انتصار القيم على النفس (الأجنبي مثال) - د.مطلق سعود المطيري

  • 8/19/2013
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لكل شعب قيمة الخاصة التي تميزة عن جيرانه، فما يكون مقبولاً لديه قد يكون خبيثاً وحقيراً عند جاره، فلا يمكن لشعب أن يعيش دون أن يحدد لنفسه قيماً إن أراد أن يرسم لطموحاته طريقاً للنجاح، فتاريخ قيم الإنسان هو تاريخ انتصاراته على نفسه. النجاح او الانتصار على الذات هو ان لا تنظر الى قيم جارك بمعنى ألّا تكون مثل السياح عند الجار، فما هو نبيل في ذاك المكان السياحي قد يكون حقيراً لدينا، فالسياح السعوديون لا يفهمون جيرانهم وأرض سياحتهم بل هم دائماً في حالة اندهاش من خبثهم وجنونهم. قيمنا التي صنعت انتصارنا على أنفسنا غادرناها وسكنها الأجانب في بلدنا، مثل المحافظة على الصلاة والتعاون، وصدق النصيحة.. فقد بنى الأجنبي مجده وماله عندما انتصر على نفسه بقيمنا، فقد اتبع صحيفة القانون الخاصة بقيمنا، واعتمد عليها وسماها صحيفة انتصاراته على نفسه التي عبرت عن حالة إرادة القوة لديه. نحن نسينا أن الشيء الذي تنقدنا عليه بلدان سياحتنا- مثل حجاب المرأة وإغلاق الأسواق وقت الصلاة- انها حالة التألق والانتصار في قيمنا التي يحسدنا عليها الجيران، فهذا الحسد هو معيار تميزنا على كل شيء ومعناه. فتنازلنا عنها تنازل عن سر تألقنا .. الاجنبي عرف ارضنا وعرف جيراننا، وجعل من هذه المعرفة سلما ارتقى به إلى آماله.. مثل ما عرف نفسنا الحسودة وتفوق عليها.. فحسدنا لبعضنا هو كل بلائنا وتراجع قيمنا التي ميزتنا عن غيرنا، فحسدنا لبعضنا جعل الاجانب عندنا دائما في الطليعة.. بالعمل والدراسة والمنافسة نقبل بالمواطن المسكين المتراجع ولا نقبل بالمواطن الطموح والمنتج.. وبهذا اصبحنا نجيد صناعة الخيبات ووضعها في طريق المتفوقين على قيم الجيران وحسدنا.. الأجنبي عرف ان المظهر الخارجي للإنسان في مجتمعنا هو بالضرورة الكاذبة يعبر عن حشاشة الروح، فأطلق لحيته وأنبت المسواك في فمه وبهذا أصبح الصادق الأمين الذي تودع في صدره جميع الأسرار والخفايا، فانتصر بها علينا وجعلنا نشحذ من صدره أسباب معيشتنا وحياتنا الكريمة، وعرف إن مناطقنا تتباعد بحسدها وأصبح ابناً باراً لكل المناطق وترك العقوق لنا.. الألقاب تعمل فعل السحر في ثقافتنا فوضع الأجنبي شروطا لتبجيل المال واصحابه وفتح ناديا لمشيخة المال هو من يحدد مراتب شيوخ المال فيه.. فشيخ المال لا يكون شيخا إذا لم يعطر بشته من الأجنبي أو يصبغ لحيته وأشنابه من سواد الضمير الوافد.. أما الوجود السعودي في نادي مشيخة المال يعبر عن مصدر المال الحقيقي وهذا ضد تبجيل المشيخة ويضيع تاريخ الشيوخ العظماء، فالسعودي يذكِر بمرض الحصبة والجدري وماء القلبان، أما الأجنبي فهو فأل السعد على الشيخ وهو المال والرخاء والجاه والفياجرا الطبيعية .. ضاعت القيم وضاع الاحترام وقلنا هذا من هذا، واستمر النكوص والغباء وبررنا ذلك بأننا أمة تؤمن بحسد العيون وتنكر حسد الضمائر، إلى أن أصبح وجود الأجنبي بيننا ضرورة لاستعادة وفاء ضمائرنا، فهل يقبلنا هذا العزيز جيراناً له في بلدنا ؟ أشك في ذلك.

مشاركة :