شاعرية النص واللغة في «الرقص على براكين الجسد» - ثقافة

  • 8/27/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

شكلت عملية تحول الرواية الى جنس أدبي، حيزاً مهماً في الوسط الابداع بعد خروجها من طابع الحكاوتيتة ونقلة نوعية، وقد تعددت في طرحها وتنوعت في إغراضها، فظهرت الرواية الرومانسية والتاريخية والواقعية والخيالية الخ. وقد واكبت الرواية المراحل والتيارات الأدبية، بدءا من الحداثة وما بعد الحداثة والدادائية. والرواية الشعرية التي اتخذت طابع الشعر في سردها الفني كانت اشبه بالملاحم التي سطرها شعراء الإغريق مثل سافو وبابريوس وبقليدس وبندار، وقد اشتغل على هذا الطراز الروائي فاضل حسين نايف في روايته التي توجها بعنوان «الرقص على براكين الجسد». ونلحظ اهتمام الكاتب بعنوانه الذي يحاول من خلاله فتح شهية القارئ على اعتبار ان العنوان اول ما تقع عليه الابصار، فيكون سبباً في الدخول الى عالم النص لكشف مدلولاته او ترك المتن. ويثير العنوان اكثر من سؤال حيث ان الروائي، لم يحدد هوية الجسد وأي براكين، تاركاً لنا متعت البحث ووضع ما يناسب خيالاتنا. وتدور احداث الرواية حول هند الشخصية الرئيسية التي تزوجت بشخص اكبر منها بعشرين عاما هو عامر الذي اصبح رجلا كبيرا لا يهتم بالدنياـ بينما هند انسانة ناضجة تحتاج لمن يفهم عواطفها وأحاسيسها، لذا تصنع في عالمها الافتراضي فارس أحلامها الذي تلتقي معه ويتبادلان النظرات. ويعبر الكاتب عن مشاعر بطلته ليضعها في خانة العاطفيين كما يعرفنا انها موظفة صاحبة شخصية وحالمة. اما عامر فلا دور له في الحياة... انه لقاء الربيع بالخريف وموضوع زواج بفارق العمر. وتتسارع احداث العمل فيموت عامر وتلتقي هند صدفة برجل أشبه بفارس احلامها، فترتبط به وتترك عملها لتعلن ولدتها من الجديد. يقول الروائي في احد فصول روايته: ضاقت سبل الحياة في عينيها. صارت الالوان رمادية وسكنت في ثناياها الهموم. غابت كواكب امالها، استنزلت غيوم الناس قطرا وشهدا واستنزلت غيومها قطرانا وهمّا، برقت عيناها جحيما فتساقطت شهب وحجارة من سجيل فمحقت ماتبقى من افراحها... شعور كئيب تلبسها حتى فاض وصارت أيامها مظلمة. وقلبها مكبل بالتوجس، كانت وردة برية شمخت بجمالها وتاقت لعناق الحياة وبهجتها. لكن داهم اعصار جنان توقها واسقط عليها مطرا حامضيا فاذاب جمال روحها قبل ان يذيب جمال مظهرها. دخلت دارها متابطة جبال همومها وراحت تنفث حمم غضبها زفرات وتافف، خنقها الحر والاجهاد وان كان الفرق واضحا بين حرارة الجو داخل الدار وخارجها. نزعت عباءتها بعصبية وتوتر.بدت مهرة برية جاست اقدامها ارضا غير التي اعتادت دخولها مشهد درامي يصف به نايف دخول هند الى غرفتها لكن اعتمد على التحدث عن مشاعرها برع الروائي في تشكيل الحدث ووضع للشخصية إبعادها الفنية والواقعية مع حركات تفاعلها من دون ان يترك اي حيز لم يشغله والواضح اعتماده على البنية، ليكون ادراك حسي مع الصورة وتدقيق بشرح التفاصيل كي تكون متكاملة اشبه بسلسل وهذا ما يجعلنا ننشد للعمل ونتفاعل معه يقول في فصل ثاني ارخى الليل سدوله وامست السماء مزدانة بالنجوم التي بدت رائعة بحسنها وتفتق القها. القمر تلاشى وراء الافق والنسيم راح يذبل الاجفان حتى اولم تزل هند مستيقظة ولا ادري ان كانت تحترق بنار كابتها ام بسبب وحدتها... اغرورقت عيناها بالدموع فراحت تمسح الطل فوق الورد بالعنم، بعد ان شعرت انها تعيش حياة مجدبة في ارض قفر، حياة صارت ايلة للذبول والزوال غير انها تحاملت على خيبتها ووحدتها وقالت. انا لا ازال امتطي صهوة الجمال والفتنة وشاعرية الاحساس. والمرأة ذات الاربعين ربيعا تغدو متألقة بعواطفها ورغائبها واكتمال جاذبيتها...انني لا ازال متمتعة بسحري وجاذبيتي. ماذا تريد المرأة من الحياة...الجمال...المال... السطوة...الحظوة؟ لكن ما قيمة كل هذه التوافه والامور ان كانت قد غادرت موانئ المرأة سفن الرغبة واستعار النار في الصدر، ان جسدها يستصرخها ويستحثها بكل قوة ان تلبي هذه الصرخات والنداءات. غير انها جفلت من تصوراتها وقالت. ان سدرت وراء عاطفتي الجامحة المشوبة وت كت عقلي ورشدي فانني ساخسر كل شيء. هناك تعددية... في هذا الجزء اشبه بنص شعري غلب عليه طابع السرد تُحليه الدلالة حسب تصورات الكاتب وبناء منتجه ومزجه بين واقع إنسانة في مرحلة الاربعين وعاشقة في مجتمع شرقي محافظ... إنه صراع ينهيه بقبولها بالواقع والتضحية من اجل ألا تخسر كل شيء!

مشاركة :