الشرف غالي.. يا "بووي"! بقلم: محمد هجرس

  • 9/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

رأيك في إخوانك الذين تفرَّغوا فقط، للاجتماعات والصور التذكارية، نسوا فلسطين، وتركوا العراق يسقط، وفرّطوا في ليبيا، وسوريا، ويتفرجون على ما يحدث في ساحاتنا العربية، ويتصارعون على الفراغ الموحش.العرب محمد هجرس [نُشر في 2017/09/06، العدد: 10743، ص(24)] يُحكى أن الشيطان حاورَ ذات مرّةٍ مواطناً عربياً “صالحاَ” محاولاً اكتشاف الأمور التي من الممكن أن تجعل هذا المواطن العربي “الصالح” يثور، أو يعترض، أو يستنكر، أو يندِّد، أو حتى يتمثل صوت الأمين العام للأمم المتحدة الذي يكتفي بالإعراب عن قلقه. بادره الشيطان بالتذكير، بأن حوادث السير وكوارث الإهمال رفعت أعداد المآسي في بلده.. فهزّ العربي رأسه غير مبالٍ وأردف: وماذا تريدني أن أفعل؟ نحن الشعب مجرَّد أرقام في سجل الحكومة، ما إن يتساقط رقم حتى يخرج المتحدث الرسمي متوعداً بمحاسبة المسؤول، مع التفضل بصرف تعويض مناسب للضحايا! فعاود الشيطان: لقد ارتفعت رواتب العاملين بالدولة، وصاحب العمل عندك لم يزدك شيئاً وأنت صامت. فقال العربي: الحمدُ لله الذي لا يُحمَد على مكروهٍ سواه.. “الدُّنيا أرزاق”، والمثل يقول “اجري جري الوحوش.. غير رزقك لن تحوش!”. فاستفزَّه الشيطان: لقد ارتفعت الضرائب والجمارك والقيمة المضافة والدولار والكهرباء والبنزين والتهبت الأسعار، والتجار يمصُّون دمَّك ولا تتحرَّك؟ هنا مصْمص المواطن العربي شفتيه وعَقَّب: وماذا بيدي؟ هذه حكومة، وهؤلاء تجارها ورجال أعمالها.. نحن “غلابة” ولا نستطيع التدخل بينهم.. “ويا داخل بين البصلة وقشرتها.. ما ينوبك غير ريحتها!”. ردَّ الشيطان بهدوء: أفهم من ذلك أنك كمواطن عربي رفعت يدك عن أي قضية ولو كانت تمّسّ حياتك؟ فأجاب العربي بغير اكتراث: يا رجل.. ومنذ متى لم نرفع أيدينا؟ كانت مرَّة واحدة منذ 500 سنة، فلا توجع قلبي بوَسْوَساتك الضالة! فذكَّرَه الشيطانُ: وما رأيك في إخوانك الذين تفرَّغوا فقط، للاجتماعات والصور التذكارية، نسوا فلسطين، وتركوا العراق يسقط، وفرّطوا في ليبيا، وسوريا، ويتفرجون على ما يحدث في ساحاتنا العربية، ويتصارعون على الفراغ الموحش. ابتسم العربي وقال يائساً: ألا تعلم أنك لدولة عربية تطبِّق حكمة القرود الثلاثة “لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم” أو على الأقل تأخذ بمقولة عمِّنا جحا “ما دام بعيد عن (……..) خلاص!”. ملّ الشيطان وانفجرَ من بلادة هذا الذي أمامه، وأراد أن يغيِّر الموضوع فقال مازحاً: عندي لك خبر سيء.. فردَّ العربي بسرعة: وما هو؟ فقال الشيطان بخبث: لقد رفعت الريح دون قصدٍ أو سوء نيَّة فستان أختك بينما كانت تقف في طابور الخبز! هنا فقط استشاط العربي وأحمرَّت وجنتاه وصرخ مهرولاً: والله لأطخّها وأطخّه، صحيح بنت قليلة الحيا وعديمة شرف. ومن يومها. صار الشرف غالي يا بووي.. والهوى غلاب! محمد هجرس

مشاركة :