تشهد الطاقة المتجددة إقبالاً لافتاً خلال السنوات الأخيرة، فقد بلغت قيمة الاستثمارات العالمية في هذا المجال نحو 264 مليار دولار خلال فترة قياسية، وهو ما يعد قفزة هائلة بحسب بعض الخبراء. وكشف تقرير صادر عن شبكة سياسة الطاقة المتجددة (REN 21) أن هذه المبالغ الهائلة استثمرت خلال الفترة القصيرة الممتدة من نهاية العام 2016 وحتى الفترة الحالية من العام 2017، أي خلال مدة لا تزيد على 10 أشهر. ولفت التقرير إلى أن تكلفة الطاقة المتجددة في مختلف القطاعات آخذة بالانخفاض، مبيناً أن الاهتمام بتكنولوجيا الاستفادة من الطاقة الشمسية كان الأكثر شيوعاً خلال العام الماضي. ورغم هذا التوجه الإيجابي العالمي إلا أن التقرير أشار إلى أن التحوّل القائم في استخدامات وإنتاج الطاقة لا يحدث بسرعة كافية لتحقيق أهداف «اتفاق باريس»، مشيراً إلى أن الاستثمارات العالمية الجديدة في الطاقة المتجددة والوقود الحيوي قد بلغت ضعف نظيرتها في الوقود الأحفوري، لكن الاستثمارات في مشروعات الطاقة المتجددة انخفضت بنسبة تبلغ نحو 23 في المئة مقارنة بما كانت عليه خلال العام 2015. وانخفض الاستثمار في الطاقة المتجددة بنسبة 30 في المئة ليصل إلى 116.6 مليار دولار في البلدان النامية والناشئة، في حين انخفضت النسبة في الدول المتقدمة بنحو 14 في المئة لتصل إلى 130 مليار. وأشار التقرير إلى أن الاستثمار في هذا القطاع لا يزال يركز بشدة على الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية، غير أن الأمر يتطلب نشر جميع تكنولوجيات الطاقة المتجددة من أجل إبقاء الاحتباس العالمي وفق المستويات المطلوبة. من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن قطاعات النقل والتدفئة والتبريد لاتزال متأخرة عن قطاع الطاقة، ولايزال نشر التكنولوجيات المتجددة في قطاع التدفئة والتبريد يشكل تحدياً في ضوء الطبيعة الفريدة والموزعة لهذا السوق، كما أنه لا ينظر بجدية إلى عدم «كربنة» قطاع النقل اعتماداً على الطاقة المتجددة. يأتي ذلك رغم التوسع الكبير في مبيعات السيارات الكهربائية، ويرجع ذلك أساساً إلى انخفاض تكلفة تكنولوجيا البطاريات، لكن لايزال هناك الكثير من العمل ينبغي القيام به لضمان وجود بنية تحتية كافية تدعمها كهرباء متجددة. وفي حين أن قطاعي النقل البحري والطيران يمثلان أكبر التحديات، فإن كلاً من السياسات الحكومية والإجراءات التجارية لم تحفزا بشكل كاف لتطوير الحلول المناسبة. ورأى التقرير أن دعم الوقود الأحفوري لا يزال يعرقل التقدم، فعلى الصعيد العالمي ،لا يزال الدعم المقدم للوقود الأحفوري والطاقة النووية يتجاوز بشكل كبير تلك المتعلقة بالتكنولوجيات المتجددة، وذلك رغم التزام أكثر من 50 بلداً بالتخلص التدريجي من دعم الوقود الأحفوري بحلول نهاية 2016. وفي 2014 بلغت نسبة دعم الوقود الأحفوري مقابل دعم الطاقة المتجددة 4 مقابل 1، بمعنى أن كل دولار ينفق على مصادر الطاقة المتجددة يقابله إنفاق 4 دولارات لدعم عمليات الوقود الأحفوري. وأكد التقرير على أن الشيء الوحيد الأكثر أهمية الذي يمكن القيام به للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بسرعة وفعالية من حيث التكلفة، هو إزالة الفحم وتسريع الاستثمارات في كفاءة استخدام الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة، لافتاً إلى أنه عندما أعلنت الصين في يناير أنها ألغت إنشاء أكثر من 100 محطة كهرباء تعمل بالفحم كانت قيد التطوير، فإنها بذلك تقدم مثالاً يحتذى به للحكومات الأخرى. من جانبه، أشار موقع «futurism.com» إلى أن هذا الأرقام الواردة في التقرير المذكور آنفاً تمثل خبراً مهماً، كونها تدعم التوجه نحو استخدام مصادر الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية التي ستساعد البيئة. واعتبر الموقع أن الفوائد المالية المتأتية عن قلة التكاليف التي ستجنيها الدول جراء زيادة استخدام الطاقة المتجددة، لم يكن سبباً كافياً لتحفيز الولايات المتحدة الأميركية، التي بادرت أخيراً إلى الانسحاب من اتفاقية باريس، فضلاً عن إلغائها لخطة الطاقة النظيفة، علاوة على مواصلة دعم استثمارات جديدة في مجال الطاقة الناتجة من الفحم. وأضاف الموقع «رغم ذلك فللطاقة الشمسية عيوبها البيئية الخاصة بها، فبحسب معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات في أوروبا، فإن تصنيع الألواح الشمسية يحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة، وفي الصين نجد أن هذه الطاقة يتم توليدها من خلال حرق الوقود الأحفوري، كما تحتاج هذه العملية كميات كبيرة من الماء، علاوة على أنها تنتج مواد كيميائية سامة، ومن الممكن أن تعرض العمال لخطر معين». وخلص التقرير إلى أن الخبراء يتوقعون ارتفاع حجم الاستثمار في الطاقة المتجددة بنحو 900 مليار دولار سنوياً حتى 2030. ووفقاً للبيانات، فقد بلغت نسبة التطور السنوي في قيمة الاستثمار في الدول الناشئة نحو 19 في المئة، ووصلت خلال العام 2016 إلى نحو 156 مليار دولار، متفوقة في هذا الشأن على الدول النامية، التي تراجع حجم الاستثمار فيها في هذا القطاع بنسبة 8 في المئة، إذر لم يزد على 130 مليار دولار. وفي وقت سابق، أعرب البنك الدولي عن قلقه من استنزاف مختلف دول المنطقة للمياه الجوفية، لافتا إلى وجود معدلات من استخراج المياه في الكويت تفوق معدلات تجددها الطبيعية 20 إلى 30 في المئة «مما يشكل هاجسا تنمويا». وقال أحد مسؤولي الصندوق إن معدلات استهلاك النفط لعمليات التحلية ستؤدي إلى استنفاد معظم الإنتاج النفطي في ظل اعتماد الكويت على النفط في تحلية المياه، مشدداً على وجوب التفكير جدياً للتوجه نحو الطاقة البديلة، والمضي قدماً لاحتضان وتشجيع مشاريع الطاقة المتجددة، ما يعني وفق خبراء أنه ينبغي على الكويت أن تسرّع وتيرة العمل على دخول عصر «الطاقة المتجددة».
مشاركة :