تعد لغات دول جنوب شرق آسيا الأقل ضرراً وتهديداً من بين اللغات العالمية المهددة بالانقراض. إذ تعيش اللغات المحلية في هذه المناطق في مأمن عن الخطر، إلا أنها في السنوات الأخيرة داهمها خطر الانقراض، وبدأت تفقد واحدة تلو الأخرى، بفعل عدة عوامل، منها غياب الوقفة الحكومية الصادقة للحفاظ عليها، كما أن حالة إحباط تصيب الناطقين باللغات المحلية نتيجة غزو وانتشار اللغات العالمية الكبرى.اليابان اللغة اليابانية في اليابان هي واحدة من اللغات الألطية، ولكن مع عدد هائل من الكلمات المستعارة من اللغة الصينية القديمة، وبعض التأثير من اللغات الأسترونيزية. وتعتبر لغة (الإينو) هي لغة (باليو- سيبيرية)- Paleo Siberian وهي لغة عزلة، ولكن حاول بعض اللغويين ربطها باللغات الألطية. وكان يتحدث بهذه اللغة على جزيرة هوكايدو في شمال اليابان، وعلى جزيرة ساخالين إلى الشمال منه، وعلى سلسلة جزر الكوريل التي تربط ساخالين مع شبه جزيرة كامتشاتكا في الشمال. وقد أصبحت لغة منقرضة على جزر الكوريل تقريباً في السنوات الأولى من القرن العشرين. وكانت مهملة رسمياً في هوكايدو حتى أواخر الثمانينات من القرن العشرين، عندما لم يكن هناك سوى ثمانية من المتحدثين كبار السن على قيد الحياة. ولكن بعد ذلك كان هناك تغير مهم ومنحى غير متوقع تجاه هذه اللغة، إذ تلقت دعماً قوياً من الناحية الرسمية وأنشئت مؤسسات تعليمية، وتم بناء متحف مدهش للغة (الإينو) في هوكايدو مع مدرسة لتعليم اللغة، وتم العثور على عدد كبير من شبه المتكلمين بها الذين كانوا يخشون من استخدام اللغة علانية، وتشجيعهم على استخدامها مرة أخرى. ومنذ ذلك الوقت فقد تعلم عدد من شباب لغة (الإينو)، وهو يبدو علامة إعادة إحياء هذه اللغة. تايوان من اللغات المحلية الثلاث والعشرين الأصلية التي يتم التحدث بها في تايوان، تعتبر سبع لغات مهددة بالانقراض، وست لغات منها في حالة احتضار، ولغة واحدة فقط في خطر. وقد انقرضت بالفعل ثلاث مؤخراً، في حين أن ثماني منها لا تزال تستعمل بشكل كامل، وخمس لغات انقرضت منذ وقت طويل. وكان السبب وراء انقراض اللغة الأسترونيزية وتعرضها للخطر في تايوان الضغوط التي مورست عليها من المتكلمين باللغة الصينية السائدة. حتى سنوات قليلة مضت، كانت المواقف والسياسات تجاه اللغات الأسترونيزية سلبية وغير مشجعة. ومع ذلك، في أقل عقد من الزمان، تحولت فجأة هذه المواقف تماماً، والآن يتم دعم اللغات من قبل السلطات. الفلبين توجد 165 لغة في الفلبين، 13 لغة منها مهددة و4 لغات انقرضت مؤخراً. هناك تسامح كبير تجاه اللغات الصغيرة، ولا يوجد متكلمون أحاديو اللغة من اللغات الأوروبية المهيمنة أو أي لغة عدوانية أو عدائية للغات الأخرى الآن. والخلاصة هي أن اللغات المهددة بالانقراض ضئيلة جداً ولا تكاد تذكر. المتحدثون باللغات الفلبينية الضخمة مثل اللغة (التجالوجية) (عشرة ملايين متحدث كلغة أولى وبين ثلاثين إلى أربعين مليون يتحدثها كلغة ثانية) معظمهم أحادي اللغة، ولكن عادة عندما يكون المتحدثون ثنائيي اللغة أو يتحدثون بضع لغات فإنهم ببساطة يضيفون اللغة التجالوجية إلى ذخيرتهم من اللغات دون فقدان لغتهم الأصلية. ماليزيا هناك حوالي 130 لغة في جزر ماليزيا مثل اللغة الساراواكية واللغة السابية في جزيرة بورنيو، وهي من اللغات (ماليبو- بولينيزيانية)- Malayo Polynesian. وتعتبر ثلاث فقط منها مهددة بالانقراض، على الرغم من أنه من المرجح جداً وجود المزيد من اللغات المهددة بالانقراض، وهناك واحدة منقرضة بالفعل. إندونيسيا هناك عدد كبير من اللغات في إندونيسيا- أكثر من 400 لغة (ماليبو- بولينيزيانية Malayo Polynesian) ونحو 240 لغة (بابوية)، ما يعني أكثر من 640 لغة محلية. اللغة الوحيدة المستخدمة في جميع الأغراض الرسمية والشعبية، وجميع الأنشطة التعليمية، وجميع وسائل الإعلام، هي الإندونيسية. لا يوجد قمع مباشر لأي لغة أخرى، كما هو الحال في حالات متكلمي أحادي اللغة المسيطرة أو المهيمنة المتروبوليتان، خصوصاً اللغات الأوروبية، ولغات أستراليا والأمريكتين... إلخ، ولكن هناك حالة إحباط للناطقين باللغات المحلية في عدة مناطق في إندونيسيا. ولأن لغة التعليم الوحيدة هي الإندونيسية، لذلك فإن الأطفال محمولون على الاعتقاد أنها هي أسمى اللغات أو متفوقة على لغاتهم الأصلية (اللغة الأم)، ومن ثم فهم يستعملونها في المنزل مع أفراد الأسرة الآخرين ويفضلونها على لغاتهم الخاصة، ما يجعل تلك اللغات معرضة للخطر المحتمل تدريجياً حتى تصبح مهددة بالانقراض. وما يلي هي حالة أو وضع تعرض اللغات للخطر في مناطق مختلفة من إندونيسيا تصل إلى سبع مناطق: كاليمنتان (جنوب بورنيو): من بين خمسين لغة في كاليمنتان يعتقد أن واحدة فقط معرضة للخطر، ولكن هناك القليل جداً المعروف عن وضع اللغات المهددة هناك، ولذلك محتمل أن يكون عدد أكبر بكثير معرض للخطر. سومطرة: من اللغات الثلاث عشرة في سومطرة، لا يوجد سوى لغتين مهددتين وواحدة ربما انقرضت بالفعل. أما باقي اللغات الأخرى فهي تعتبر لغات كبيرة وتتواجد بشكل جيد. جافا: لا توجد لغات معرضة للخطر في منطقة جافا. سولاويزي: هناك أكثر من 110 لغة في سولاويزي، منها 36 لغة مهددة، ولغة واحدة منقرضة. مالوكو: هناك أكثر من 80 لغة في منطقة مالوكو، منها 22 لغة مهددة و11 لغة منقرضة. منطقة تيمور فلوريس- MorFlores وبيما سومبا BimaSumba: من بين الخمسين لغة (الماليو- بولينيسيان)- MalayoPolynesian في هذه المنطقة توجد ثمان لغات مهددة بالانقراض ولا توجد أية لغات منقرضة. وهناك أيضاً تسع عشرة لغة (بابوانية) منها ثلاث على الأقل مهددة. في الوقت الحاضر فإن إقليم (تيمور) الشرقي أصبح مستقلاً. ولكن تم تضمينه جغرافياً لهذه المنطقة، وتوجد لغة واحدة على الأقل من اللغات البابوانية في خطر شديد أو في سبيلها للاندثار. منطقة غرب بابوا وجزيرة هالاماهيرا: من بين الخمسين لغة (الماليو- بولينيسيان) في هذه المنطقة توجد إحدى عشرة لغة مهددة بالخطر وواحدة منقرضة، ومن بين حوالي (250) لغة بابوانية هناك (56) لغة مهددة. بابوا غينيا الجديدة: هناك حوالي (820) لغة محلية في بابوا غينيا الجديدة وهذا يعتبر أكبر عدد من اللغات في أي منطقة ذات حجم مماثل في العالم كله. هناك عشرات الآلاف من المتكلمين بلغات قليلة جداً، ولكن عدد كبير جداً من اللغات الصغيرة واللغات الأصغر لديها بضع مئات من المتكلمين أو أقل كثيراً. حتى عقدين من الزمان أو نحو ذلك، كانت بابوا غينيا الجديدة منطقة فيها اللغات أقل عرضة للخطر، وكان متحدثو كل لغة، ولا يزالون فخورين بشدة بلغتهم التي يعتبرونها الرمز الرئيس لهويتهم العرقية. ولكن منذ أوائل السبعينات من القرن العشرين كانت هناك زيادة مطردة في عدد حالات الزواج بين المتحدثين بلغات مختلفة، وكثير منهم كانوا خارج تعدد اللغات التقليدي الذي كان منتشراً على نطاق واسع في البلاد. في هذه الحالات عادة ما كانت الأسرة هي اللغة (التوك بينية) وهي لغة اتصال بين السكان الأصليين وأيضاً لغة مشتركة يتحدث بها أكثر من 80 ٪ من أهالي بابوا غينيا الجديدة كلغة التواصل على نطاق كبير. وهذه اللغة تتصف بقواعد نحو معقدة مثل قواعد اللغة (الأسترونيزية) والعديد من الكلمات المشتقة من اللغة الإنجليزية. وبدأ الأطفال يتعلمونها كلغتهم الأولى وهنا يبدأ تدريجياً احتمال تعرضها للخطر. أيضاً يتم استخدام حوالي (30) لغة فقط كلغات رئيسة في التعليم ووسائل الإعلام، مما يقلل من أهمية العديد من اللغات الأخرى ولاسيما الصغيرة منها، في نظر السكان المحليين. وموقف الحكومة والسلطات إيجابي نحو جميع اللغات المحلية، ولكن هذا لا يساعد كثيراً في ظل هذه الظروف. ومن حوالي (240) لغة (بابوا- بوليتيسية) في بابوا غينيا الجديدة، توجد (35) لغة مهددة وثلاث منها منقرضة. هناك أيضاً نحو (580) لغة بابوانية منها أكثر من (40) لغة مهددة بالانقراض و(13) لغة انقرضت بالفعل. جزر سليمان (بما في ذلك أرخبيل سانتا كروز): في جزيرة سليمان تتخذ السلطات الحكومية وكبار المسؤولين وهم من نخبة المجتمع المتعلمة وتجيد اللغة الإنجليزية، تتخذ هذه النخبة موقفاً سلبياً من اللغات المحلية وهذا يعيق صيانتها. ولغة المبشرين والكنيسة تمارس نفوذاً كبيراً لدرجة أنها تهيمن على سائر اللغات المحلية الصغيرة. كذلك فإن (التوك- بيجي)- TokPijin وهي اللغة المشتركة المبنية على اللغة الإنجليزية تمارس ضغوظاً على اللغات المحلية الصغيرة. من بين (44) لغة (ماليبو- بولينيزيانية)- MalayoPolynesian في جزر سليمان، هناك (12) لغة مهددة ولغتان انقرضتا بالفعل. ولغة واحدة من عشر لغات بابوانية مهددة بالانقراض وثلاث لغات انقرضت تماماً. فانواتو: فانواتوهي (هيريديس) الجديدة سابقاً التي كانت تعتبر- Condomin إنجليزي- فرنسي، وهذا لم يساعد اللغات الصغيرة الكثيرة في فانواتو ومنذ استقلالها أصبحت اللغة المشتركة هي اللغة البيسلامية التي تقوم على اللغة الإنجليزية على غرار اللغة التوك بيزينية في بابوا غينيا الجديدة. وهذه اللغة أيضاً تمارس ضغوطاً على اللغات الصغيرة هناك. وكل اللغات الـ(110) تقريباً في فانواتو هي (مليو- بولينيسية) منها (33) لغة مهددة بالانقراض وثلاث لغات اندثرت مؤخراً. كاليدونيا الجديدة وجزر الولاء في كاليدونيا الجديدة، تعتبر اللغة الفرنسية هي اللغة السائدة، وهي لغة عالمية- Metropolitan أي يتحدث بها جميع المتكلمين باللغات الأحادية وكان لها تأثير مدمر في الحفاظ على اللغات المحلية. وحالياً يصل عدد السكان الأصليين إلى ستين ألفاً معظمهم لديه دراسة بلغة أو بضع لغات محلية. ومنذ بضعة عقود خلت حدث نوع من الصحوة القوية من الشعور بالهوية العرقية حيث تحسنت حالة اللغة وكذلك مواقف السلطات الفرنسية قد خففت وأصبحت متسامحة حيث قدمت بعض التنازلات، وفيما يتعلق باللغات الأخرى ومن الـ(33) لغة (ماليو- بولينيزية) MalayoPolynesian هناك (13) لغة مهددة بالانقراض، وانقرضت لغتان مؤخراً ولغة واحدة فقط يجري إحياؤها من جديد. فيجي وروتوما: لدى كل منهما لغتان (ماليو- بولينيسية) MalayoPolynesian تعملان بشكل جيد حتى الآن. ميكرونيزيا: توجد (22) لغة MalayoPolynesian منها ثلاث لغات مهددة بالانقراض وواحدة انقرضت بالفعل. من اللغات البولينيزينة، الماوري في نيوزيلندا والهاواي في هاواي، والرابا نوي في جزيرة الفصح، وقد أصبحت تلك الثلاث لغات مهددة منذ وقت قريب، وقد تم إحياء الثلاث لغات جميعاً الآن وهي تعمل بشكل جيد جداً، ولكن مستقبل هذه اللغات على المدى الطويل ليس واضحاً أو مؤكداً. في البداية كانت اللغة التاهيتية في الجزر تتراجع بسرعة قبل أو (بسبب) اللغة الفرنسية، وبخاصة في مدينة بابيتي عاصمة بولينيزيا الفرنسية، ولكنها انتعشت بقوة خلال العقد الماضي، والآن تهدد بدورها لغات بولينيزية أخرى في بولينيزيا الفرنسية، وبخاصة التواموتوان- Tuamotuan، ولغتين أخريين في جزر الأسترال، وبدأت الضغط على اللغة الماركينزانية- Maequesan. كما تواجد هناك (37) لغة ماليو- بولينيسية- MalayoPolynesian. من بينها سبع إلى تسع لغات أصبحت مهددة بالاندثار.
مشاركة :