كبش العيد لعبة الصغار ومورد رزق الكبار في المغرب بقلم: فيصل عبدالحسن

  • 8/31/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

عمليات الاقتراض من البنوك لشراء الكبش هو من العادات الخاطئة التي تثقل كاهل الأسرة بالديون وتفرض عليها أن تتخلى عن حاجات ضرورية لأفرادها كالملابس والطعام الجيد والعلاج”. نعمان العمري موظف (45 سنة) تحدث عن تجواله المستمر في أسواق الماشية قبل عيد الأضحى بعدة أيام، فهو يحرص، بحسب ما يذكر، “على شراء الكبش قبل العيد بيوم واحد فقط، ويفضل أن يكون وقت الشراء عصرا ليقلل الخسائر إلى أدنى حد”. يحدثنا العمري عن هذه الخسائر فيقول “نعيش أنا وأمل زوجتي وابنتي سميرة في شقة صغيرة فيها غرفتان فقط. وفي الحقيقة لا يوجد مكان إضافي لإيواء الكبش، لذلك أحاول أن اشتريه قبل العيد بليلة واحدة لأودعه عند صاحب زريبة يستخدمها لإيواء المواشي قبل عيد الأضحى بعدة أيام، وعلي بالطبع أن أدفع له مالا عن كل ليلة يقضيها الكبش عنده”. ويضيف “لا أعرف كيف يتمكن سكان العمارات من إيواء أكباشهم لعدة أيام في شققهم قبل عيد الأضحى، ولا أعرف ماذا سيفعلون لإزالة رائحة صوف الكبش ومخلفاته.. ستكون شققهم جحيما عليهم”. مهن العيد تنشط مهن موسمية عديدة خلال أيام العيد وتنتهي مع نهاية هذه المناسبة، فيظهر الشنافة، وهم الوسطاء الذين يشترون الخرفان من الفلاحين لإعادة بيعها للزبائن بأسعار أعلى. فيما يستغل الشباب فرصة العيد لجمع بعض المال من خلال المهن الموسمية مثل بيع الشاي في أسواق الغنم، ومنهم من يبيع الفحم لشي اللحم، ومنهم من يشتغل في نقل الأضاحي من السوق إلى المنازل في عربات صغيرة وعلى الدرجات النارية.اشحذ سكاكينك بدراهم أقل وخلال أسبوع العيد يتاجر البعض في العلف، إذ ينتشر التبن في الأحياء الشعبية وتنشط حرفة شحذ السكاكين أيضا. عبداللطيف حدو (20سنة)، يعمل جزارا وصاحب آلة متنقلة لشحذ السكاكين، يقول “يتمثل عملي خلال أيام العيد بالتنقل من منطقة إلى أخرى لكسب رزقي من شحذ السكاكين والفؤوس لتهيئتها لسيدات المنازل لتؤدي غرضها في تقطيع الأضحية وجعلها جاهزة للطبخ أو للشي”. ويضيف حدو “أما في العصر فأتجول بسوق الماشية، وبما أنني صاحب خبرة ومعرفة بنوعية المواشي وأسعارها، فذلك يجعلني أقدم المساعدة لمن يمتلك خبرة قليلة في اختيار أضحيته. وعندما تتم الصفقة ويشتري صاحب الأضحية كبشه يتفضل علي البائع بإكرامية مالية وكذلك المشتري. عيد الأضحى فرصة لجمع بعض المال لأساعد به والدي المقعد ووالدتي وإخوتي. كما أنه فرصة لنأكل أكبر كمية من اللحم، لكثرة المعارف والجيران الذين يعرفوننا، وهم في كل عيد يمنحونا الكثير من اللحم”. ويقول حدو “في كل عيد يطلب مني بعض الناس الذين لا يجيدون ذبح المواشي أن أحضر صباح يوم العيد لأذبح لهم أضحياتهم، وأقوم بعد ذلك بتقطيعها لتصبح لحما جاهزا للمطبخ بمقابل مادي، فأنا جزار ماهر وقد تعلمت مهنة الجزارة عن صديق لوالدي، لكنني لم أطق العمل في محل ثابت كجزار”. وذكر عبداللطيف أنهم في عيد الأضحى الماضي أخذوا بدورهم يوزعون كمية زائدة من اللحم على حاجتهم حصلوا عليها من عائلات تعرف أنَّهم لم يشتروا كبش العيد لشدة فقرهم، فما كان من هذه العائلة الفقيرة إلا أن جادت بدورها على الفقراء بما جاد به عليهم الأغنياء. يوسف صديق (15 سنة) طالب ثانوية، قال عن عمله في عيد الأضحى “ظهر يوم عيد الأضحى نقوم أنا وأخي إلياس بحرق رؤوس الأكباش بعيدا عن الحي، بعد أن نحفر حفرة في الأرض ونضع فيها الأخشاب ونضع فوقها مشبكا معدنيا ثم نشعل النار”. وأضاف صديق “تبعث لنا العائلات في الحي الذي نسكنه رؤوس المواشي لحرقها وإزالة صوفها وجعلها جاهزة للطبخ من قبل ربات البيوت. هذه المهمّة الموكولة لنا نؤديها بأجرة رمزية قدرها 25 درهما عن كل رأس كبش. وفي كل عيد نقوم بتهيئة ما بين 50 و70 رأس كبش وتنظيفه، وهي فرصة لجمع مبلغ من المال ننفقه في مدن الألعاب أو نؤجر زورقا للنزهة في نهر أبورقراق مساء يوم العيد مع أصحابنا لنفرح بعيد الأضحى كغيرنا من الشباب”. وبعد يوم العيد تنشط حركة بيع الجلود التي يكسب أصحابها مالا كثيرا بعد أن أصبحت العائلات تتخلص منها، فيجمعها هؤلاء من الأزقة والحواري دون مقابل لإعادة بيعها للمدابغ. ويظل العيد مناسبة تسعد الأطفال فيما يستغلها الكبار للتسامح والتعاون في ما بين الأهل والجيران، والعيد أيضا مناسبة لتجدد العلاقات الاجتماعية وإحيائها.

مشاركة :