معرض “همسات الأفق” يدلّ على استمراريته في البحث الفني على صعيد الشكل واللون، إذ يبدو تأثره واضحا بالبيئة. وبالرغم من وجود بعض الأعمال التجريدية، فإنها ما زالت تحتفظ بمعالم تلك البيئة التي هي أشبه بخزين الذاكرة في أعمال جادة وفيها جهد مهم. يذكر أن ستار لقمان من مواليد بغداد 1944، وخريج معهد الفنون الجميلة 1967، وله الكثير من المعارض المحلية والعربية والعالمية، وحاز العديد من الجوائز والشهادات التقديرية، وهو فنان متفرغ، وله لوحات مقتناة في عدد من دول العالم وكذلك لوحة في متحف مدينة لهاريا في المكسيك، كما أنه عضو في جمعية التشكيليين العراقيين وأيضا في نقابة الفنانين العراقيين.
مشاركة :