حي على التغريد - د. مطلق سعود المطيري

  • 5/2/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

ما أن تقول إن التيار الإرهابي مسيطر على شبكات التواصل الاجتماعي إلا وسارت خلف هذه المقولة قناعات كثيرة تؤكد عليها، وكأن المطلوب لمعرفة الجريمة الإرهابية هو كيف يكون للجريمة خطاب إعلامي يزبد ويرعد ويتوعد، اختصار مفيد في التعبير عن الجريمة وضعيف في معالجتها، الإرهاب فعل سياسي خطير له أهداف سياسية تبدأ ببناء الجماعة السياسية وشعارها وتنتهي عند السيطرة على الحكم، الدولة الإسلامية « داعش» نموذج للفعل السياسي وأهدافه وحكمه وأرضه.. الإعلام لا يؤثر لأنه إعلام، بل تأثيره أو اللغة السحرية التي يستخدمها تكمن بالفعل الذي تعبر عنه اللغة الإعلامية، فالإرهاب مشروع سياسي يقوم على أفكار تفجر وتغتصب وتحتل وتحكم، وجميع المنضوين تحت لوائه هم مواطنون لذلك المشروع وليسوا فئة منحرفة كانحراف مروجي المخدرات، ومواطنو ذلك المشروع هم أعداؤنا ولو جمعَنا معهم انتماء اجتماعي أو جغرافي، فالتقليل من أهمية دولتهم «الفكرة» وقصرها على تغريدات في تويتر شيء يخدم دولة الإرهاب ولا يقضي عليها، فتهكير المواقع عمل تقني متاح ونشر التغريدات القبيحة، فعلاً يثبت قوة الإرهاب على المقاومة ويسلي شرهم بحرب هم من أعد الظروف لتفجيرها.. فإن ملك مواطنو دولة الفكرة الإرهابية لغة إعلامية خدمتهم بالظهور، فليكن لنا فعل مضاد لتلك اللغة، وأفضل وسيلة للتعامل الإعلامي مع إعلام الإرهاب هو إخفاء حضورهم الإعلامي وتجريدهم من المساحات الافتراضية التي استوطنوا فيها ، فالإعلان عن قوتهم بوسائل الإعلام الاجتماعي إعلاناً يسجل لهم انتصاراً لا يستحقونه أم لم يحققوه لولا إشارتنا لذلك، فدولة تسكن في تغريدة حذفها أفضل وسيلة لإنهائها. والأمر المطلوب هو التركيز على الفعل السياسي للإرهاب وليس النجاح الإعلامي للإرهاب، ففي السياسة نكتشف خطورة دولة الإرهاب وتفسر علاقاتها المشبوهة مع أعدائنا، فالدولة الإرهاب يوجد لديها مجموعة من التحالفات الإقليمية والدولية، تتبادل معها المعلومات والمصالح، ورأس هذه المصالح أن يكون لديهم في المملكة أرضية سياسية تجذب مرتزقة العالم لها، فهم يعرفون أن السياسة بطبيعتها عمل معقد ولكنه أنيق في حضوره، وواعد في أحلامه ومخفي بأهدافه، فالتسهيلات التي يحصل عليها الإرهاب في مناطق الحروب في سورية أو العراق هي مقابل ثمن، والثمن هنا ثمن سياسي دفعه بشار وإيران، مقابل أن تكون دولة الإرهاب هي دولة أهل السنة، ولا يتم ذلك إلا بوجود أرضية لها في المملكة، فحربنا مع الإرهاب حرب لمشروع بناء دولة إرهابية وليس صراعاً مع فكر منحرف نحاوره بالإعلام والنصيحة، وزارة الداخلية تعاملت مع الإرهابيين الذين تم القبض عليهم بلغة محترمة جداً احتراماً لأسرهم، فقد حرصت ألا تكون لغة الاتهام لغة جارحة لمشاعر من ربّى وحضن ورجا خيراً من ابنه، إلا أن الأمر تجاوز مشاعر الأسر إلى استقرار بلد وثباته، فالمطاردة أو الحرب ليس بين أبناء منحرفين ودولة ولكن بين مجتمع اسمه مجتمع سعودي ودولة قائمة على أفكار إرهابية، فلننظر أين نوجه مشاعرنا أو أين نضعها؟ لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net

مشاركة :