الفيديوهات التي تبثها جوالات الحجاج من كل حدب وصوب، ابتداء من موانئ الوصول جوا وبحرا، وداخل المشاعر المقدسة، ويسجلون فيها انطباعاتهم عن الخدمات التي تقدمها المملكة- حكومة وشعبا- لضيوف الرحمن، لو اجتمعت كل وزارات إعلام الدنيا على أن تنجز مثلها صدقا، وعدلا، وإنصافا، لما حققت ربع رواجها ومصداقيتها، ووصولها إلى الملايين؛ ذلك لأنها الشهادات التي ترويها القلوب المنصفة دون حسيب ولا رقيب، لأن من يفتح عدسة كاميرا أو فيديو جواله ليلتقط صورة أو مقطعا لعسكري سعودي يقف في استقبال الحجيج مشهرا ابتسامته ترحيبا واحتضانا عوضا عن أن يُشهر سلاحه، أو ليحمل مسنا على ظهره، أو يخفف بالماء البارد عنه وقدة الشمس، ويعلق على ما يشاهده بأنه أخلاق السعوديين، وثقافة أبناء المشاعر عبر شهادات ترفع رأس كل سعودي، وكل عربي، وكل مسلم، إنما يفعل ذلك بوحي من ضميره، وحتما هو لا يفعل ذلك انتظارا لمكافأة، ولا خوفا من سلطة، وإنما إنصافا للحق، أو إعجابا به. ومنصة اليوتيوب تحمل مئات الآلاف من هذه المشاهد والشهادات التي سجلتها جوالات الحجاج من كل بقاع الأرض، والتي تؤكد أن خدمة الحرمين الشريفين التي يتلقبُ بها شرفا قائد الوطن وملك البلاد، هي ليست وظيفة، ولا مهمة عسكري في قطاعات الدولة العسكرية، أو التزام وزارة أو مؤسسة، وإنما هي رسالة كل سعودي، وكل سعودية، ليس فقط من هو في المشاعر وحسب، وإنما كل مواطن على أرض المملكة يستشعر أنه أحد الذين شرفهم الله بخدمة ضيوفه. ولتأكيد هذه الرؤية التي تنزرع في وجدان كافة السعوديين؛ لا بد من أن نسوق حادثة وقعت قبل أعوام، حينما تعطلت سيارة بعض الحجاج القادمين من العراق في إحدى المدن الشمالية، ليصادفهم أحد المواطنين، ويضع سيارته تحت تصرفهم بعد أن استصدر توكيلا لأحدهم بقيادتها، فيما تكفل هو بإصلاح سيارتهم، ليتموا مناسكهم دون تعطيل، ثم يعودون ليجدوا سيارتهم وقد تم إصلاحها. السعوديون يتعبدون الله في خدمة ضيوفه، والناس شهود الله في أرضه على هذه الحقيقة الناصعة، التي تبثها على مدار الساعة جوالات الحجاج كشهادات ضمير، ويفخر بها أبناء هذه الأرض، ابتداء من خادم الحرمين الشريفين، وحتى أصغر مواطن.
مشاركة :