العرش السعودي بين نبوءات الماضي وتحديات المستقبل

  • 8/26/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بين الخلافات الخفية للعائلة المالكة والحروب الخارجية والصراعات الدينية المذهبية في المنطقة، بات مستقبل المملكة العربية السعودية قاتماً في الأفق البعيد. وإلى جانب تلك العوامل التي تدل على أفول زمن الدولة السعودية، هناك نبوءات ونصوص دينية منتشرة بين غالبية المسلمين تغذي حقيقة أن الرهان على بقاء المملكة في المستقبل البعيد لمنطقة الشرق الأوسط قد أضحى ضرباً من الخيال. المملكة التي نشأت في شبه الجزيرة العربية - مهد الحضارات القديمة لعاد وثمود ومدين وصدر الإسلام - قبل قرابة قرن من الزمان دخلت منعطفاً جديدًا منذ بداية العام 2003 إبان الغزو الأميركي للعراق، حيث اتسع النفوذ الإيراني بشكل متزايد وبات يهدد المملكة السنية من جميع الجهات. على الجانب الآخر، تمخض الاحتلال الأميركي للعراق عن ظهور جماعات سنية متشددة - داعش وتنظيم القاعدة - ساعية للتوسع الإقليمي في المنطقة، بما في ذلك شبه الجزيرة العربية. وما بين نار الشيعة المتزايدة حول الجزيرة العربية ولهيب داعش في العراق وسوريا، جاءت الخلافات العائلية الملكية حول وريث العرش السعودي لتزيد اللهب الذي ينخر في جسد المملكة يوماً بعد الآخر. وبين الفينة والأخرى، تطل النبوءات والنصوص الدينية بشأن مصير المملكة المحتمل على السطح لتوافق المخاطر والتحديات التي تنذر بزوال المملكة في المستقبل القريب. ففي حديث ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقلونكم قتلاً لم يقتله قوم -ثم ذكر شيئاً لا أحفظه-، فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي". وفي الحديث دلالة واضحة على حدوث خلاف على حكم الجزيرة العربية بين أمراء ثلاثة في آخر الزمان الذي يتفق العلماء على أنه العصر الحالي. ولم تمضِ الأيام حتى بدت ملامح الخلاف تلوح في الآفاق بعد عزل الأمير محمد بن نايف وتولية الأمير محمد بن سلمان بدلاً منه. ووفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية، يخضع الأمير محمد بن نايف تحت الإقامة الجبرية منذ عزله عن منصبه. إلى جانب ذلك، ترددت أنباء في الصحف الأجنبية عن إجبار الأمير محمد بن نايف على التنازل عن ولاية العهد للأمير محمد بن سلمان. فهل سينتقل العرش بسلاسة إلى الأمير محمد بن سلمان بعد وفاة والده الملك سلمان بن عبد العزيز؟ بالتأكيد هذا الأمر مشكوك في صحته؛ نظراً لاعتراض الكثيرين من العائلة المالكة على تولية الأمير محمد بن سلمان. وإلى جانب الخلافات العائلة على العرش، تواجه المملكة الكثير من التحديات الخارجية، لعل أبرزها تزايد النفوذ الإيراني الشيعي في المنطقة العربية، وخاصة في الدول المجاورة للسعودية. هذا المد الإيراني في العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين قد أحاط المملكة السنية بسياج شيعي يلقى رواجاً لدى قاطني المنطقة الشرقية بالمملكة. وربما قد تكون السعودية قد نجحت في استئصال شوكة الحوثيين في خاصرتها باليمن وفي صد المحاولات الشيعية بالبحرين للانقلاب على الحكم السني، لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة عند مواجهة النفوذ الشيعي في العراق وسوريا. ورغم انحسار خطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على السعودية، فإن المملكة دخلت في صراع جديد مع جارتها قطر، من شأنه أن يضعف الدرع الخليجي الموحد ضد النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة. على صعيد المستوى الاقتصادي، شهدت الميزانية السعودية لعام 2016 عجزاً قدره 87 مليار دولار نتيجة انخفاض أسعار النفط والتكاليف الباهظة التي تكبدتها المملكة في حرب اليمن الأخيرة. هذا الوضع الاقتصادي سيتفاقم في السنوات المقبلة نتيجة الركود العالمي في أسعار النفط ولكثرة التحديات والتهديدات العسكرية التي تواجهها المملكة وما يتبعها من نفقات حربية. وسط هذه التحديات الاقتصادية، هل ستنجح رؤية المملكة الاقتصادية لعام 2030 التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تخفيف اعتماد المملكة على العوائد النفطية والاتجاه نحو الاستثمارات الضخمة وتنويع الاقتصاد السعودي؟ هذا الأمر يشوبه الكثير من الشكوك خاصة في ظل تنامي حركة الركود التجارية العالمية، وصعوبة تغيير نمط الحياة لدى السعوديين والقائم على العائدات النفطية السريعة، إلى جانب التعاليم الدينية المحافظة التي ستقف بالضرورة حائلاً أمام الانفتاح الاقتصادي بالمملكة. هذا الوضع الاقتصادي الواهن في المستقبل سيفقد المملكة تأثيرها الداخلي والخارجي على حد سواء. فطالما عملت المملكة على شراء الولاء الداخلي لمواطنيها عن طريق توفير حياة رغدة تنسي الشعب المطالبة بالحكم الديمقراطي أو حتى المشاركة في السلطة. من ناحية أخرى، كانت السعودية تستثمر عائدات النفط في التأثير على مجريات السياسة الإقليمية كما حدث في العراق وسوريا. ومع انخفاض وفورات النفط، سيهبط التأثير السياسي للسعودية في المنطقة، بما يصب في صالح جارتها اللدود إيران. في ظل هذه التحديات الضخمة، لن يكون طريق الأمير الشاب نحو العرش مفروشاً بالورود، بل يوماً ما قد ستدخل المملكة مرحلة الأفول، لتعقبها خلافة إسلامية راشدة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :