تابعنا قبل أعوام مضت وما زلنا نتابع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، وقد زخرت الحضارة الإسلامية على مدار العصور بالإنجازات والمساهمات التي اتخذها الغرب كأساس في صناعة العلم الحديث ،بعد أن تركناها ولم نولها الاهتمام الكافي، إلا في مجالات ضيقة، كالتفسير وعلوم القرآن وعلم الفقه وعلم النحو البلاغة وعلم المفردات والمعاجم وعلوم الأدب. ابن خلدون، مؤسس علم الاجتماع٬ الفارابي وابن سينا والكندي وغيرهم (الفلسفة)٬ وفي السياسة وأصول الحكم، ابن باجة وابن الخطيب وعلوم آخرى كالجغرافيا٬ التاريخ٬ الطب٬ الصيدلة٬ الرياضيات٬ الفلك٬ الهندسة٬ الكيمياء٬ الفيزياء ،البصريات والزراعة كان لعلماء الأمة اليد الطولى في ترسيخ أسسها. في تلك العصور٬ لم يكن هناك أيباد٬ تابلت٬ فلاش ميموري٬ وفصول ذكية وغيرها... كانوا يعتمدون على البحث والتجربة والاطلاع، وعملية القياس والتقويم كان لها أطر متبعة، ولم تكن لديهم الإمكانيات التي وفرتها التكنولوجيا في عصرنا الحالي، وزد عليها أن المعلم كان له وقار وهيبة. في تقرير نشر في جريدة «القبس» عدد 31 أغسطس 2017 تحت عنوان «الليبرالية الجديدة تحكم العالم!» عبر البنك الدولي وصندوق النقد ومنظمة التجارة ومعاهدة ماستريخت... عرض وصف للحال التي نعيشها من ترسيخ البيروقراطية، وهي تعتمد على أيديولوجيات معينة وفق سياسات محددة لفرض السيطرة الشمولية، وكيف إن الضرائب لا تطول الأثرياء والتنافسية وسبلها وإضعاف الفقراء ومتوسطي الدخل وتدهور مستوى التعليم وغيرها من الأمور. ونحن نعتمد على البنك الدولي وصندوق النقد ومنظمة التجارة، وأعتقد بأن هذا التقرير عرض أسباب تخلفنا بعد الحرب العالمية الثانية... اقرأ فالتاريخ لا يكذب، والشواهد في الأزمات المتعاقبة مؤشر على تيه الفكر وعلوم الاجتماع لدينا. وفي عودة للعصور الماضية٬ وكيف أن الحضارة الإسلامية قد أسست لما نتابعه من اكتشافات علمية رغم أنها بين أيدينا، إلا اننا تركناها وحرصنا على البحث عن مخرج مناسب لتطوير التعليم الذي يعد الأساس في نهوض المجتمعات، وكان آخرها ابتداع منهج «كفايات»... يا رب سترك! تريدون الارتقاء بالتعليم بعد أن أصبحت مراكزنا التعليمية في ذيل القائمة عبر استغلال التكنولوجيا الحديثة ومنهج «كفايات»... كيف: أستحلفكم بالله، كيف؟ في التجربة الفنلندية، وجدنا التركيز عليها في بداية السبعينيات، حيث اعتمدت على القدرة على القراءة والكتابة في السابعة من عمر الطالب، ولم تستغل أياً من الوسائل التكنولوجية في التعليم، وإن المعلم يخضع لاختبارات صعبة، ومن بين كل عشرة متقدمين يتم اختيار واحد فقط، وكل معلم حاصل على درجة الماجستير ويتم التركيز على قدرات الطلبة الإبداعية... وفنلندا الآن على رأس قائمة أفضل مستوى تعليمي على العالم، هي وسنغافورة. نحن هنا في الكويت٬ يصل الطلبة إلى المرحلة المتوسطة وبعضهم ينهي المرحلة الثانوية وهو عاجز عن كتابة جملة مفيدة. أذكر أنني عندما درست في إحدى الجامعات كنت أحتاج إلى «مترجم» لفك «شفرة» الخط الصعب قراءته ولجأت إلى الاختبارات من نموذج «صح أو خطأ» أو اختيار العبارة المناسبة، ورغم هذا وذاك كانت مهنة التدريس شاقة في الجامعات، لأن التأسيس لم يكن مبنياً على إستراتيجيات صحيحة ،والغالبية لجأت إلى وسائل غش لم تخطر ببال أحد، ناهيك عن البحث عن وساطة لتغيير النتائج! تريدون الارتقاء بالتعليم٬ عندكم التجربة السنغافورية والفنلندية ويجب التركيز على مستوى المعلم وهيبته وتطوير مستواه وأن نبدأ بـ «اقرأ» التي كانت رسالة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - معتمدة عليها، حيث لم تكن في ذلك الوقت لا تكنولوجيا ولا بنك دولي، بل علوم متوارثة واهتمام بالعنصر البشري، وكانت الكفاءات تجد من يقدرها ويمنحها مهمة البناء والحديث يطول في هذا الجانب... الله المستعان. terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi
مشاركة :