نزوح الروهينغا ينذر بكارثة إنسانية على حدود بنغلاديشيشتد وقع الأزمة الإنسانية في ميانمار مع تصاعد وتيرة أعمال العنف والاقتتال العرقي بين قوات الجيش و”جيش تحرير الروهينغا باركان” وهو ما أدى إلى اتساع نطاق الهجمات التي يتعرض لها المدنيون في القرى والبلدات ذات الأغلبية المسلمة في ولاية راخين المتاخمة للحدود مع بنغلاديش.العرب [نُشر في 2017/09/06، العدد: 10743، ص(5)]تكدس النازحين على الحدود ينذر بأزمة إنسانية جديدة دكا- يشهد الوضع الإنساني تدهورا سريعا نتيجة تفاقم نطاق عمليات القتل والتهجير التي يتعرض لها المسلمون الروهينغا من طرف الميليشيات البوذية وكذلك قوات الجيش النظامي الذي يقول إنه ينفذ عمليات بملاحقة ومحاصرة للمسلحين، وهو ما أدى إلى تضخم موجات النزوح خلال الأيام الأخيرة نتيجة فرار المدنيين من منطق الصراع. ونقلت مصادر إعلامية على الحدود البنغالية أن ما يقرب 125 ألف من اللاجئين معظمهم من الروهينغا تمكنوا من العبور إلى بنغلاديش منذ تجدد موجة العنف العرقي في ميانمار في 25 أغسطس الماضي، بينما تتزايد المخاوف من حدوث أزمة إنسانية في المخيمات المكتظة. وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء أن ما يزيد عن 123 ألفا و600 شخص معظمهم من الروهينغا المسلمين هربوا من أعمال العنف في ميانمار ليلجأوا إلى بنغلاديش. وبلغ عدد اللاجئين هذه الذروة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة مع عبور 37 ألف لاجئ الحدود في يوم واحد.اتساع نطاق أعمال العنف التي تتعرض لها أقلية الروهينغا زاد من حجم الانتقادات الدولية الموجهة إلى حكومة ميانمار وعزز وصول هذه الأعداد الضخمة من اللاجئين المخاوف من كارثة إنسانية جديدة بينما تبذل منظمات الإغاثة جهودا شاقة للتكيف مع تدفق اللاجئين إلى المخيمات المكتظة أصلا في بنغلاديش، والتي يعيش فيها 400 ألف من اللاجئين الروهينغا الذين وصلوها خلال موجات عنف سابقة على مدى سنوات. وقال نور خان ليتون الناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان في بنغلاديش “وصول اللاجئين بأعداد كبيرة يخلق أزمة إنسانية هنا”. وأضاف ليتون أن “الناس يعيشون في المخيمات وعلى الطرق وفي باحات المدارس وحتى في العراء. إنهم يبحثون عن أماكن يلجأون إليها وسط نقص في المياه والغذاء”. وتحدثت شهادات من النازحين من مناطق الصراع داخل إقليم راخين لا يمكن التحقق منها عن عمليات قتل جماعية وإحراق قرى من قبل الجيش وبوذيين ومقاتلين من الروهينغا. والى جانب الروهينغا، فر 11 ألفا من سكان راخين البوذيين والهندوس أمام هجمات المقاتلين إلى مخيمات داخل بورما، كما قالت الحكومة مؤخرا. ونقلت مصادر عسكرية رسمية في ميانمار أن حوالي 400 شخص قتلوا في المعارك التي تلت هجمات المقاتلين الروهينغا بينهم 370 منهم. وأفاد مسؤولون بنغال مشرفون على المناطق الحدودية مع ميانمار أن النازحين يواجهون أيضا خطر الألغام الأرضية على الحدود بين البلدين. وجرح ثلاثة أشخاص بينهم طفلان خلال اليومين الماضيين في انفجار ألغام في داخل حدود إقليم راخين وفق منظمات الإغاثة وحرس الحدود. وقال قائد حرس الحدود منذر الحسن خان لوكالة فرانس برس إن طفلين من الروهينغا جُرحا في انفجار لغم على ما يبدو بينما كان يحاولان الهرب. وأوضح أنهما “سارا على جسم متفجر وفقد أحدهما ساقه”. وتعرضت امرأة من الروهينغا إلى بتر ساقها نتيجة انفجار لغم ثان في المنطقة الاثنين الماضي، ما يثير مخاوف من أن تكون منطقة الحدود قد تم تلغيمها عمدا. وقال خان إن أعددا كبيرة من الروهينغا تدخل إلى أراضي بنغلاديش وهم مصابون بالرصاص، لكن من المستحيل معرفة مصدر إطلاق النار إذ أن قيودا صارمة مفروضة على دخول وسائل الإعلام إلى ولاية راخين.شهادات تحدثت من النازحين من مناطق الصراع داخل إقليم راخين لا يمكن التحقق منها عن عمليات قتل جماعية وإحراق قرى من قبل الجيش وبوذيين ومقاتلين من الروهينغا ومع اتساع نطاق أعمال العنف تصاعدت الانتقادات الدولية التي استنكرت عدم تدخل الأمم المتحدة بشكل فاعل لإيقاف الانتهاكات التي تتعرض لها أقلية الروهينغا. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد دان، أحداث العنف التي تشهدها المنطقة معرباً عن “القلق الشديد إزاء تقارير مقتل مدنيين أثناء العمليات الأمنية” ودون اتخاذ أي اجرءات للضغط على حكومة ميانمار لوقف “الهجمات والجرائم الجماعية”، بحسب الهيئات الدولية والحقوقية. وتشتبه الأمم المتحدة في أن جيش ميانمار ارتكب انتهاكات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية خلال الهجمات التي شنها لملاحقة مسلحين من تنظيم جيش تحرير الروهينغا. من جهته، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يتابع عن كثب ما يحدث في إقليم راخين، وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية ماجا كوسيجانسيك “نتابع الوضع عن كثب، عيوننا ليست مغلقة تجاه ما يحدث في أراكان”. وطالبت بريطانيا على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بشأن أعمال العنف التي تشهدها ميانمار. وتتعرض زعيمة بورما ورئيسة الوزراء أون سان سو تشي، التي سبق وأن عاشت معاناة السجن والإقامة الجبرية في عهد المجلس العسكري الذي كان يحكم ميانمار سابقا، إلى انتقادات متزايدة من عدة دول إسلامية بسبب امتناعها عن إدانة طريقة التعامل مع الروهينغا أو انتقاد الجيش. ولم تدل سان سو تشي التي منحت جائزة نوبل للسلام في 1991، بأي تصريح منذ اندلاع المواجهات الأخيرة قبل عشرة أيام. وهو ما اعتبر في الأوساط الدولية والحقوقية بمثابة تواطؤ ضمني من المدافعة السابقة عن الحقوق والحريات مع الجرائم التي يرتكبها الجيش في إطار عمليات تطهير عرقي تقول منظمات المجتمع الدولي إنها تستهدف أقلية الروهينغا المسلمين. ويقول المدافعون عن سان سو تشي إن قدرتها محدودة في السيطرة على المؤسسة العسكرية التي لا تخضع عمليا إلى أي رقابة مدنية، بحسب الدستور الذي وضعه المجلس العسكري. وتعتبر ميانمار الروهينغا مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش وترفض منحهم الجنسية رغم استقرارهم في هذا البلد منذ أجيال، ما يجعل التضامن معهم عملية لا تلقى أي شعبية في الداخل.
مشاركة :